لذّة اكتشاف الخِسّة ….لـ: جمال مامو

جمال مامو
كاتب و إعلامي سوري

كان من عادات أحد أصدقائي التلذذ بإكتشاف خسة بعض الناس وصغارهم ونواياهم الخبيثة، فكان يعمد إلى الإعلان عن عثوره على قطعة ذهبية ، في عمود القلب الكبير أيام جريدة الوسيط في حلب ، ثم ينتظر اتصالات بعض من يحاولون حزر شكل ووزن القطعة الذهبية المتخيلة.

روى لي صديقي أن رجلاً ادعى ملكيته لقطعة ذهبية أعلن صديقي عن عثوره عليها في حي الفرقان مرةً، لكنه لم يفلح في تخمين شكلها عندما سأله صديقي عن أوصافها، عاود الرجل الاتصال من رقم أخر محاولاً تغيير صوته لكن محاولته باءت بالفشل .

أخيراً اتصلت امرأة بدا أن لها علاقة بالرجل الذي حاول مرتين تخمين أوصاف القطعة، كان يجلس إلى جانبها ليمدها بالمعلومات حسب استنتاج الصديق، فلم تفلح أيضاً فعرضت استضافة الصديق في بيتها لشرب ” فنجان قهوة”.
سألت الصديق: ” وهل ذهبت؟” رد بالنفي. قلت له :”لماذا تحتال على الناس،؟هذا تصرف معيب بحقك، ربما يكون هناك من أضاع قطعة ذهبية حقاً” …
هز كتفيه وقال: ” أحب مشاهدة الناس وهم يتمرغون في وحل الطمع وقيعان الدناءة. استمتع بإكتشاف خستهم.”
لم أعلق كثيرا على ساديته ، كان ذلك مختبراً قاسياً لاكتشاف البشر في لحظات ضعفهم أمام المال.
مؤخراً ، شاهدت منشوراً له يعلن فيه عن خطوبته من فتاة فباركت له ثم سألته على الخاص:” كيف اقتنعت أخيراً بالزواج؟”

ضحك وقال:” من قال لك أنني سأتزوج؟” قلت له: ” أعلنت عن خطوبتك على فتاة وأشرت إلى اسمها وصفحتها!!”
قال لي : هذه صفحة وهمية باسم فتاة أنشأتها أنا وأعلنت خطوبتي عليها!!”
سألته مستغرباً: ” ولما فعلت ذلك؟”
قال لي:” هل تصدق أنه وصلتني عشر رسائل على صفحة الفتاة من أصدقاء لي ينصحونها فيها بأن تعيد النظر في قرارها بالارتباط بي لأنني كذا وكذا ، هل هناك شيء ممتع أكثر من رؤية من حولك يمارسون خستهم وصغارهم وفسفستهم؟

إنها تجربة كشف معادن ياصديقي ، تجربة لذيذة في اكتشاف كم يمكن للبشر أن يكونوا خسيسين وحسودين وحقودين ، أليست تجربة تستحق الوقت والجهد ؟؟


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية