وعاد الذين استراحوا قليلاً
وكنتُ أخيط لشعرك شالاً
من الزيزفونِ
ثلاثين عاماً
صعدتُ إليكِ
وما زال شعرك درباً طويلاً..
وكنتُ أعدُّ ليوم البكاء
جذور الدموعِ
وكنتُ أعلِّمُ صمت الشوارعِ
توت الكلامِ
وكيف إذا جئتِ يغدو هديلاً..
وكنا على البُعدِ نمشي إلينا
وحين التقينا
نسينا..
لماذا أردنا الوصولا!..
يعود الذين استراحوا
ووجهي
كوجهكِ
ينضحُ زيتاً
وقلبي كقلب غريبٍ
يضيء بعمق الظلام البعيد فتيلاً
ويذوي قتيلاً..
***
لأنك أحلى
رفعتُ السكوت على باب بيتي
سماءً
ونمتُ بحضن الشوارعِ
طفلاً جميلاً..
لأنك أعلى
مشيتُ إليكِ
ينابيع وجدٍ
تَصَاعد من كبرياءٍ
تيتَّمَ
بعد القفول من الذكرياتِ
وبعد انطفاءِ احتمال الرسولِ
وأنّى لمكةَ
تنجب بعد رحيل النخيل الأخير
رسولاً!..
جماهير حزنٍ
تجوب مرافئ عينيَّ
بحثاً
عن الباقياتِ
وعن هانبالٍ قديمٍ.. جديدٍ
يقود افتراض الخيولِ
ونعرفُ
أنَّا على باب قرنٍ
تورَّطَ في رقصات الفراشِ
طردنا الخيولا!..
لماذا نريد حقولاً
ونحن بساعة يأسٍ
قتلنا الحقولا!..
لماذا نريد صباحاً
ونحن.. على كاهل الضوءِ
نلقي فراغاً ثقيلاً!..
لماذا نفتش عن أيّ شيءٍ؟
ولا شيءَ يمكنُ
لا شيء يأتي
وفي القدسِ
في العرسِ
في كل بيتٍ
يعيش العويلُ
ولا شيء كي تستمرَّ الحياةُ
سوى
أن تعيش.. نظيفاً.. عميلاً!..
هو الطينُ
لكنَّ شيئاً تغيَّرَ
في المحتوى
هو الحبُّ
لكنَّ خيطاً تقطَّعَ
في كربلاءْ
وطال النوى..
لعينيكِ هذا الطلوع البهيُّ
وهذا الفناءْ
وهذا الهوى..
لعينيكِ
أمشي طويلاً طويلاً
إلى ما نشاءْ
وشاء الغِوا..
لعينيكِ
لكنَّ شيئاً سيشرب هذا التألقَ
حتّى البكاءْ
وحتى نضيع كنهرٍ قديمْ
سلاماً
لأنَّ السديمَ
سيأكل وجه القمرْ
سلاماً
لأنَّ السماء ستمطرُ
لكنْ رصاصاً
سلاماً..
لأنكِ
أنتِ
المطرْ..