ماسك يُطلق “حزب أمريكا”: تحدٍ لترامب والثنائية الحزبية

أعلن الملياردير إيلون ماسك عن تأسيس “حزب أمريكا“، وهو كيان سياسي جديد قد يُحدث تحولًا جذريًا في المشهد السياسي الأمريكي الذي ظل خاضعًا لهيمنة الحزبين الجمهوري والديمقراطي لأكثر من 150 عامًا.


جاء الإعلان في 5 يوليو/تموز 2025، عقب استطلاع رأي أجراه ماسك على منصته “إكس”، أظهر أن 65% من المشاركين – أي ما يقارب 1.25 مليون شخص – يؤيدون فكرة تأسيس حزب ثالث، بنسبة تأييد بلغت اثنين إلى واحد.
هذا الدعم الكبير دفع ماسك للإعلان رسميًا عن تأسيس الحزب، مؤكدًا أنه يهدف إلى “إعادة الحرية للأمريكيين” وتحدي ما وصفه بـ”نظام الحزب الواحد” الذي يُفقر البلاد عبر الهدر والفساد.

في منشور سابق، انتقد ماسك الحزب الجمهوري بقيادة دونالد ترامب، واصفًا إياه بـ”حزب الخنازير”، معبرًا عن استيائه من تصاعد الإنفاق الحكومي، وملوحًا بالحاجة إلى إنشاء بديل سياسي يواجه هيمنة ترامب وسياساته.


يعتمد النظام الانتخابي في الولايات المتحدة على مبدأ “الفائز يحصل على كل شيء” (Winner-Takes-All)، وهو ما يجعل بروز أحزاب ثالثة أمرًا بالغ الصعوبة نتيجة تشتت الأصوات، حيث يفوز بالمقعد المرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات في كل دائرة انتخابية. ومع ذلك، فإن حزبًا جديدًا يتمتع بتمويل ضخم واهتمام إعلامي واسع، مثل الحزب الذي أعلنه ماسك، قد يتمكن من كسر هذا النمط من خلال جذب دعم من أنصار كلا الحزبين التقليديين، خصوصًا في الدوائر المتقاربة. هذا بدوره قد يدفع الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى مراجعة برامجهما السياسية للحفاظ على شعبيتهما ومواقع نفوذهما.

أشار ماسك إلى أن “حزب أمريكا” سيركز في البداية على دعم مرشحين مستقلين في انتخابات الكونغرس المقبلة، بهدف تقديم بديل سياسي يعزز الحريات الفردية ويقلص من البيروقراطية الحكومية، مع التركيز على تمثيل “80% من أبناء الطبقة المتوسطة”، الذين غالبًا ما يتم تجاهلهم في السياسات الحالية.

يأتي تأسيس الحزب في ظل تصاعد الخلافات بين ماسك والرئيس دونالد ترامب، بعد علاقة تحالف استمرت لفترة. فقد سبق لماسك أن دعم حملة ترامب الانتخابية في عام 2024 بمبلغ تجاوز 275 مليون دولار، وساهم في صعوده من خلال التأثير المباشر على خوارزميات منصة “إكس”، التي تم تعديلها لتعزيز حرية التعبير ودعم الأصوات المحافظة، بما في ذلك ترامب نفسه. كما عُيّن ماسك لاحقًا مستشارًا في البيت الأبيض، حيث ترأس “هيئة الكفاءة الحكومية” لمدة 130 يومًا، بهدف خفض الإنفاق الفيدرالي بمقدار تريليوني دولار، إلا أن النتائج الفعلية اقتصرت على تقليص الإنفاق بنسبة 0.5% فقط.

لكن العلاقة بين الطرفين سرعان ما تحوّلت إلى عداء مفتوح بعد توقيع ترامب على قانون الميزانية والضرائب في يوليو 2025، والذي رفع سقف الدين العام الأمريكي بمقدار 5 تريليونات دولار، وزاد الإنفاق الفيدرالي بشكل كبير، وهو ما اعتبره ماسك “تدميرًا ممنهجًا” و”عبودية ديون”. ووصف القانون بأنه يُقوّض كل محاولات الإصلاح ويعيد البلاد إلى دوامة الإفلاس.

وفي سياق تصاعد التوتر، لمح ماسك إلى وجود علاقة مشبوهة بين ترامب والراحل جيفري إبستين، الأمر الذي أثار ضجة كبيرة، بينما رد ترامب بتهديدات مباشرة، أبرزها إمكانية قطع الدعم الفيدرالي عن شركات ماسك مثل “تسلا” و”سبيس إكس”، مشيرًا إلى أن هذا الدعم هو ما أبقى تلك الشركات بعيدة عن الإفلاس.

في حال تمكن “حزب أمريكا” من جذب قاعدة دعم شعبية واسعة، فقد يدعو إلى إصلاحات جذرية في النظام الانتخابي الأمريكي، بما في ذلك اعتماد نظام “التصويت التفضيلي”، الذي يفتح المجال أمام التعددية السياسية ويمنح الناخبين فرصة للاختيار بين طيف أوسع من المرشحين دون القلق من تشتت الأصوات. هذا المشروع، بالنسبة لماسك، ليس مجرد مبادرة رمزية أو خطوة تسويقية، بل محاولة جدية لإعادة تشكيل قواعد اللعبة السياسية في الولايات المتحدة.


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية