نشرت وسائل الإعلام العبرية بعد منتصف الليل، وفجر اليوم الإثنين، تفاصيل جديدة حول عملية إطلاق النار التي وقعت في الخضيرة وأدت لمقتل شرطيين إسرائيليين، وإصابة 12 آخرين بجروح متفاوتة.
ونفذت العملية من قبل شابين فلسطينيين هما إبراهيم وأيمن اغبارية، وكلاهما من سكان أم الفحم داخل الخط الأخضر.
ووفقًا لموقع واي نت العبري، فإن المنفذين وصلا إلى شارع هربرت صموئيل في الخضيرة عند الساعة 8:40 من مساء أمس بتوقيت القدس المحتلة، ووضعا مركبة خاصة بهما في مكان قريب وترجلا حتى وصلا إلى محطة الحافلات وانتظرا لوقت قصير بهدف محاولة جمع عدد أكبر من الإسرائيليين، وبعد ثوانٍ من نزول الركاب من الحافلة، أطلقوا النار على 3 إسرائيليين كانوا داخل محطة للحافلات، ما أدى لمقتل شرطي وشرطية إسرائيليين، وأصابا الثالث بجروح خطيرة.
#شاهد لحظة مهاجمة منفذي عملية مدينة #الخضيرة المحتلة، عناصر من جيش الاحتلال قرب موقف للباصات في المدينة.#متابعة_نيو_برس pic.twitter.com/gLqjyJVcNM
— Newpress | نيو برس (@NewpressPs) March 27, 2022
إصابات بينها خطيرة بإطلاق نار في الخضيرة
— موقع عرب 48 (@arab48website) March 27, 2022
للتفاصيل: https://t.co/mCbmgJiY38 pic.twitter.com/G88Tx989FL
وواصل المنفذون إطلاق النار دون توقف، بما في ذلك تجاه راكب دراجة نارية كان يمر في المنطقة، وسمع عناصر وحدة سرية تابعة لقوة “حرس الحدود” كانوا يتناولون الطعام في مطعم مجاور، إطلاق النار، وركضوا مسافة 50 مترًا، ودخلوا في اشتباك مع المنفذين قبل أن يتمكنوا من قتلهما، فيما أصيب شرطيان من عناصر الوحدة السرية بجروح متوسطة.
ووفقًا للموقع، فإن المنفذين كانا بحوزتهما أسلحة رشاشة ومسدسات وسكاكين ورصاصات وصل عددها إلى أكثر من 1000، وبعضها مسروق من الجيش الإسرائيلي.
وقال أحد ضباط الوحدة السرية الذين خاضوا اشتباكًا مع المنفذين، إنه كان يقف قرب أحد المباني ولم يدخل المطعم بعد، وحين سمع إطلاق النار وصل للمكان ووجد أحد المنفذين بحوزته بندقية M16، وأنه بادر بإطلاق النار عليه برصاصة واحدة في منتصف رأسه وقتله على الفور، فيما كان المنفذ الثاني يتمركز خلف مركبة مازدا تعود للمنفذين وصلا إلى مكان العملية عبرها، وتبادل مع ضباط آخرين إطلاق النار معه قبل أن يتمكن من الوصول إليه عبر جناح المركبة ويقوم بتصفيته.
ويظهر من فيديو كاميرا أمنية وثقت الهجوم، أن أفراد من الشرطة الإسرائيلية كانوا بالمكان ردوا بإطلاق النار تجاه المنفذين قبل أن يهربوا من المكان دون معرفة فيما إذا أصيبوا فيه، إلا أن إطلاقهم النار لم يمنع المنفذين من الاستيلاء على سلاح مجندة واستخدامه لمواصلة هجومهم.
وقال موظف في متجر قريب من الهجوم، إن المنفذين كانوا ينتظرون وصول الحافلة وحين اقتربت تم فتح النار عليها، وأطلقوا رشقات نارية بعد أن أطلقا طلقتين فقط في البداية، ولمدة دقيقتين تم إطلاق عدد كبير من الرصاص تجاه الحافلة ومحيطها.
ووفقًا للموقع العبري، فإن تدخل أفراد الوحدة السرية الذين تصادف وجودهم في مطعم قريب منع المنفذين من قتل عدد آخر من الإسرائيليين.
وقال والد الشاب أيمن اغبارية، أن عائلته صدمت من الهجوم ولم تكن تعلم أنه يخطط لتنفيذه، وأن نجله كان يقضي معظم وقته في غرفته أو في العمل، ولم نشعر أنه كان يخطط لشيء.
وبحسب الموقع، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تدرس تنفيذ عملية اعتقال إداري بحق مشتبه بهم في إمكانية تنفيذهم هجمات وخاصة ممن اعتقلوا سابقًا بتهمة تأييد تنظيم “داعش” الذي أعلن مسؤوليته عن الهجوم.
وبحسب جهاز الشاباك، فإن إبراهيم اغبارية كان معتقلًا لدى الجهاز سابقًا بتهمة تأييد تنظيم داعش ومحاولته الانضمام للتنظيم، واعتقل لمدة عام ونصف، في حين أيمن اعتقل لمدة أسبوعين للاشتباه بحيازته أسلحة ولم تثبت عليه التهمة.
ولم تتوصل التقييمات الأولية للأمن بوجود صلة مباشرة للمنفذين مع أي بنية تحتية، أو مع منفذ عملية بئر السبع “محمد أبو القيعان” الذي كان مؤيدًا هو الآخر لتنظيم داعش.
ويشتبه بأن المنفذين كانا يحاولان الوصول إلى مطعم بيع الشاورما في المكان لمواصلة العملية وقتل من بداخله، قبل أن يصل إليهما أفراد الوحدة السرية ويشتبكان معهم ويقتلان.
والقتيلان في العملية هما من قوة “حرس الحدود”، أحدهما من أصول درزية، والأخرى إسرائيلية من نتانيا.
أبرز ما تناولته الصحف العبرية عن “عملية الخضيرة”
ركزت الصحف في تقاريرها على هوية المنفذين وهما إبراهيم وأيمن إغبارية وكلاهما من أم الفحم بالداخل المحتل، مشيرة إلى أن هذه هي العملية الثانية يتم تنفيذها من قبل فلسطينيين من الداخل في أقل من أسبوع، حيث نفذ محمد أبو القيعان من حورة النقب عملية بئر السبع التي أدت لمقتل 4 إسرائيليين قبل استشهاده.
ولفتت الصحف إلى أن 7 من بين آخر 9 عمليات نفذت في القدس والداخل كان منفذوها يحملون “الهوية الزرقاء الإسرائيلية”.
وقالت صحيفة هآرتس في تقرير لمراسلها ومحللها العسكري عاموس هرئيل “في أقل من أسبوع قتل 6 إسرائيليين في هجومين في قلب المدن، أربعة قتلوا طعنًا في بئر السبع، واثنين قتلا الليلة الماضية في الخضيرة بعملية إطلاق نار، يأتي هذا بالضبط في الأسبوع الذي تستذكر فيه المؤسسة العسكرية الذكرى السنوية العشرين لعملية السور الواقي.. مجددًا يتم عبر نشرات الأخبار التلفزيونية إعادة بث الصور التي تذكرنا بأيام الرعب”.
وأشار هرئيل، إلى أن منفذي العملية بالخضيرة أمس لهم “أيديولوجية مشابهة لمنفذ عملية بئر السبع”، وكان أحدهما على الأقل ناشط سابق ومؤيد لتنظيم داعش، مشيرًا إلى مخاوف أمنية ظهرت بعد عملية بئر السبع وكانت نشرت في الصحيفة “عن صحوة لنشطاء داعش عالميًا وهذه المرة لربما في إسرائيل”، مشيرًا إلى أن التنظيم عاد أتباعه للعمل مجددًا في أنحاء الشرق الأوسط على خلفية شعور الإسلاميين بالنصر بعد الانسحاب الأميركي السريع من أفغانستان. وفق قوله.
ولفت هرئيل إلى أن مقاطع الفيديو المنشورة من كاميرات أمنية للعملية، يتضح من خلالها أن المنفذين قد تدربا نسبيًا على استخدام الأسلحة وأظهرا حالة من الثبات والهدوء خلال تنفيذهما للعملية.
واعتبر أن قتلهما سريعًا من قبل وحدة إسرائيلية كانت متواجدة قرب المكان بشكل مفاجئ، منع قتل عدد أكبر ممكن من الإسرائيليين، معتبرًا أن ذلك “كما هو الحال في هجمات الانتفاضة الثانية، وانتفاضة السكاكين عام 2015، تجلت مرة أخرى الحاجة إلى أهمية وجود أسلحة مع أشخاص مهرة سواء من الشرطة أو المدنيين الإسرائيليين لمنع مثل هذه الهجمات، باعتبار أن وصول الشرطة لأي مكان سيستغرق وقتًا”. وفق قوله.
وأضاف “يتعين على جهاز الشاباك التحقيق فيما إذا كانت هناك عملية تقليد مستوحاة من هجوم بئر السبع، أو مبادرة أكثر تنظيمًا من قبل منظمة إرهابية”. وفق تعبيره.
وأكد المراسل والمحلل العسكري، على ضرورة معروفة لماذا لم يكن هناك معلومات استخبارية مسبقة، ومن أين جاءوا المنفذين بالأسلحة، معتبرًا أن هناك ثغرة أمنية استخباراتية واضحة بعد هجوم أمس، وهجوم السبع من قبل.
وأشار هرئيل، إلى أن المستوى السياسي أعاد توصياته بالتمييز بين الهجومين الأخيرين وما يحدث في الساحة الفلسطينية، وسيستمر في تقديم التسهيلات لسكان الضفة وغزة، قائلًا “من الصعب الحفاظ على هذا الخط مع مرور الوقت، خاصة مع استمرار اتهامات المعارضة، للحكومة الإسرائيلية، بالتخلي عن أمن السكان، فيما ستزداد صعوبات المناورة بشأن حزب القائمة العربية الموحدة داخل الائتلاف في ضوء حقيقة أن هؤلاء هم نشطاء إسلاميون من الخط الأخضر”.
ولفت إلى أن توقيت هجوم أمس الذي كان متعمدًا على الأرجح، عطل تمامًا الزخم الإيجابي الذي سعت إليه “قمة النقب” التي استضاف فيها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، نظرائه من الولايات المتحدة والإمارات والبحرين والمغرب ومصر.
وختم هرئيل “الليلة الماضية جاء الإرهابيون إلى الخضيرة وذكروا أنه مع كل الاحترام للحديث عن شرق أوسط جديد وتحالفات مهمة جديدة، لا تزال هناك قوى عنيفة تسعى لتعطيل هذه الإنجازات، ومستعدة لاستخدام الأسلحة النارية لتوصيل الرسالة”. وفق تعبيره.
من جهتها قالت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، إن ما يقلق أجهزة الأمن الإسرائيلية أن 7 من الهجمات التسع الأخيرة نفذت من قبل حملة الهوية الزرقاء، ومعظمهم من شرقي القدس، في حين أن عمليتي بئر السبع والخضيرة، نفذتا من قبل سكان من داخل الخط الأخضر، ويحملون أيديولوجية “داعش”.
واعتبرت الصحيفة في تقريرين مختلفين لها، أن ما جرى لا يمكن أن يكون “صدفة”، معتبرةً ما جرى بمثابة فشل لجهاز الشاباك الذي لم يركز جهوده على هذه الخلايا النشطة داخل “إسرائيل”، خاصة وأن الهجوم أمس لم يكن عفويًا وكان مخططًا له مسبقًا، وكان المنفذين بحوزتهما أسلحة ونفذا العملية بشكل احترافي.
وبحسب الصحيفة، فإن جهاز الشاباك “أقوى في الضفة منه بين عرب إسرائيل”، وفق تعبيرها، داعيةً إلى ضرورة أن يتنبه الجهاز لما يجري وتتبع نشطاء داعش الذين اعتقلوا سابقًا وعدم تركهم، وذلك رغم أن الشاباك قال عن منفذ عملية السبع أنه كان تحت مراقبته ولم يظهر أي نوايا حول تنفيذه أي عملية وتراجع مستوى اهتمامه بداعش.
ورأت أن عملية التنفيذ بهذا الشكل يوضح “مصدر إلهامهما من داعش”، وأنهما استغلا انتشار الأسلحة في أوساط فلسطينيي الداخل وهو ما يسهل نسبيًا تنفيذ هجمات. كما قالت.
وأضافت “كل التفاصيل فيها تذكرنا بإرهابيي داعش: الزي الديني، والقبعة البيضاء، والشعر الكثيف على رؤوسهم، واللحية الكثيفة على وجوههم، وخنجر كبير عند خصورهم وغيرها”.
وتابعت “بلغ نفوذ داعش في أوساط العناصر المتطرفة بين عرب إسرائيل ذروته منذ عدة أعوام مع سيطرة التنظيم في سوريا والعراق، لكن منذ التراجع التدريجي للتنظيم، قل دعمه، لا سيما في ظل هزيمته في الحرب في سوريا وضعفه في شمال سيناء، لكن الهجومين الأخيرين يوضحان أن التنظيم يرفع رأسه مرة أخرى على ما يبدو بين التيارات المتطرفة لعرب إسرائيل”. وفق تعبير الصحيفة العبرية.
وأشارت إلى أنه في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت التحذيرات من التصعيد الأمني، لكن التقييمات ركزت على القدس الشرقية والضفة الغربية، وقلة هم الذين قدروا أن إسرائيل ستجد نفسها أمام هذه الأيام. كما قالت.
من ناحيتها، اعتبرت صحيفة معاريف العبرية، هذه العمليات قد تكون نقطة البداية لأخرى، وأنه يقع على عاتق الشاباك عمل استخباري كبير لمنع أي عمليات جديدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن جهاز الشاباك وجد صعوبات في إيقاف هذه الهجمات ولم يحصل على أي معلومات استخبارية بشأنها، ما يعقد الموقف.
وبينت أن تركيز الأجهزة الأمنية كان على القدس والضفة، لكن مع الأمور انعكست، ووقعت الأحداث الخطيرة في “قلب إسرائيل”، ومع زيادة نجاح العمليات، فإن هناك مخاوف من هجمات تقليدية خاصة في ظل انتشار الأسلحة بكميات كبيرة في أوساط فلسطينيي الداخل ما قد تشكل نقطة البداية لمزيد من الهجمات.