تثير الأزمة الأوكرانية واحتمالات الغزو الروسي أزمة دولية، حيث أصبحت العديد من الدول مجبرة على اتخاذ اختيار من اثنين: إما مساندة موسكو أو دعم كييف. وإسرائيل هي الوحيدة التي تشعر بالانسجام وهي جالسة على كرسيين.
بدأ المحللون الغربيون على الفور في الحديث عن زواج المصالح ، قائلين إن إسرائيل ستستفيد من التحالف مع روسيا ولن تشتري أبدًا في ألعاب واشنطن. لكن هل هو كذلك؟
إسرائيل وروسيا، هل هي صداقة أبدية ؟
روسيا وإسرائيل حافظتا، وما تزالان، على الحوار البناء في العقود الأخيرة؛ حيث ظهر التقارب بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين جليًّا للعيان في السنوات الأخيرة على خلفية تولي موسكو دورًا مهما في الحرب الأهلية السورية على طول الحدود الشمالية لإسرائيل؛ فخلال الفترة الممتدة بين عامي 2011 و2020، زار نتنياهو موسكو 15 مرة، للتباحث في كيفية التخفيف من حدة التهديدات على الساحة السورية، حيث تنمي إيران نفوذها.
والجدير بالذكر، بحسب الصحيفة، أن روسيا المسؤولة عن مراقبة المجال الجوي السوري، أعطت الإذن في السنوات الأخيرة للطائرات الحربية الإسرائيلية بشن هجوم على مواقع استراتيجية إيرانية، بما في ذلك القوافل التي تتولى مهمة إيصال أسلحة إلى حزب الله في لبنان المجاور، وهو ما يفسر التنافس القائم بين الروس والإيرانيين في سوريا.
ونقلت الصحيفة عن كبير الباحثين بمعهد آبا إيبان للدبلوماسية الدولية في إسرائيل، داني سيترينوفيتش، تأكيده بأن إسرائيل لا تستطيع المجاهرة بدعم أوكرانيا كونها على يقين بأن هذه الخطوة من شأنها أن تنهي التعاون بينها وبين روسيا داخل الأراضي السورية، مضيفًا: “إن تكثيف إسرائيل هجماتها التي تستهدف سوريا يهدد نظام الأسد ويقوض المصالح الاستراتيجية لروسيا في المنطقة. وفي المقابل؛ لن تقف روسيا مكتوفة الأيدي، وقد ترد على انحياز إسرائيل إلى أوكرانيا بالتصدي لهجماتها التي تستهدف المواقع الموجودة على الأراضي السورية”.
ماذا عن كييف؟
وتشير إلى علاقة الصداقة والتجارة القوية التي تجمع إسرائيل وأوكرانيا، مبينة أنهما يأملان في توسيعها عن طريق عقد اتفاقية تجارة حرة جديدة، كما يعيش الآلاف من اليهود الأوكرانيين في إسرائيل، إضافة إلى رغبة أوكرانية في تعزيز قدراتها الدفاعية من خلال الحصول على الأسلحة والتكنولوجيا الدفاعية الإسرائيلية، والتي تقدمت بطلبها أكثر من مرة، غير أنها قوبلت بالتجاهل بسبب تحاشي إسرائيل المعاملات التي قد تخلق خلافًا مع الجانب الروسي، وهو ما يبدو جليًّا من خلال الخبر الذي تم تداوله هذا الأسبوع، ومفاده أن إسرائيل امتنعت عن تزويد أوكرانيا بمنظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية والمسماة “القبة الحديدية”.
وتنوه الصحيفة إلى أن العلاقات الجيدة التي تجمع إسرائيل مع الجانبين الروسي والأوكراني؛ جعلت كييف تطلب من تل أبيب إلى لعب دور الوسيط في حل الخلافات مع موسكو، وهو الأمر الذي لم يحبذه رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، والذي طلب من وزرائه اتخاذ موقف محايد وعدم مساندة أي من الطرفين علنًا.
معادلة واشنطن
وتبين بأن الولايات المتحدة وإسرائيل يتخذان مواقف متماثلة في جل القضايا التي تُعنى بالأمن العالمي، غير أن مصالحهم تتضارب في بعض الملفات، أحدها الملف الأوكراني؛ فعلى الرغم من إعلان الولايات المتحدة عدم تخطيطها لإرسال قوات لحماية أوكرانيا، إلا أن البيت الأبيض يواصل إثارة المشاعر المعادية لروسيا بكل الطرق الممكنة.
وأفادت الصحيفة بأن أمريكا لا تعارض – حاليًا – الموقف المحايد لإسرائيل من الأزمة، مشيرة إلى أنه رغم ذلك فقد تدفعها رغبتها في هزيمة روسيا إلى جر إسرائيل إلى الصراع.
وبحسب؛ فإن ديفيد ميلر، الباحث في شؤون الشرق الأوسط وزميل مؤسسة كارنيغي للسلام؛ يستبعد حدوث مثل هذا السيناريو، وإن أشار في الوقت نفسه إلى احتمالية موافقة إسرائيل للولايات المتحدة في حال ما أُجبرت على اختيار أحد الجانبين.