تحت عنوان “يجب على أوروبا الوقوف مع تركيا بسبب جرائم بوتين في سوريا “.. سلط الكاتب البريطاني الضوء على المعاناة التي يعيشها السوريون بعد التدخل الروسي الذي سعى من خلاله الرئيس فلاديمير بوتين ليس الحفاظ على حليفه الأكثر إخلاصا بشار الأسد، ولكن أيضا استعادة النفوذ الإقليمي.
وقال الكاتب في مقال نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية: “الرئيس فلاديمير بوتين سعى إلى استغلال الاضطرابات في الشرق الأوسط لمحو الأعراف والتطورات الدولية في القانون الإنساني الدولي منذ الحرب العالمية الثانية، ولم يكن خلق الكارثة الإنسانية التي حولت حوالي 6 ملايين سوري إلى لاجئين نتيجة ثانوية لاستراتيجية الرئيس الروسي في سوريا، لقد كان واحدا من أهدافه المركزية”.
وأضاف أن الأسد هو الحاكم الأكثر وحشية الذي شهده العالم منذ جوزيف ستالين، عندما قام شعبه ضده، وضع إستراتيجية عسكرية تهدف إلى إلحاق أكبر ضرر ممكن بخصومه المدنيين، واستهدف عمدا المستشفيات والمدارس ورياض الأطفال، لقد استخدم الغازات السامة والهجمات الكيميائية على مدار الصراع الذي خلف أكثر من نصف مليون قتيل، وفي هذه الأثناء قدم له بوتين القوة الجوية التي بدونها لم يكن الأسد قادراً على تنفيذ استراتيجيته.
وفي مايو 2019 ، قصفت روسيا أربعة مستشفيات في 12 ساعة، وفي 26 فبراير 2020، وفقًا للأمم المتحدة ، تم استهداف 10 مدارس في يوم واحد بما في ذلك رياض الأطفال، يزعم مسؤولو الصحة المحليون أنه منذ إطلاق النظام السوري وحليفته الروسية الحملة لاستعادة إدلب في أبريل 2019 ، تم استهداف 49 منشأة طبية على الأقل، ويشير تحقيق آخر إلى أن العدد قد يصل إلى 60.
وبحسب الكاتب، فقد استهدفت روسيا 14 مخيماً على الأقل تحتجز المشردين داخلياً خلال النزاع في إدلب، في الأسابيع الأخيرة، تضاعفت الهجمات على المخيمات القريبة من الحدود التركية ، مما دفع بمئات الآلاف من الأشخاص في اتجاه الحدود التركية.
وهذا الأمر أصاب أنقرة بالذعر، مما دفعها إلى تشجيع اللاجئين الموجودين بالفعل على أراضيها على التوجه نحو أوروبا، وأدى هذا بدوره إلى أزمة اللاجئين على الحدود التركية مع اليونان.
وأشار المجتمع المدني السوري وجماعات حقوق الإنسان الدولية مرارًا إلى هذا الاستهداف المنهجي للمدنيين والبنية التحتية المدنية الأساسية، ولكن دون جدوى.
ونظرًا لأن روسيا عضو دائم في مجلس الأمن، فقد استخدمت حق النقض مرارًا وتكرارًا (14 مرة منذ بداية الحرب في سوريا )لعرقلة الجهود الرامية إلى المساءلة، ويشمل ذلك حق النقض، إلى جانب الصين، لقرار تدعمه 65 دولة وبقية مجلس الأمن كان يحيل جرائم الحرب المرتكبة في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
الحكومة الوحيدة التي أنشأت قوات عسكرية للدفاع عن المدنيين المحاصرين في إدلب على يد الأسد وحليفته الروسية هي تركيا، وقتلت الغارات الجوية التي قامت بها الطائرات الروسية (موسكو دورها) 34 جنديا تركيا في أواخر الشهر الماضي.
لكن تركيا لم تجرؤ على مهاجمة روسيا مباشرة لأن سلاح الجو الروسي أقوى من تركيا، وروسيا لديها أسلحة نووية وتركيا لا تملك، اختارت تركيا بدلاً من ذلك الانتقام من قوات الأسد باستخدام الطائرات العسكرية بلا طيار، هكذا تخلص بوتين من العقاب على القتل.
في عام 2014، حثثت أوروبا على أن تستيقظ على التهديد الذي تمثله روسيا لمصالحها الاستراتيجية، وكان ذلك في سياق وجغرافيا مختلفة، لقد غزت روسيا أوكرانيا علمًا أن أوروبا ستسعى لتجنب أي مواجهة مع موسكو.
ومع ذلك، ما يحدث في إدلب الآن يتبع نفس النمط، أوروبا تتجنب المواجهة مع روسيا بشأن سياستها تجاه سوريا عندما ينبغي أن تقف في وجهها، ومن خلال التركيز على أزمة اللاجئين التي خلقتها روسيا، فإن أوروبا تعالج الأعراض وليس السبب.
وأوضح الكاتب، أنه يجب على أوروبا التي وضعت قيودًا على الحد من تدفق اللاجئين الاعتراف بأن تركيا تحملت بالفعل وطأة إسكان ملايين السوريين النازحين من بلادهم، تركيا تضم بالفعل 3.5 مليون لاجئ سوري في أراضيها، ولا يمكن أن يستوعب الملايين الإضافية التي يدفعها السيد الأسد وبوتين نحو حدوده.
واختتم الكاتب مقاله بالقول :” لذلك يتعين على أوروبا أن تسعى لتعزيز موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التفاوضي مع بوتين في محاولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار من شأنه الحفاظ على منطقة آمنة في إدلب للاجئين السوريين، وآمل أن يضع هذا جرائم الحرب التي ارتكبها السيد بوتين في مركز الحوار الأوروبي”.