يقود راهب بوذي معروف بتصريحاته المناهضة للمسلمين الخميس حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي إلى الانتخابات في أوتار براديش، أكبر ولاية هندية من حيث عدد السكان، وقد يصبح في حال فوزه، في موقع الصدارة لخلافة رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
وأثار يوغي أديتياناث البالغ 49 عاما، جدلا منذ تعيينه المفاجئ عام 2017 رئيسا لوزراء ولاية أوتار براديش الواقعة في شمال الهند والتي يسكنها أكثر من 200 مليون شخص، أي أكثر من عدد سكان البرازيل.
وفيما يسعى أديتياناث الذي يحظى بحماية مودي، لولاية ثانية، يحفّز الناخبين الهندوس على دعم حزب بهاراتيا جاناتا، لاعبا على وتر الدين الحساس ومتجاهلا المسلمين الذين يشكلون خمس سكان الولاية.
وازدادت شعبية هذا الكاهن البوذي بسرعة حتى خارج ولاية أوتار براديش نتيجة خطاباته النارية وصورته كقائد متمسك بمواقفه مهما كان الثمن.
وتقول الصحافية والمعلقة السياسية سونيتا أرون “يجاهر بسياسته وأيديولوجيته الهندوسية من دن تردّد (…)، ويقدّم نفسه كزعيم هندوسي، وهذا ما يجذب الجماهير والأصوات”.
وتضيف لوكالة فرانس برس “عندما يتهجّم على المسلمين، يستقطب انتباه الجماهير”.
في الفترة التي تسبق الانتخابات المزمعة هذا الأسبوع، لم يلطّف الراهب الذي يرتدي ثوبا أصفر كلماته، وقال إن الانتخابات ستكون معركة بين “80 في المئة و20 في المئة”، في إشارة إلى الانقسام الديموغرافي للولاية دينيا.
في أحد التجمعات الانتخابية الحاشدة رغم التدابير الصحية المفروضة لمكافحة الوباء، كان الحضور يهتف عاليا في كل مرة كان يوغي يسخر فيها من الناخبين المسلمين.
وهو كتب على “تويتر” الشهر الماضي “إنهم يعبدون جناح”، في إشارة إلى محمد علي جناح، مؤسس باكستان، جارة الهند وعدوها اللدود.
وأضاف “إنهم يعشقون باكستان، نحن نضحي بحياتنا من أجل ما بهاراتي (الهند الأم)”.
أبقار وميليشيا
ويتحدّر أديتياناث المولود أجاي سينغ بيشت من عائلة متواضعة مكونة من سبعة أطفال، وكان والده حارس غابات.
خلال دراسته الرياضيات في الجامعة، أصبح ناشطا في الجناح الطلابي ل”راشتريا سوايامسيفاك سانغ”، وهي منظمة هندوسية يمينية ألهمت عقيدة حزب بهاراتيا جاناتا.
بعد تخرجه، أصبح كاهنا في معبد غوراخناث المنادي بتفوق الهندوس، وفي الوقت نفسه دخل المعترك السياسي وانتخب نائبا للمرة الأولى عام 1998 عندما كان يبلغ 26 عاما.
وأثناء ذلك، أسس ميليشيا شبابية أطلق عليها اسم “هندو يوفا فاهيني”.
وكان أعضاء هذه الميليشيا يعاملون المسلمين بوحشية ويتهمونهم بذبح الأبقار أو إغواء هندوسيات من أجل تحويلهن إلى الإسلام.
ويعتبر الهندوس الأبقار مقدسة ويحظر ذبحها في العديد من الولايات من بينها ولاية أوتار براديش.
وأديتياناث نفسه ملاحق بالعديد من القضايا الجنائية المعلقة في محاكم مختلفة.
في العام 2007، سجن 11 يوما لمحاولته إثارة توتر مجتمعي. وقال في أحد خطاباته “إذا قتلوا (المسلمون) هندوسيا واحدا، سنقتل 100 مسلم”.
لكن لا يبدو أن أي شيء سيساهم في تشويه سمعته وكبح شعبيته: في العام 2014، عيّن رئيس كهنة المعبد الذي ينتمي اليه.
وبعدما أصبح رئيس وزراء أوتار براديش بعد ثلاث سنوات، أعلن أديتياناث فرض قيود على المسالخ واستخدام مكبرات الصوت للآذان، ما خلق جوا من الخوف والترهيب.
وأفادت تقارير إعلامية هندية أن عمليات إعدام خارج القضاء نفذت خلال فترة حكمه في أكثر من 100 شخص متهمين بارتكاب جرائم، ومعظمهم من المسلمين أو من طبقة الداليت التي تعتبر طبقة دنيا في المجتمع. لكن أديتياناث ينفي هذه التهمة.
خلف محتمل؟
ويتماشى أسلوبه السياسي بقوة مع حزبه الذي اتهم بتعزيز التعصب الديني بهدف تحقيق مكاسب انتخابية، وهو أمر يتعارض مع المبادئ العلمانية والديموقراطية التي أسست عليها الهند.
ويبدو أيضا أن أديتياناث يمثل ثقلا موازيا لمودي إذ إنه يقود أجندة الغالبية الهندوسية للحزب بشراسة فيما رئيس الوزراء مقيد إلى حد ما بسبب الالتزامات التي يفرضها منصبه.
داخل الحزب، يعتبر خلفا محتملا لمودي الذي يكبره ب20 عاما.
وسيساهم فوز قوي في الانتخابات التي تمتد لأكثر من سبع جولات من التصويت قبل عملية فرز الأصوات في أوائل آذار/مارس، إلى تعزيز ذلك.
وتظهر استطلاعات الرأي أن حزب بهاراتيا جاناتا سيحصل على 43 في المئة من الأصوات، متقدما بشكل كبير على حزب ساماجوادي الاشتراكي، وهو ما يكفي بسهولة لتحقيق أغلبية مطلقة.
وقال عضو في حزب بهاراتيا جاناتا لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته “من السابق لأوانه التحدث عن دوره في المستقبل. لكن من الواضح أنه يأتي ثانيا بعد مودي”.