مرة أخرى يدخل مصرف “دويتشه بنك” الألماني في مشاكل مع القضاء، حيث قامت الشرطة بحملة مداهمة وتفتيش لمكاتب البنك في فرانكفورت، لوجود شكوك حول تورطها في عملية غسيل أموال لصالح عائلة رأس النظام السوري بشار الأسد.
قام ممثلو الادعاء والمكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة (BKA) وهيئة الرقابة المالية (بافين) بمداهمة مكاتب أكبر مصارف ألمانيا “دويتشه بنك” في فرانكفورت، يوم الجمعة (29 نيسان/ أبريل 2022).
وتمت المداهمة بناء على أمر من محكمة فرانكفورت، للتقصي والتحقيق في مزاعم بتورط البنك في معاملات مالية وغسيل أموال لم يبلغ عنها سريعا ومخالفة قانون مكافحة غسيل الأموال المعمول به في ألمانيا. وبالتحديد تتعلق الاتهامات بمعاملات ومبالغ مالية تعود إلى “جزار حماة” رفعت الأسد، عم رأس النظام السوري بشار الأسد.
وكانت محكمة الاستئناف الباريسية، قد ثبتت حكما بالسجن أربع سنوات صدر في سبتمبر/ أيلول 2021 ضد رفعت الأسد، بعد إدانته بتهمة جمع أصول (شقق وقصور ومزارع خيول) في فرنسا بطريقة احتيالية تقدر قيمتها بتسعين مليون يورو.
وحسب ما أفاد به موقع “بيزنيس إنسايدر” وتقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، تتعلق عملية المداهمة لمقر “دويتشه بنك” في فرانكفورت، بشبهة غسيل أموال لمبالغ مالية تعود لرفعت الأسد. وقد علم البنك بالأمر، حسب تقارير إعلامية، بعد أن حكم على رفعت الأسد بالسجن أربع سنوات بتهمة غسيل أموال في فرنسا. حيث قام البنك بمراجعة بعض البيانات المتعلقة بخدمات الوساطة المالية التي قدمها للأسد في وقت سابق قبل بضع سنوات.
تعاون تام مع القضاء
وقد أكد متحدث باسم “دويتشه بنك” وقوع عملية المداهمة وقال إن الأمر يتعلق بتحقيقات قضائية بشأن “شبهات غسيل أموال” وأضاف المتحدث أن المصرف “يتعاون بشكل تام مع السلطات”.
وحسب معلومات موقع “بيزنيس إنسايدر” فإن البنك يرى أنه قد أبلغ السلطات والمؤسسات المعنية في الوقت المناسب بشبهات حول عمليات غسيل أموال، ولا يوافق على ما تذهب إليه النيابة العامة بأن التبليغ قد تم متأخرا وليس بسرعة كما ينص عليه قانون مكافحة غسيل الأموال.
حيث أن البنوك في ألمانيا ملزمة بموجب القانون أن تبلغ السلطات المسؤولة فورا ودون أي تردد عن شبهاتها بصدد قيام عملائها بمحاولة غسيل أموال تم الحصول عليها بطرق غير شرعية وصفقات “إجرامية” أو عملية تجارية تتعلق بتمويل الإرهاب.
وغالبا ما تتعلق هذه الأمور بالتحويلات وخدمات الوساطة التي تقوم بها البنوك. وفي هذا الإطار فإن مصرف “دويتشه بنك” العملاق ومن خلال علاقاتها مع المصارف الأخرى حول العالم، كثيرا ما يقدم مثل هذه الخدمات والوساطات.
ويسعى “دويتشه بنك”، بقيادة رئيسه التنفيذي كريستيان زيفينغ، إلى تحسين سمعته بعد سلسلة من الإخفاقات التنظيمية المحرجة والمكلفة، واتهامات سابقة بتقصير البنك في منع عمليات غسيل الأموال وفرض غرامات مالية عليه بسبب ذلك. ففي أوائل عام 2017 فرضت السلطات البريطانية والأمريكية غرامة قدرها 630 مليون دولار على البنك لأن عملاء روس قاموا بغسل المليارات من خلال البنك. في ألمانيا أيضا، دفع البنك غرامات مختلفة بسبب أوجه القصور في منع غسل الأموال.
ومن أجل تحسين سمعته والتأكيد على أنه يقوم بواجبه وما يفرضه القانون، زاد البنك أكثر من مرة ميزانيته لمكافحة الجرائم المالية في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، قامت هيئة الرقابة المالية في ألمانيا “بافين” بتوبيخ “دويتشه بنك” في أبريل/ نيسان 2021 بسبب التقدم البطيء في هذا المجال، ومددت “بافين” ولاية المشرف الخاص لغسيل الأموال الذي عينته في عام 2018 في البنك، الذي قام بعد ذلك بوقت قصير بتغيير مسؤول مكافحة غسيل الأموال لديه.