فيدان للانفصاليين في سوريا: إذا اتجهتم نحو التقسيم فسنتدخل

وزير الخارجية التركي قال عن الشيخ الدرزي حكمت الهجري إنه يتصرف كوكيل لإسرائيل وقد أبدى موقفاً رافضا لأي حل من شأنه أن يسهم في الاستقرار والسلام

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن بلاده ستتدخل في حال اتجهت الأطراف الانفصالية في سوريا إلى التقسيم، وستعتبر ذلك تهديدا للأمن القومي التركي.

تصريحات فيدان جاءت في مؤتمر صحفي، الثلاثاء، عقده مع نظيرته السلفادورية ألكسندرا هيل، في مقر الخارجية التركية بالعاصمة أنقرة.

وجدد أن تركيا تعارض بشدة انتهاك وحدة أراضي سوريا ووحدتها السياسية، مؤكدا أن أمن وإدارة البلاد هي مسؤولية الحكومة المركزية السورية.

وأكد على الأهمية البالغة من هذه المرحلة فصاعدا، على الالتزام التام من جميع الأطراف بوقف إطلاق النار الشامل المعلن في السويداء، وإنهاء الاشتباكات تماما، وحماية المدنيين، وضمان محاسبة المسؤولين، ودعم جهود أجهزة الأمن السورية بهذا الاتجاه، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون انقطاع أو عوائق إلى المحتاجين.

وأشار أن تركيا قدمت الدعم لتخفيف آثار الأزمة الإنسانية، لافتا إلى بدء عمليات تبادل الأسرى والجثامين، وأن بلاده لن تسمح بعرقلة هذه الجهود.

وشدد على أنه ينبغي على كافة الأطراف في سوريا التركيز على تعزيز السلام الاجتماعي، والتصدي لخطط إسرائيل الخبيثة.

وأوضح أن التطورات الأخيرة في سوريا دفعت المجتمع الدولي إلى حالة من التأهب في بعض النقاط.

وأضاف أن سوريا شهدت تحولا مفصليا منذ 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حيث فُتح أخيرا باب أمل يمكن فيه ضمان سيادة الأغلبية، وتحقيق السلام، ووحدة الأراضي، وأمن البلاد، بعد سنوات طويلة من الفوضى.


وأفاد أن تركيا بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، نفذت دبلوماسية مكثفة على المستويين الإقليمي والدولي، إذ اتفقت العديد من الجهات الفاعلة، بما في ذلك الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والجهات الإقليمية، على إعطاء فرصة لسوريا الجديدة والتعاون معها في مجالات عديدة.

ولفت أن ثمة جهات في المنطقة لا تريد لسوريا أن تصبح قريبا بلدا موحدا، يمارس سيادته، ويطور اقتصاده، ويعيد مواطنيه اللاجئين، ويعيد بناء بنيته التحتية، ويصبح بلدا قويا ومستقرا، وفي مقدمتها إسرائيل.

وأشار فيدان أن إسرائيل تتبع هذه الاستراتيجية ليس فقط تجاه سوريا، بل تجاه جميع جيرانها في المنطقة، مؤكدا على أهمية أن تتراجع عن هذه الاستراتيجية قبل فوات الأوان.

وأوضح أن استراتيجيات إسرائيل من أسوأ الخطوات التي يمكن اتخاذها لأمن الدولة.

وأضاف: “إبقاء من حولك في الفوضى من أجل الحفاظ على أمنك ليس خطوة جيدة حتى لبلدك”.

ولفت ن الحرب المستمرة في سوريا منذ سنوات طويلة جعلت حياة السوريين المجتمعية تعاني من مشكلات خفية وعرقية.

وأردف أن المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا ودول المنطقة والجامعة العربية ودول الخليج جميعهم متفقون على إنشاء سوريا شاملة لجميع السوريين تضمن فيها أمن الناس والممتلكات.

وأكد فيدان أن إسرائيل لم تتوقع أن تحظى سوريا بدعم المجتمع الدولي، قائلا “عندما رأت أن سوريا، التي كانت تتوقع أن تغرق في الفوضى من تلقاء نفسها، تنجح في الخروج من الفوضى بدعم دولي، شعرت بالحاجة إلى التدخل فورا، ووضعت خطة باستخدام الدروز كذريعة”.

وشدد أن تركيا ودول المنطقة لا يمكنها البقاء صامتة تجاه تصرفات إسرائيل.

وأضاف: “هناك جهود تُبذل بهذا الاتجاه. النزاعات بين الدروز والبدو في الجنوب لا يمكن إنهاؤها إلا بوجود عناصر من الحكومة المركزية في تلك المنطقة.

وأوضح أنه من غير الممكن للدروز والبدو أن يواجهوا “دوامة العنف” هذه بمفردهم، وبينما يُنتظر من الحكومة المركزية أن تتدخل دون انحياز، نرى أن إسرائيل تقصف دمشق وتقصف القوات المتجهة إلى هناك بحجة أنها لا تريد وجود جنود من الحكومة المركزية في المنطقة”.

وأشاد فيدان بجهود المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا وسفير واشنطن في أنقرة توماس باراك، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، لحل الأزمة.

وأضاف أن “ممثلي القبائل في المنطقة، خاصة البدو والدروز، لعبوا دورا بنّاءً للغاية في الاجتماع الذي عُقد في الأردن. باستثناء شخصية درزية واحدة فقط، هو حكمت الهجري”.

