بعد ان استلمت راتبي التقاعدي من كوة بريد القزازين ، ذهبت في جولة الى القصاع وباب توما ثم مشيت من برج الروس عبر العمارة والمناخلية باتجاه سوق الهال ومبنى السجل المدني للحصول على بيان عائلي، ثم تابعت سيري باتجاه سوق ساروجة الى الصالحية .
وكنت اتصفح وجوه الناس رغم قلة الازدحام المعتاد في مثل هذا الوقت من النهار بسبب البرد ، الحذروالقلق رأيته في وجوه من صادفتهم ، لكن الجميع يشعر ان الحياة يجب ان تستمر .
لكن العجز عن تأمين حاجات الاسرة وغذائها يكسر ظهر السوريين ، ومع ذلك شاهدت ازدحاما وطوابير لدفع فواتير الهاتف والكهرباء والفيجة .
الناس ورغم أوضاعها المادية البائسة لاتتردد في دفع مايستحق عليها من فواتير واجور خدمات الهاتف والمياه والكهرباء التي تنقطع اكثر من نصف ساعات الليل والنهار !
الأسرة لم تعد قادرة على تلبية معظم حاجاتها اليومية بسبب الغلاء وجشع مافيات السوق ، وحيتان الفساد ، وغابت اللحوم ومعظم المواد الغذائية عن موائد السوريين .
وفوقها معاناة كل السوريين من الذل اليومي وهم يقفون طوابير طويلة ولعدة ساعات امام الافران .
والسؤال :الى متى تراهن الحكومة على صبر السوريين.. وكأنها لاترى ماجرى في دول أخرى كانت تعاني مثلنا من الفساد والغلاء ، لكن حكوماتها الوطنية نجحت في مواجهة الفساد ومحاسبة مرتكبيه ، لأن حكوماتها جاءت الى كراسي الحكم بموجب إرادة الشعب الذي اختارها عن طريق صناديق الاقتراع ؟
صادفت بعض الأصدقاء خلال مشواري وكنت أقرأ مشاعر القلق على وجوههم ، والبعض كان يحثني عن معاناته اليومية وعن الكهرباء والغلاء والخبز ، وعن ذكريات العمر مع الراحلين من الأصدقاء المشتركين .
النظرات التي تبادلتها مع الأصدقاء والنظر في عيونهم القلقة كانت تطرح سؤالاً غير معلن :