عشت أكثر من نصف قرن وأنا قلق وأشعر بالخوف – مثل أي مواطن سوري – من تقاريرالمخبرين والعسس مع أنني لم أدخل في حياتي مخفر شرطة ، وعلاقتي مع الدوائر المدنية في وزارة الداخلية اقتصرت على مناسبات الحصول على البطاقة الشخصية أو تسجيل حالات الولادة ، لكنني كنت ولا أزال أكره كل حاملي السلاح من كل الاطياف ، وأدين بشدة مظاهر التفاخر التي يقوم بها (الأخوة الأعداء) وهم يعلقون المسدسات على خواصرهم ويرفعون طرف الجاكيت ليراها الناس في حركة ساذجة ومكروهة لزرع الهيبة والخوف لدى عباد الله ، وفي حالات كثيرة كان بعض اللصوص والخارجين عن القانون يحملون السلاح بنفس الطريقة وهم متأكدون أن لا أحداً يجرؤ على سؤالهم عن شرعية حملهم للسلاح أو التأكد من شخصياتهم !
الآن مع الانتشارالكثيف للسلاح اليوم ، هل يستطيع أحد أن يقول لي من ضد من ؟ وهل وجود المزيد من السلاح لدى كل من هب ودب سيعيد الأمان للناس والبلد ؟
الآن أصبح الأخ يرفع السلاح في وجه أخيه ، والجار يفعل نفس الشئ مع جاره ، والفاسد يرفع السلاح في وجه الشريف حتى يبتزه ، الفوضى لن تُنتج سوى الفوضى ، والعنف يجر وراءه العنف ، أصبحت لدينا مافيات مهمتها سرقة الناس واقتحام البيوت ونهبها واصطدياد الآمنين في الطرقات !
ماذا نسمي مايحصل ؟
هل يكفي أن نوزع إتهامات عشوائية للتغطية على اللصوص الذين يسرقون أحلامنا ، ونغمض عيوننا عن اللصوص الحقيقيين ؟
نحن على حافة كارثة لن ينجو منها أحد ، والذي يتقمص دورالمتفرج – ولا أستثني نفسي – ويعتبر نفسه خارج مايجري سيكون واهماً ، وعليه إعادة النظر في حساباته !
هذه سورية وطننا جميعاً ويجب أن نعمل جميعاً على حمايتها من أنفسنا أولاً ، ومن الغرباء وشذاذ الافاق الذين يتسللون – في وضح النهار- عبر حدودنا المفتوحة لكل شياطين الأرض ثانياً ، ويجب أن يقوم كل واحد منا بسؤال نفسه ، ماذا أعطيت للوطن اليوم ، لا ماذا سرقت منه اليوم وأمس وقبل أمس ، وماذا ستسرق غداً ، مع تنويه لابد منه موجه لكل اللصوص : اللعبة انتهت ولم يعد هناك مايستحق السرقة !