وعن الشيخ الدرزي حكمت الهجري، قال فيدان: “يتصرف كوكيل لإسرائيل، وقد أبدى موقفا رافضا لأي حل من شأنه أن يسهم في الاستقرار والسلام”.

وقال فيدان إن النزاعات الصغيرة مستمرة، لكن عناصر الحكومة المركزية تمركزت خصوصًا حول السويداء، واتخذت خطوات لتهدئة الاشتباكات.

وأعرب عن أمله في أن تكون هذه الأزمة هي الأخيرة من نوعها، وألا تشتعل النزاعات في الجنوب، مضيفا “عندما يحدث شيء في الجنوب، نرى أن فلوا النظام السابق تتحرك لتحريض العلويين السوريين الشرفاء هناك. ومن جهة أخرى، نرى أن تنظيم (واي بي جي) يتحرك على الفور”.

ولفت أن بعض الدول تهدف لتقسيم سوريا إلى 4 أجزاء على الأقل، وخلق بيئة غير مستقرة وضعيفة تنتج مزيدًا من الهجرة الجماعية والإرهاب والجريمة في المنطقة.

وأعرب عن أمله في تمكنهم من منع تنفيذ هذه السياسة، وتحقيق حياة كريمة تُضمن فيها الاستقرار والسيادة والأمن للجميع.

وخاطب فيدان الأطراف الانفصالية في سوريا قائلا: “لا تتعاملوا مع هذا النوع من الفوضى على أنه فرص صغيرة وتكتيكية بالنسبة إليكم”.

وأضاف: “تذكروا دائمًا أنكم تسيرون نحو كارثة استراتيجية كبرى. لا تنسوا أبدا أنه لا يمكن أن تجنوا فائدة من لعبة وضعها الآخرون، اسعوا لأن تكونوا أفرادا ينتمون إلى أرضهم، يعيشون بكرامة ومساواة وأمان”.

وتابع: “لا تكونوا أصحاب منظور يسعى إلى انتزاع حكم ذاتي أو استقلال من فوضى أُسِّست على الدم، وأُنشئت بمساعدة الآخرين، ومستعدة لحرق وتدمير كل شيء في سبيل تحقيق ذلك”.

وأكد فيدان أن المسار الذي تتبعه بعض الجماعات في سوريا لن يحقق أي نتيجة، مشددا أن الوقت هو وقت الاندماج والتمسك بالحياة من خلال الحفاظ على الهوية والمعتقد.

ولفت أن الأوان قد حان للتخلي عن الأفكار التي بدأت بالتكوّن في القرنين الـ18 والـ19، والتي أُريقت بسببها الكثير من الدماء، وعفا عليها الزمن، وما زالت تُستخدم كأيديولوجيا من قبل القوى المهيمنة على هذه الأرض، وكإشارة لتحريك العناصر الوكيلة.

وحذر تلك العناصر قائلا “إذا لم تتخلوا عن هذا النهج، فنحن نعرف كيف نجبركم على التخلي عنه”.

وأوضح أن إسرائيل تسعى إلى تعطيل جميع الجهود المبذولة لإرساء السلام والاستقرار والأمن في سوريا.

وأضاف: “نظرا لعدم رغبتها في رؤية دولة مستقرة في جوارها، فإن إسرائيل تسعى إلى تقسيم سوريا”.

وأشار وزير الخارجية التركي إلى أن إسرائيل تسعى لإضعاف منطقتها تدريجيا وإبقائها في حالة من الفوضى.

وأردف: “تابعنا جميعا التطورات عن كثب خلال الأسبوع الماضي. كنا مهتمين للغاية بالتطورات في جنوب سوريا منذ البداية. اتخذت الأحداث بعدا جديدا مع تدخل إسرائيل بذريعة حماية الدروز”.

وأكمل: “على مدى الأشهر السبعة الماضية، أبدت دول المنطقة، وكذلك الولايات المتحدة والدول الأوروبية، نهجا بناء لدعم الشعب السوري”.

واستطرد: “لا ينبغي لأي مجموعة أن تسعى للتقسيم. لدينا الكثير لمناقشته دبلوماسيا. كل شيء قابل للنقاش ونتناقش مع جميع الأطراف والجهات. لكن إذا تجاوزتم ذلك وحاولتم التقسيم وزعزعة الاستقرار بالعنف، فسنعتبر ذلك تهديداً مباشرا لأمننا القومي وسنتدخل”.

ومضى قائلا: “تحدثوا عما تريدون، إلا التقسيم. قدموا ما لديكم من مطالب. سنساعدكم بكل ما نستطيع، لكن إذا تجاوزتم ذلك، فلن نظل تحت التهديد”.

وأوضح فيدان أن المجتمع الدولي بأسره والجهات الإقليمية الفاعلة تسعى جاهدة لضمان ألا تكون سوريا حاضنة للإرهاب أو مصدرا للهجرة غير النظامية.

وأكد أن تركيا تكافح بلا كلل منذ سنوات لإنهاء جميع الصراعات والحروب في المنطقة وإرساء الاستقرار.

وذكر أن “تركيا من أكثر الدول تضررا من المشاكل الإقليمية والإرهاب. ومع ذلك، نسعى إلى جعل الاستقرار رؤية استراتيجية لنا”.


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية