المعارض الشرس ميخائيل خودوركوفسكي للرئيس الروسي بوتين ، الذي أمضى 10 سنوات في السجون الروسية.
إن الأوليغارشي السابق ميخائيل خودوركوفسكي دعا الشعب الروسي إلى إجهاض جهود الكرملين الحربية، وأكد أنه كان يتوقع الغزو الروسي لأوكرانيا لأن بوتين لم يكن أمامه خيار آخر، لكنه لم يصدق أنه سيقدم على ذلك وصُدم عندما اندلعت الحرب.
أشار خودوركوفسكي إلى أن جذور عائلته كلها تعود لأوكرانيا، حيث وُلد والداه في موسكو، لكنه حتى سن الرابعة كان يُمضي كل صيف مع جدته في خاركيف.
لذلك، فإن المشكلة لا تتعلق بالصراع بين موطن أجداده والبلد الذي وُلد فيه، وإنما بحقيقة أن أحد وطنيه يغزو الآخر وهو ما يمثل صدمة نفسية بالنسبة له.
ويعتقد خودوركوفسكي أن بوتين مثل كل الطغاة بعيش في برجه العاجي ولا يتلقى سوى معلومات متحيزة ترضي غروره من قبل حاشيته، التي استبعد منها كل من يعارض أفكاره وأهواءه. وخلال الجائحة، قلّص من الدائرة المحيطة به بشكل كبير ليزيد انفصاله عن الواقع.
وأشار خودوركوفسكي إلى أن بوتين كان يظن أن الجيش الروسي سيلقى ترحيبًا واسعا في أوكرانيا خاصة في مدن مثل خاركيف ومن قبل الجالية الروسية التي تمثّل حوالي 30 بالمئة من سكان أوكرانيا. لكن تضامن الروس مع بقية سكان أوكرانيا بعد الغزو شكّل صدمة مطلقة له.
في حديثه عن غزو بوتين لأوكرانيا، أوضح المعارض الروسي أن أسبابه واضحة. وخلال ثورة الميدان في سنة 2014، أطاح الشعب برئيس البلاد الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش.
وقد مثل ذلك مصدر قلق بالنسبة لبوتين الذي بات يخشى أن تصبح أوكرانيا الناجحة مثالاً يحتذى به للشعب الروسي – وربما يكون على حق.
وفي سؤاله عن مدى استعداد بوتين لاستخدام الأسلحة النووية، رجّح خودوركوفسكي احتمال أن يكون بوتين مصابا باضطراب نفسي، ولكنه يستبعد استخدام الرئيس الروسي الأسلحة النووية ضد حلف الناتو.
ومن خلال دعم أوكرانيا، تساعد أوروبا نفسها على تجنب الحرب وإذا خسر بوتين في أوكرانيا، فلن يكون لديه القوة لشن حملة عسكرية أخرى لفترة طويلة.
وأوضح خودوركوفسكي أن القاعدة الشعبية لبوتين زادت بعد الغزو الأوكراني وهو ما يوفر له بعض الحماية والاستقلالية عن محيطه ويشجعه على مواصلة الحرب.
لكن هذا الإجماع على الحرب يمكن أن ينهار جراء العقوبات التي ستعرقل النشاط الاقتصادي لروسيا.
وأكد خودوركوفسكي تأييده للعقوبات المفروضة على روسيا على الرغم من رفضه لها في السابق. وهو يرى أنه لا يمكن التعلل بتأثير العقوبات على الشعب الروسي لأن التحديات التي يواجهها على أي حال أقل أهمية من تلك التي يتعرض لها الأوكرانيون الذين يعيشون تحت القصف في خاركيف أو كييف.
وفي سؤال الصحيفة عن مدى تأييد النخبة الروسية للحرب، أكد خودوركوفسكي أن نسبة مؤيديها هامشية في صفوف النخبة السياسية والاقتصادية، مشيرًا إلى وجود بعض المتعصبين في الدائرة المقربة من بوتين، في حين أن البقية في حالة صدمة خاصة أن الكثيرين منهم لديهم عائلات في أوكرانيا ويدركون أن الغزو يهدد أيضا أسلوب حياتهم المعتاد. لكن ما يشعرون به لن يحدث أي فرق نظرا لأنهم يفتقرون إلى الشجاعة للوقوف في وجه بوتين.
بخصوص الأصوات المعارضة للغزو في روسيا، بيّن هذا المعارض أن البيروقراطي العادي يمكن أن يكون الحليف الحقيقي في تحالف مناهض للحرب، فهؤلاء الأشخاص اعتادوا العيش في مستوى راق وركوب سيارات غربية وقضاء عطلاتهم في تركيا.
ومن الواضح أن هذه البيروقراطية المتوسطة لا يمكنها الإطاحة بالرئيس، لكن يمكنها جعل عمل أجهزة الدولة صعبا للغاية بحيث يصعب على بوتين مواصلة حربه. وتمثل هذه الفئة ما يقرب من مليون شخص، لكن يمكنهم إحداث فرق، من خلال أعمال التخريب مثلا.
إلى جانب البيروقراطية، فإن هناك طبقات أخرى يمكن أن تثور ضد الرئيس وهم المواطنون البسطاء. ويعتقد خودوركوفسكي أن بوتين لا يمكن أن يسمح بتنظيم الاحتجاجات مهما كان سببها.
ومن أجل تفريق المحتجين، فهو يحتاج إلى الحرس الوطني الذي سيستخدمه ضد أوكرانيا. وتدعو اللجنة المناهضة للحرب كل من يريدون التحرك إلى ارتكاب أعمال تخريبية في أماكن عملهم وعدم الذهاب إلى العمل وارتكاب الأخطاء عمدا وعدم استلام البضائع وفعل كل ما في وسعهم لعرقلة عمل أجهزة الدولة.
وفي ما يتعلق بمدى أهمية الأوليغارشية بالنسبة لبوتين، أكد المعارض الروسي أن الأوليغارشية ليسوا سوى أدوات في يد بوتين. إنهم ليسوا مستشارين، وليسوا أصدقاء، ولا يمكنهم المشاركة في صنع القرار.
وعلى حد تعبيره فـ”إننا نتعامل مع مجتمع شمولي، حيث يوجد الديكتاتور وأتباعه والبقية مجرد أدوات. أما بالنسبة للأوليغارشية، فلا يمكنهم مساعدتنا”.
وحتى إذا طرحت عليهم سؤالا بسيطا مثل ’هل بوتين مجرم حرب بموجب القانون الروسي؟‘ فإنهم لن يجيبوا لأنهم يريدون الحفاظ على علاقاتهم مع بوتين، الذي يستخدم ثرواتهم لتحقيق مصالحه بما في ذلك مواصلة الحرب”.
وأكد خودوركوفسكي أن التاريخ يظهر أن القيادة الروسية تكون في موقف صعب بعد كل حرب خاسرة. بعد حرب القرم، مثلا، كان على القيصر تقديم تنازلات كبيرة. وبعد الحرب الروسية اليابانية، اندلعت ثورة 1905 التي أدت في النهاية إلى سقوط القيصر في سنة 1917.
ويقول المعارض الروسي: “نحن اليوم في وضع مماثل. روسيا ديكتاتورية، وإذا فشل الديكتاتور في إقناع الشعب بانتصاره في الحرب الأوكرانية، فإنه سيخسر السلطة في غضون سنتين. أعتقد أن الهجوم على أوكرانيا كان خطأ فادحًا. بوتين يتحرك الآن بسرعة كبيرة نحو نهايته”.