النّعابون والعيّابون … لـ : حسان عزت

حسان عزت
شاعر سوري

ثمة بشر وخلق يشكلون ظاهرة بين السوريين الآن عموم السوريين، يتربصون بكل صاحب قول وأمل، ومباشرة يسدون على الناس بصيص الفرج، أو طاقات الأمل، أو نور التفاؤل، في كل حديث وكل مجلس، وكل حال،

فإما تكون الأحاديث فوضى وأحاديث شروي غروي، أو يكون على المتحدثين رقيب عتيد، فما اجتمع سوريان إلا كان أحدُهم نعّاباً عيّاباً، وصاحب فهم في كل شيء وكل علم، وكل حادث، ومباشرة وقبل أن يكمل المتحدث كلامه، يسدون على حديثه ، وتراهم ملحوقين بالوقت، وكان في أنياعهم، آسف أفواههم بيضة، فيبدؤون برد المعلومة ورفضها، والقضاء عليها قضاء مبرماً، وكأن حاملها عدو لابد من إسكاته، بكل الاسلحة الارضية والمضادة، على أنهم خبراء حروب، ورصاد إعلام ودعاية، ومحللون استراتيجيون..

وليتهم يتركون المتحدث ينهي كلامه.. ابداً هم سادة الوقت، اختصاص ميقاتية، وياليت يعترضون على حوادث وروايات الوقت والحاضر، بل يملكون علوم الغيب والمستقبل، ومآلات الحضارة، وليتهم يتحدثون في تخصصاتهم وصناعاتهم، وبيئاتهم.


هذه الظاهرة الفلتانية المتعالية المسلحة باستعارات أوهام وتصخم، من أرقام ومعلومات، واستشهادات تقميش من هنا وهناك، ليس وراءها إلا الهباء والعطالة والفراغ والاستذة التافهة، والتظاهر المدعي الصبياني..

حيث لم تعد شيئا عابراً، بل ظاهرة مرضية تقتل اي حديث، وتعطب اي اجتماع، وتلغي كل مودة.. وكأن أي علم ومعرفة وفن يجب ان يوافق عليها هؤلاء، لأنهم مراجع وخبراء ومخاتير، وبلاليع فهم وثقافة وفنون..

وفوق ذلك تراهم مثل ابي العباس السفاح، يجعلون المستقبل وبالا، وظلاما، ودمارا، وأصغر مافيها، يلوحون بالحرب العالمية، ويتحدثون نيابة عن هتلر الجديد الذي يشن حربا، ودمارا على بلد طالع إلى حريته، واستقلاله، وتقرير مصيره… وإن تحدثوا بالحوادث، والتاريخ الغوا العرب، والاسلام، وكل ميزة وفضل ومنفعة قدمها العرب المساكين للعالم، لأن كل تاريخ العرب والاسلام قتل وسحل، وجوار، وإماء وعبيد، وكل فضل او حضارة للعرب فهي لغيرهم ومو غيرهم ، وهو مايجعل من هؤلاء علماء تاريخ وخبراء علوم تاريخية الخ..

لأ.. كله ولا السياسة فهم أصحابها وخبراؤها وأربابها، ورحم من كانوا يصفون أمثال هؤلاء بأنهم أصحاب( خالف تعرف) وعلماء خنفشار، وبأنهم حمّصة الكيّ، وأمثال أخرى.

ولا حول ولا قوة إلا بالله


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية