كي لا ننسى.. مجزرة الحولة ..المجزرة الأكثر وحشية مع وجود المراقبين الدوليين في سوريا

وفد الأمم المتحدة كان شاهدا على دفن الضحايا

توافق اليوم الذكرى التاسعة لـ مجزرة الحولة في ريف حمص، والتي راح ضحيتها أكثر من مئة شخص بينهم عشرات الأطفال والنساء، على أيدي قوات النظام السوري وميليشياته، في “أكثر مجزرة وحشية” مع وجود المراقبين الدوليين في سوريا ، .

منشورات على منصات التواصل الاجتماعي

‏”قتلوا 20 شخصا في بيتنا، زوجي وبناتي الأربع (سوسن 21 سنة وهدى 18 سنة وندى 12 والصغيرة كانت بعمر العشر سنوات)، قتلوا زوجة ابني الحامل في شهرها السابع وطفل كان على صدرها اسمه سمير على اسم جده، وأختي وكنتي وأولادها الاثنين وابنة عمي وأولادها الأربعة وسلفتي وابنتها” ‎
‏جمعونا في غرفة متطرفة بالقرب من درج السطح، وفتحوا النار علينا بشكل عشوائي، ثم هجم أربعة منهم على من بقي حيا بالضرب والإهانة والرفس والاغتصاب، كان زوجي على الأرض، حين توسلت إلى أحدهم أن يدع ابنتي سوسن وكان يهم باغتصابها، وشققت عباءتي وعرضت نفسي بدلاً عنها.‎
‏اغتصبني اثنان منهم ومن ثم اغتصبوا ابنتي سوسن 21 عاما أمام زوجي الذي كان يصرخ ويبكى قبل أن يطلقوا النار على رأسه، كنا 27 شخصاً في ذلك البيت لم يخرج منا سوى سبعة أحياء، كانوا يتفقدون الأطفال والنساء ومن بقي حياً كانوا يجهزون عليه بالسكين.
‏عذبونا بشكل سادي وتحرشوا بالصغيرات بوحشية، داسوهن بأقدامهم شدوا شعرهن إلى حد الاقتلاع ومزقوا ملابسهن، كان صراخ النساء والأطفال يملأ المكان والدماء متناثرة على الحيطان.‏«فاكر» الذي قام باغتصاب ابنتي سوسن قتلته رصاصة في رأسه أطلقها رفيقه بالخطأ، ليقوم أحد العناصر من الغوطة بذبح ابنتي سوسن بالسكين وهو يشتمها ويشتم الله أمام عيني. ‎
‏لا زلت أذكر ولن أنسى كيف كان أطفالي يتمسكون بي ويستغيثون بي يصرخون «ماما»، لكني كنت عاجزة أمامهم بينما كان أبوهم مقتولا عند الباب. ‎
‏في طريق صخري وعر، حملنا شباب الجيش الحر على أكتافهم كنت أنا وابنتاي هبة ورشا وابنة أختي زهرة وابنة عمي فاطمة وأثنان آخران الأحياء فقط من بين 27 شخصاً، مشوا بنا مدة نصف ساعة وهم يدورون بنا بين الصخور حتى وصلنا إلى حافلة صغيرة أوصلتنا إلى كفرلاها. ‎
لا أتمنى ما عشته لأحد ولا أريد لأحد أن يرى جزءاً صغيراً منه، لم أكن لأصدق أن البشر يمكن أن ينحطوا إلى هذا الدرك من السفالة والحقد الطائفي والوحشية، سأروي قصتي دائما منتظرة العدالة التي ستعيد لأبنائي الحياة، وسأحيي ذكرى المجزرة ما حييت.. فلا يمكن للضحايا أن يتجاوزا الذكرى.
‏فوزية حسين الخلف من أهالي مزرعة السد التابعة لبلدة الحولة في ريف حمص، زوجة «سمير حسين عبد الرزاق» أم لثمانية أبناء، إحدى الناجيات من مجزرة الحولة، تعود بالذاكرة إلى تلك الليلة في 25/5/2012 لتستعيد وجوه أحبتها الذين قضوا ذبحاً وإعداماً واغتصاباً، ولتذكّر العالم بمعدن نظام الأسد


حفر ذاك اليوم قبل عشرةِ أعوامٍ أخاديداً عميقةً في روحي، ما قبلهُ ليس كما بعده، بدايةُ إنهيارٍ طالت النجاةُ منه.
كانوا صغاراً، بأكفانهم البيضاء، قافلةٌ ممتدّةٌ على مدّ البصر، واحد، خمسة، ثلاثٌ وعشرون، خمسون طفلاً، مئةٌ وثمانُ شهداء، تتوالى الأعداد، تتعاقبُ الشهادات، تأتي التفاصيل، تمرُّ الأعوام، تحكي أم الطيّب جزع أحفادها، إرتجاف بنيّاتها، تهدّج أنفاسها وهي ترى جنوداً مدججين بالحقد يقتحمون الحولة يبحثون عن أيِّ فرائس يشبعون عطش إجرامهم في هتك أعراضِ النساء وذبح الأطفال، يتذكرُ عليُّ كيف أنجاهُ الموتُ من الموتِ مع إخوتهِ وأمّه، إغماضةُ عينيه والدّمُ الذي تدفق من عنقِ والدتهِ ليكون رداءاً يقيّهِ رصاصةً لا بدّ كانت تستقر في صدره، ظنّوه مات كالبقيّة، أيُّ قلبٍ تبقى لهذا الصغير وكيف أوقف نبض خوفهِ في تلك اللحظة؟!
يختنقُ عماد بإعادة سردِ تلك اللحظات، خرج من المسجدِ بهتفُ بالحريّة بعد صلاةِ الجمعة، حالماً بمستقبلٍ أفضل لصغاره، في ظلِّ القمعِ والظلمِ الذي عانى من وطأتهِ سنيناً طوال، علوّ الهتافاتِ لم يمنع صوت الرصاص، لكنّ السكاكين التي جزّت أعناق الصغار لا صوت لها، خرجَ حالماً عاد لصغارهِ مفجوعاً مكلوماً ثاكلاً حلمه وصغاره.
مرّت السنون، تفرقت الجموع، نسيّ العالمُ أنَّ من يُعادُ انتخابه يديّهِ غارقةٌ بدماءِ الأطفال، ولكنّ أم الطيب وعلي وعماد لا ينسون.
أنهارُ الدم لا تجف، من ذاتِ الشامِ هتفوا نصرةً لغزة، من حواري القدس العتيقة صدح صوتُ الساروت، ومن ربوعِ الكرملِ ما زلتُ أُمسكُ الدمع أنثرهُ لتلك القافلة البيضاء، ولن ننسى، كلُّ ظلمٍ مآلهُ عند المليكِ المنتقم!


لم نستطع النوم في تلك الليلة قبل تسع سنوات …
كانت اصوات السكاكين تقرقع في كل سماء البلاد …
السكاكين التي كانت تتطاير في تلك الليلة بشفراتها المصبوغة بالدم …
أصوات الجنود و هم ينتصرون على تسعة و أربعين رقبة طفل في الحولة …
و أصوات الموالين الذين يرقصون فرحاً بهذا الانتصار …
و صوت المذيعة القذر و هي تتحدث عن الوطن … حفرة كبيرة ضمت العصافير في الحولة و حفرة كبيرة ظهرت في السماء ليخرج منها كل هذا الصراخ إلى كواكب بعيدة افترضنا أنها تسمع أكثر و أفضل من كوكبنا التعيس هذا …. ……………
115 شهيد بينهم 49 طفل في مجزرة ارتكبها النظام السوري في الحولة بريف حمص الشمالي في مثل هذا اليوم 25/5/2012



يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية