السودان.. مخاوف بشأن آلاف المحاصرين في الفاشر

تقارير عن فظائع وانتهاكات بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة.. وناجون يروون رحلة الهروب تحت وابل الرصاص

تزايدت المخاوف على آلاف المحاصرين في مدينة الفاشر بالسودان مع تمكن أعداد محدودة فقط من الوصول إلى مناطق الأمان، عقب سيطرة ميليشيا قوات الدعم السريع شبه العسكرية على المدينة، وفق ما ذكرته وكالة أسوشييتد برس نقلًا عن منظمات إغاثية يوم الأحد.

Sudanese men who fled el-Fasher city, after Sudan’s paramilitary forces killed hundreds of people in the western Darfur region, collect water at a camp in Tawila, Sudan, Saturday, Nov. 1, 2025. (AP Photo/Mohammed Bakry)

فقد تمكن عدد قليل من السودانيين من الوصول إلى أقرب مخيم للنازحين خلال الأيام التي تلت سقوط المدينة، ما أثار قلقًا متزايدًا على عشرات الآلاف الذين قد يكونون ما زالوا عالقين، حيث تحدث ناجون عن عمليات قتل وانتهاكات مروعة، بحسب ما أكدته إحدى منظمات الإغاثة.

وكانت ميليشيا قوات الدعم السريع قد سيطرت على إقليم دارفور الغربي الأسبوع الماضي، بعد أن أطاحت بالجيش السوداني المنافس من المدينة التي خضعت لحصار دام 18 شهرًا. ومنذ ذلك الوقت، انتشرت تقارير ومقاطع مصورة توثق فظائع ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق المدنيين، تضمنت الضرب والقتل والاعتداءات الجنسية، وفقًا لشهادات مدنيين وعمال إغاثة. وقد ذكرت منظمة الصحة العالمية أن عدد القتلى في المستشفى وحده بلغ ما لا يقل عن 460 شخصًا.

وأفادت وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة يوم الأحد بأنها تُقدّر نزوح أكثر من 8000 شخص من الفاشر خلال يومي السبت والأحد، مشيرة إلى أن إجمالي عدد النازحين منذ سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة بلغ 70,894 شخصًا.

غير أن أقل من 6000 منهم تمكنوا من الوصول إلى أقرب مخيم في تويلة، الذي يبعد نحو 65 كيلومترًا (40 ميلًا)، بحسب ما صرّح به شاشوات سراف، مدير المجلس النرويجي للاجئين في السودان، وهي الجهة التي تدير المخيم.

وأوضح سراف أن نحو ألف شخص فقط وصلوا خلال الأيام الثلاثة الماضية، مضيفًا:

“الأعداد ما زالت قليلة جدًا. لا نرى مئات الآلاف الذين كنا نتوقعهم. وإذا كان الناس ما زالوا في الفاشر، فسيكون من الصعب جدًا عليهم البقاء على قيد الحياة”، حسب تصريحه لوكالة أسوشييتد برس عبر الهاتف من تويلة.

ناجون يروون كيف تفادوا المسلحين أثناء فرارهم من الفاشر

مثّل سقوط الفاشر منعطفًا جديدًا في الحرب الدائرة بين ميليشيا قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، والتي اندلعت في أبريل/نيسان 2023. ووفق تقديرات الأمم المتحدة، فقد قُتل أكثر من 40 ألف شخص، بينما تؤكد منظمات الإغاثة أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير. كما تسببت الحرب في نزوح أكثر من 14 مليون شخص، وتفشي الأمراض التي أودت بحياة الآلاف.

وقال سراف: “نشعر أن كثيرين عالقون في أماكن لا يستطيعون التحرك منها بأمان، كما أنهم يحتاجون إلى دفع المال للانتقال، لكنهم لا يملكون المال الكافي لذلك”.

وروى الناجون الذين قطعوا الطريق سيرًا على الأقدام تفاصيل مروعة عن اضطرارهم لتفادي إطلاق النار أثناء محاولتهم الفرار من المدينة.

وأضاف سراف: “الأشخاص الذين يصلون إلى المخيم غالبًا ما يكونون في حالة ذهول وجفاف، وتنتشر الكدمات على أجسادهم. أحيانًا لا يتذكرون حتى أسماءهم، ويُضطر إلى نقلهم إلى المستشفى لإعطائهم سوائل وريدية”.

وأشار أيضًا إلى أن نحو 170 طفلًا غير مصحوبين بذويهم – بعضهم لا يتجاوز الثالثة من العمر – تمكنوا من الوصول إلى تويلة دون أن يعرفوا مكان عائلاتهم، وقد جاءوا برفقة أطفال أكبر أو بالغين لا تربطهم بهم صلة قرابة.

مسؤول سوداني يتهم الإمارات بدعم “منظمة إرهابية”

في مؤتمر صحفي عُقد يوم الأحد، اتهم سفير السودان في القاهرة عماد الدين مصطفى العدوي قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب في الفاشر.

Sudan’s ambassador in Cairo, Imadeldin Mustafa Adawi

وقال العدوي إن حكومته لن تتفاوض مع قوات الدعم السريع، داعيًا المجتمع الدولي إلى تصنيفها كـ”منظمة إرهابية”.

وأضاف: “تدعو حكومة السودان المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري والفعّال بدلًا من الاكتفاء بإصدار بيانات الإدانة”، حسب قوله.

كما جدّد العدوي اتهامات حكومته لدولة الإمارات العربية المتحدة بتسليح قوات الدعم السريع، مؤكدًا أنه لا ينبغي للدولة الخليجية أن تشارك في أي جهود وساطة.

وكانت الإمارات قد دعمت ميليشيا قوات الدعم السريع وعارضت الجيش السوداني، مشيرة إلى علاقاته بالقوى الإسلامية التي تعارضها أبوظبي منذ زمن طويل، فيما نفت الإمارات هذه الاتهامات رغم وجود أدلة تشير إلى عكس ذلك.

وعندما سُئل الدبلوماسي الإماراتي البارز أنور قرقاش في وقت سابق من اليوم نفسه عن دعم بلاده لقوات الدعم السريع، لم يُجب مباشرة، وذلك أثناء مشاركته في حوار المنامة الأمني السنوي في البحرين. وقال إن المجتمع الدولي ارتكب “خطأً فادحًا” بدعمه كلًا من قائد الجيش الجنرال عبد الفتاح البرهان ومنافسه قائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عندما أطاح الجيش بالحكومة المدنية المدعومة من الغرب عام 2021.

وقال قرقاش: “لقد ارتكبنا جميعًا الخطأ عندما أطاح الجنرالان اللذان يخوضان الحرب الأهلية اليوم بالحكومة المدنية. كان ذلك، برأيي، بالنظر إلى الوراء، خطأً فادحًا. كان علينا أن نضع حدًا لذلك – جميعنا مجتمعين”.

وأوضح أن الإمارات تدعم وقفًا إنسانيًا لإطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر، تتبعه مفاوضات بين الطرفين وتشكيل حكومة انتقالية مدنية خلال تسعة أشهر.


وتزايدت المخاوف من أن تسعى قوات الدعم السريع إلى توسيع حملتها العسكرية نحو وسط البلاد مجددًا، بعدما تمكنت من السيطرة على كامل إقليم دارفور.

وقالت شبكة أطباء السودان، وهي مجموعة طبية تتابع مجريات الحرب، يوم السبت إن 12 شخصًا قُتلوا – بينهم خمسة أطفال على الأقل – في هجمات شنتها قوات الدعم السريع على مخيمين للنازحين في إقليم كردفان الأوسط.


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية