قفز سعر برميل النفط عالمياً لما يفوق 100 دولار، بدعم من عدة عوامل أبرزها الحرب الروسية-الأوكرانية وما يرافقها من احتمالات لفرض عقوبات قاسية على روسيا. ويتزامن العامل الجديد مع عامل ارتفاع الطلب على النفط عالمياً، بعد عودة النشاط الاقتصادي نسبياً عقب الرفع التدريجي للقيود المفروضة عالمياً لمواجهة انتشار فيروس كورونا.
وليست أسعار النفط وحدها من يواجه احتمال الانفلات، بل أيضاً سعر الذهب عالمياً الذي ارتفع بأكثر من 2 في المئة في غضون ساعات، عقب بدء الحرب على أوكرانيا. وبلغ سعر أونصة الذهب عتبة الألفي دولار. أما البورصات العالمية بأسهمها وتداولاتها، فقد تعرّضت لضربة بفعل الأزمة الروسية الأوكرانية، دفعت بعض البورصات إلى التوقف التام عن التداول فيما كبدت بورصات أخرى خسائر كبيرة.
قد يمثل اقتصاد روسيا وأوكرانيا ما يزيد عن 3 في المئة فقط من الاقتصاد العالمي، لكن عواقب الحرب بين البلدين قد تُلحق الأضرار بعدد كبير من دول العالم الصناعية والنامية، كما أنها تسدد من دون شك ضربة قاسية لقطاعات اقتصادية على مستوى العالم، كقطاع الغاز والحبوب وحتى النفط، لاسيما أن روسيا تُعد منتجاً رئيسياً للنفط الخام، وتمثل ثاني أكبر منتج بعد الولايات المتحدة بمتوسط يومي 10.2 ملايين برميل، وهي أكبر مصدّر للغاز الطبيعي إلى أوروبا.
قفزة نارية للنفط
بلغت أسعار النفط اليوم الخميس 24 شباط، مستويات قياسية جديدة هي الأعلى منذ 7 سنوات، وسجلت أسعار النفط ارتفاعاً كبيراً في مستهل تعاملات اليوم لتكسر حاجز 100 دولار للبرميل، على خلفية بدء العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا.وارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط، وهو الخام القياسي للنفط الأميركي، تقارب 5 في المئة إلى 96.70 دولاراً للبرميل تسليم نيسان المقبل، واستمر في الارتفاع خلال تعاملات اليوم ليقفز فوق 100 دولار، في حين ارتفع سعر خام برنت بنسبة 5.14 في المئة إلى 101.13 دولار للبرميل تسليم نيسان المقبل، واستمر في الصعود ليتجاوز 103 دولارات للبرميل خلال تداولات اليوم وهو المستوى الأعلى منذ عام 2014.أما أسعار الغاز في أوروبا، فقد قفزت خلال تعاملات اليوم، بنحو 35 في المئة، وتجاوز سعر العقود الآجلة للغاز مستوى 1400 دولار لكل ألف متر مكعب.
الذهب يحلّق
قفزت أسعار الذهب اليوم بأكثر من 2 في المئة إلى أعلى مستوى لها منذ ما يزيد عن العام، إذ أقبل المستثمرون على الملاذات الآمنة بعد بدء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وبذلك يكون سعر الذهب قد ارتفع بنسبة 8 في المئة منذ بداية شهر شباط متأثراً بالأزمة بين البلدين.وفي أسواق المعادن صعدت أسعار العقود الفورية للذهب في التعاملات المبكرة اليوم الخميس إلى ذروة عام ونصف العام، وزاد سعر العقود الفورية للذهب اليوم بنسبة 1.54 في المئة إلى 1938.34 دولاراً للأونصة في التعاملات الأميركية. وفي أوروبا ارتفع السعر بنسبة 2.2 في المئة إلى 1724.9 يورو للأونصة.ويعد الذهب أحد الأصول التي يتم التحوط بها ضد ارتفاعات التضخم وضد المخاطر الجيوسياسية وأوقات الأزمات الاقتصادية والحروب. أما بالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى فقد زادت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 2.1 في المئة إلى 25.03 دولار للأونصة. وارتفع البلاتين بنسبة 1 في المئة إلى 1102.43 دولار للأونصة، في حين صعد البلاديوم بنسبة 1.3 في المئة إلى 2514.54 دولار للأونصة.
ضربة لبورصة موسكو
وإذا كانت الأزمة الروسية الأوكرانية دفعت بأسعار النفط والذهب إلى الارتفاع وهو ما ينعكس إيجاباً على منتجي النفط بخلاف الدول المستهلكة له، فإن أسواق الأسهم العالمية لم تكن بمأمن عن الأزمة، فقد تراجعت الأسهم الأميركية بشكل دراماتيكي بعد تصاعد حدة الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، في حين هوى الروبل الروسي إلى أدنى مستوياته منذ مطلع العام 2016 وتم تعليق التداولات في بورصة موسكو.وكان الروبل الروسي قد تراجع اليوم بنسبة 3.6 في المئة مقابل الدولار إلى 84.0750 بعد دقائق من افتتاح البورصة. كما انخفض بنسبة 3.9 في المئة إلى 95.2425 مقابل اليورو، مسجلاً نزولاً قياسياً قبل تعليق التداول بالبورصة على نحو سريع.وفي حين علقت بورصة موسكو التداول، رفعت البنوك الروسية أسعار صرف النقد الأجنبي بشدة، وذكرت وكالة الإعلام الروسية أن بنك سبيربنك (أكبر بنوك روسيا) عرض شراء اليورو مقابل 116 روبلاً.ولاحقاً انخفض الروبل الروسي بنسبة 10.5 في المئة في المعاملات بين البنوك إلى 89.71، وهو أدنى مستوياته على الإطلاق.
أسواق على حافة الهاوية
لم تقتصر تاثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على الأسواق المحلية في البلدين، بل وصلت شظاياها إلى مختلف أصقاع الأرض. ففي تركيا تراجعت الليرة بنسبة 2.6 في المئة مقابل الدولار، وهو أقل مستوياتها منذ شهرين، بعد إطلاق القوات الروسية صواريخ على عدة مدن في أوكرانيا وإنزالها قوات على ساحلها، وسجلت الليرة 14.1 مقابل الدولار.وفي منطقة الشرق الأوسط هبطت أسهم البورصات العربية لاسيما البورصة السعودية، التي تراجع مؤشرها الرئيسي بنسبة 1.9 في المئة على وقع الهجوم الروسي على أوكرانيا.أما على صعيد أوروبا والعالم، فقد تراجعت أسهم أوروبا بنسبة 3 في المئة مع عزوف المستثمرين عن الأصول المحفوفة بالمخاطر، مما أثار مخاوف من نشوب حرب في أوروبا بما يساهم في زيادة التضخم ويعرقل النمو الاقتصادي.وسجلت البنوك الأوروبية الأكثر انكشافاً على روسيا، ومنها بنك رايفايزن النمساوي وأوني كريديت وسوسيتيه جنرال انخفاضاً كبيراً تراوح بين نسب 5 و6.6 في المئة في حين نزل مؤشر قطاع البنوك الأوسع نطاقاً 4.2 في المئة، كما سجلت أسهم قطاعات التكنولوجيا والسفر والترفيه خسائر فادحة.