في هجوم إرهابي هو الأعنف في العاصمة السورية منذ إسقاط النظام السابق، استهدف انتحاري كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس في حي الدويلعة بدمشق، مساء الأحد 22 حزيران/يونيو 2025، ما أسفر عن مقتل 25 مدنيًا على الأقل وإصابة 63 آخرين بجروح متفاوتة، وفق ما أعلنت وزارة الصحة السورية.
وقالت وزارة الداخلية في بيان رسمي إن “انتحاريًا يتبع لتنظيم داعش الإرهابي دخل الكنيسة أثناء إقامة قداس الأحد، وأطلق النار من سلاح خفيف، قبل أن يفجّر نفسه بواسطة سترة ناسفة”، مشيرة إلى أن الوحدات المختصة باشرت التحقيقات وجمع الأدلة.
روايات شهود عيان أوردتها عدة وسائل إعلام دولية ومحلية، أكدت أن المهاجم استغل توقيت وجود العشرات من المصلين داخل الكنيسة، وفتح النار بشكل عشوائي قبل تنفيذ التفجير، وسط حالة من الذعر والفوضى.
فرق الدفاع المدني والإسعاف هرعت إلى المكان، وبدأت بإخلاء الضحايا ونقلهم إلى المستشفيات. وفرضت قوات الأمن طوقًا مشددًا حول موقع الهجوم، في حين لا تزال التحقيقات جارية لتحديد هوية المنفّذ ومعرفة ما إذا كان هناك شركاء له.
أعلنت الرئاسة السورية الحداد الرسمي لثلاثة أيام، وتنكيس الأعلام في جميع المؤسسات، فيما وصفت الجريمة بأنها “استهداف ممنهج لمدنيين عُزّل داخل دور عبادة”.
الهجوم استدعى ردود فعل دولية وعربية واسعة؛ فقد أدان المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، الهجوم بأشد العبارات، داعيًا إلى تحقيق شامل، ومؤكدًا ضرورة حماية دور العبادة ورفض العنف بجميع أشكاله.
الولايات المتحدة، من جهتها، أدانت الهجوم وعبّرت عن تضامنها مع أسر الضحايا، مؤكدة دعمها لسوريا في مواجهة من يسعون إلى زعزعة الاستقرار. كما أصدرت دول عدة، منها ألمانيا، فرنسا، السعودية، قطر، تركيا، والإمارات، بيانات إدانة صريحة، شددت فيها على رفض استهداف المدنيين وأماكن العبادة، وعلى أهمية تعزيز الأمن المجتمعي في البلاد.
هذا التفجير لم يكن مجرّد حادث إرهابي عابر، بل هو مؤشر على أن الجماعات الإرهابية لا تزال تحتفظ بقدرات تنفيذية قادرة على ضرب قلب العاصمة، مستهدفة المدنيين في أكثر الأماكن قداسة وأمانًا. العملية تكشف هشاشة الواقع الأمني في سوريا الجديدة، وتُبرز التحديات الجدية التي تواجه الأجهزة الأمنية في حماية المواطنين ومقدساتهم.
في وقت تسعى فيه سوريا إلى إعادة بناء الدولة وتعزيز الاستقرار بعد إسقاط النظام البائد، يطرح هذا الهجوم أسئلة جذرية عن جدوى الإجراءات الأمنية المتخذة وقدرتها على مواجهة الإرهاب المنظم. كما يسلط الضوء على ضرورة تكثيف التعاون الإقليمي والدولي لاحتواء الخلايا النائمة ومنع أي محاولة لاستغلال الفوضى لاستمرار العنف.
التفجير هو اختبار حقيقي لمصداقية سوريا الجديدة في الحفاظ على أمن وسلامة مواطنيها، ويدعو إلى مراجعة استراتيجية الأمن الداخلي بما يضمن حماية الأماكن الدينية والمدنيين على حد سواء، في مواجهة خطر لا يزال قائمًا.