مدن الأشياء … لـ: حسين جرود

حسين جرود
شاعر سوري

أحاولُ أن لا أكتئبَ

أن لا أكتبَ

أن لا أرسلَ مزيدًا من الطيورِ

خلفَ الأفقِ

لديَّ لعنتي

وأداريها فقط كي لا تنطفئ

*

يحمل البشرُ أسماءهم

يختبرونَ أيامهم

ويبيعونَ أحلامهم

في دكاكين مخلوعةِ الباب

كتفُ النصِّ تدلَّت

فوق رقْبة الضحية

*

لأننا نكره الكذب

بل لأننا محترفون فيه

يلتصقُ بجلودنا

ويمنعنا من التنفُّس

يرسمُ ضحكاتنا

ويرسلُها صفراءَ في الريح

*

لأننا عبيد أمنيات

لأننا العبيدُ في الحياة

تغدو الأمنية

معجزةً صغيرةً وشجرة

تغدو الأمنية

صخرةً كبيرة

نحملُها للزينة

ونحن نمضي إلى المجزرة

*

لأننا كلاب

لا نفهمُ الخراب جيدًا

بل نتقنُ السباب

علَّمتنا الحربُ أسماءَ البشر

مدنَ الأشياء

ميعادَ المواليد

وأفياءَ الزهَر

ثم في لحظةٍ نسفَتْها

*

لأننا جدران

حاربنا الجدران طويلًا

ووصلنا إلى الضياء

سالمين

عرفنا أننا نسينا جزأنا

المعجون من ماءٍ وطين

وحملنا الإسمنت

في قلوبنا

ومضينا هازئين

بالحبِ

نعرف فنَّ العومِ في الزمان

وأن عوامل التعرية

تستغرقُ آلافَ السنين

*

لأننا حمير

نسير في ذا الدرب واثقين

لم نترك علاماتٍ كثيرة

إنه الدرب بنا لا بالشهودْ

إنه منا وإن غابَ نشيدْ

إننا بالدرب غارقون

إن مضى اليوم

وإن غابتْ حدودْ

كل ما في الأرض يستوقفُنا

مثلما كنا وإن عُدْنا يعودْ



يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية