الأبطال لا ينتحرون ...لـ : توفيق الحلاق
إعلامي سوري
[/ult_ihover_item][/ult_ihover]
كانت الساعة تجاوزت العاشرة ليلاً حين قرأت على صفحة أغلى السوريين على قلبي (داني قباني) عبارة خطيرة معناها أنه (انتحر) وكان من كتبها هو بمثابة ابني بكل مايعني ذلك من صدمة . وعلى الفور أحسست أني أختنق ولم أعد قادراً على التنفس. أغلقت باب الحمام . وصارعت الهواء ليدخل إلى صدري. كنت أتحشرج ونجوت من الإختناق بصعوبة. كنت لاأريد أن يعلم أحد من أفراد أسرتي بمعاناتي خصوصاً وأن ابنتي رانيا تزورنا بعد سنة،ونحن نحاول إسعادها بكل مانستطيع. هتفت لداني فلم يرد .كتبت له .لم يرد . كانت سيدة أمريكية رائعة اسمها جولي تتابع الحدث وكأنها أمه وتطلب من السوريين في تركيا الوصول إليه . وأنا تواصلت مع أصدقائي في استنبول ورجوتهم أن يتصلوا بمعارفهم في غازي عنتاب وأعطيتهم رقم هاتفه ولبعضهم عنوان بيته التي استطاعت جولي الحصول عليه . وبالطبع لم أنم لحظة واحدة حتى بدأت النقاط التي تسبق الكتابة تظهر على هاتفه . وبدأت أتنفس الصعداء حتى ظهرت الكتابة وكانت منه يعتذر عن تصرفه الخطير ويعزي السبب إلى وصول حالته النفسية إلى الحضيض لما يواجهه وعائلته الصغيرة وأهله في المعضمية من كوارث. داني قباني أيقونة الثورة والحرية والإبداع . وهوكان ولايزال جسر الثورة إلى العالم من خلال اللقاءات التي تجريها معه تلفزيونات ووكالات الأنباء العالمية باللغتين العربية والإنكليزية منذ كان في المعضمية وحتى خروجه الإجباري بالباص الأخضر إلى إدلب ومن ثم إلى تركيا. داني قباني وعائلته عاشوا مرارة الحصار والجوع والبرد في المعضمية ولم يتوانى مع ذلك عن ترجمة عشرات الفيديوهات عن أبطال الثورة السلميين التي كنت أرسلها له وهو تحت الحصار والقصف الهمجي اليومي .
واستمر على ذلك في ادلب وغازي عنتاب. هو بطلنا وابننا وأيقونتنا . وقد كتبت له بالحرف: (داني وقف قلبي شو القصة ماعم أفهم جاوبني ) .
وبعد ساعات القلق أجاب: (سلامة قلبك ريتو قلبي ولاقلبك وإنتي مايمسك سوء . أستاذي الغالي لأني تعبان وكاهلي مثقل .تراكمات العمر كلو والي عم يصير وإني مو قدران اعمل شي مسكرة بوجهي .أمانة سامحني ماكان لازم اكتب شي).
كتبت له أوف ألف ألف الحمد لله طلبت من كل اللي بعرفن بتركيا وكمان كانت سيدة امريكية عم تعمل نفس الشي طول الليل ، مو إنتي أبداً اللي بينهي حياتو بإيدو. إنتي بطل ورح تضل بطل حر وشريف . ماحدا من الأحرار الشرفاء مو جوعان وقلقان على سكنو ولقمتو وعيلتو . قدرنا هيك لأنو اختيارنا كان الحرية والحرية غالية . وطالما فينا عقل بنفكر وبنعتمد على الله وبننجح ).
أجابني الله يجبر خاطرك . وانشاء الله رح اتخطى الأمر .والله صار بها الكم ساعة برهنلي الخير اللي عند السوريين أمثالك )