عنّين العائلة الأخير … لـ: حسان عزت

حسان عزت
شاعر سوري

الجائحةُ
تتوّج عمرَها بخطواتٍ
لا تُرى
بسعالٍ تراكمَ في سنوات
ولا عصور
كورونا على مدى الأرض
ومازالَ الوباءُ يتفسّخ
مثل تاج الإمبراطورية الفارط
دولاً ومصانع ومطارات وبشراً في الحجر والمنافس
وكوفيد سيد قرارِ الكوكبِ وحاكمِ أمره

العائلة بآخرِ نياشين ومانطويات
وثآليل وجهجهان حارسِها الأخير
ولا يعجّل التوتمُ القضاء عليه
في المآتا المتخفي بكوفيد19
لكنّه يترنّح
أكيد يترنّح
مصارعُ التنّين الذي لم يعدْ يجدُ ثيرانا
ليغرسَ فيها السّهام
فيحكّ بها مؤخرته لتصارعَ الديكةَ في مداجنِ البغال والسائمة
في أي يوم وعام وقرن وأبد نحن من التقويم وسنة الكوفيد العولمي العظيم

وذاك الهرم المتربع المسخ على عرش العالم
بجيوش ومخابر بيولوجيا
علوم عابرة للقارات والكواكب أنيابُه المكسّرةُ من كثرةِ العنين تهرّأت
وأكلَ غبارُ الخديعةِ قلبَه
فصارَ أسيراً للأشباحِ
سهامُه
أنيابُه
قرونُه الألف
راحَ يغرِزُهَا في الهواء
في الأركانِ
والصوّر وأقرباءِ المشهدِ
وقد تناسخ كل ذلك
في أتباع وأزلام عولميون قتلة
في الأقاليم والبلدان
وهنا ابن العائلة المدجج
بألعاب البليستيشن والليزر
وآلاف الصور المعلقة في الجدران والأمكنة والاصطبلات
للعائلةِ المنخورة إلا بمقويات مجهولة
لا بسيكوتين
لا بتميمة
ولا بطفحِ السيلكون
لكن بالصّديد والضحكات
وهو يطعن أمّةً ويقولُ
عائلتي

وها يترنّحُ جسدُه
كسكّير أخيرٍ في الحانَة
يعتقدُ جازماً
أنّ القدرَ الذي حالفَه في الغيل
سيبقيهِ على القمّة في وجه الريّاح الآن وهو
مع سعالِه وتقصّف ساقيهِ
وقد
أصبحَ غارقا بزبدِ كلّ البعران التي حطمّتها الجيوش
والطائراتُ والبراميلُ التي دمّرت
وأنّت تحتَها صرخات الثكالى

إنّه بألف قرنٍ وقرنٍ استعارها من خوَذ المغول، وحروب التيتان والفرنج
وأكباش المعابدِ الحجريةِ
وقد تحوّلت خشبا
بقذائف المدافعُ التي حطّمت أعداءَه الآمنين في مساكن تهدّمت
ونيرانٍ أكلتْ كلّ شيء
ودبابات خردة
بالَ عليها الغبار
وعششت وارتعتْ فيها الجرذان
ولا يريدُ أن يعرف

أنظر فَأرى إلى وجهه الملطّخ بألف عار
ولا مؤخّرات عاهرات الزمن الأبيد
في المتاحفِ الصدئة
أنظرُ إلى مرابِعه بتقيؤات السكارى في الهزيع الأخير
وأقول آه يا بلدي
الذي صارَ كرسيّا لهذا
الوحشِ البشري بالعاهات والبثور
لقد أضحى عنّيناً
يترنّح
وهو في الرّغاء الأخير
ومايزال

لا تخرجوه من الحلبة
قبل أن يسقطَ بآخرِ نعالِ جمجمته
قبلَ أن يغورَ جعيرَه الأخيرُ
قبلَ أن تغربَ شمسُه المحنّطة
ويتلمّسَ العتمةَ في جسَده
المنخور
مدعومَاً بفيمتو الليزرُ
وممالكِ الزرنيخ
والزؤام

وها هو ابنه سليله
على جوعهِ للمجد
وهوس البليستيشن
يتناولُ بسطارَ أبيه
على أنّه شطيرةَ الانتصار
الانتصار الأخير
لفارسِ المسرح الأراكوز
الذي أذهلَ العالم
ومسرحية الفصل الأبيد
بجيوشٍ تهدّ فيه الأنفاس
وتحرمُه السّعالَ على الملأ
الملأ
وأنت الأكيد السعيد في حكاية نصفِ قرن
ناشز في الزمان وحوائط
السلخانات برؤوس وأجساد
وأرواح من أحرقهم في الهولوكست العظيم
وهو يضحك
بشدقيه الوالغين
في مجاري الأبد
وقد ختم الراوي
سطور روايته
بجملة
الفصل الأخير
في ملحمة العنْين الأخير
في وحوش العائلة


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية