مونديال الانتقام من الأعداء ..
لـ: عزالدين زكور
الجديد في مونديال كأس العالم لهذا العام، الخصومة والعداء المحمّلة جماهيريّاً لكثير من المنتخبات المشاركة على خلفيات سياسيّة ونزاعات تشهدها البلدان العربيّة وتحالفات عقدتها أنظمتها مع قوى محليّة وأنظمة عربية، كانت شريكاً في تدمير بلدانها وقتل شعوبها وحتّى ساهمت بشكل مباشر بهذه الحروب، كطرف صريح أبرزها الحرب في سوريا، حملت هذه الخصومة خطابات عدائيّة انتقاميّة لما يجري في بلدان الجمهوري العربيّ، مع تمنيّات بالفشل والخسارة لتلك المنتخبات أمام كل من يلعب ضدّها، انتهجته الجماهير على مبدأ: (هذا أضعف الإيمان) مع منتخب شارك نظام بلاده في قتل “أهلي” وتدمير بلدي، ولا (يوجد باليد حيلة) لأكثر من ذلك.
بدأت حالة (العداء) من مقاطعة الدولة المستضيفة للمونديال وهي (روسيا) حليف النظام السوريّ الأقوى والمسبب المباشر في قتل الآلاف من الشعب السوريّ، وتدمير أكثر من نصف البنى التحتيّة للبلاد، فضلاً عن مساهمة عدوانها المشترك مع النظام في تهجير نصف الشعب السوري إلى دول ومجاورة وأخرى أوربية، وهو موقف حقّ يبديه كل سوريّ وحتى عربيّ متضامن مع قضية السوريين في التحرر، لمقاطعة مونديال تنظمه دول دمويّة، لكن السؤال يبقى: “لمَ نلجأ للمعاركة غير النّافعة (الخياليّة)، بعد الهزيمة الميدانيّة؟! هل من رجاء حقيقي بعدالة دوليّة صمتت عن سبع سنوات من قتل السوريين؟! أليس الأَولى المقاطعة السياسيّة من مقاطعة رياضيّة؟!، وانتقلت الحالة لدى الجماهير على (خجل) إلى مرحلة أخرى، متخطين الخيبة الأُولى باستضافة الروس للمونديال بصورة طبيعيّة دون أيّ عوائق، وشرعت على مضض في المتابعة تحت ضغط نفسي ذاتي، آملين بإعادة الأمجاد التاريخيّة، بهزيمة مؤزرة على إيران (الفارسيّة) وإيران (سليماني)، وصُبّت اللعنات على (روح الخامنئي) و(حزب الله) و(المجوس) وكل من يلوذ بهذا العدو المبين، ووجدت الجماهير السوريّة والعربيّة الفرصة الحقيقية للانتقام من إيران المتحالفة مع النظام السوري في حربه ضد شعبه، والعدو التقليدي للعرب، لتلقى ثلاثة منتخبات عربيّة شر خسارة، إحداها من إيران (الفارسيّة). في الحقيقة، دائماً ما تلجأ الجماهير العربيّة في معاركها، بعد هزائمها الماديّة إلى اختلاق معاركة (تنفِيسيّة) وهميّة، تحاول تحقيق نصر من خلالها، تنفّس أوجاع الهزائم بطريقة لا يشعر بها أحد، طرائق جديدة تخرج عن تقليد المعارك، إلى درجة أنّ الطرف المهزوم لا يدري أّنه هُزم، لكن هي أيضاً نتائجها غير مضمونة ووقعها أعنف على النفس، باعتبارها الأمل الأخير بتحقيق نصرٍ ما على عدوٍّ ما، بحال تمّ الإخفاق بردّ الهزيمة الأولى (الماديّة) وبذلك ستتوالى الخيبات ويتسلل اليأس لداخلها، مهمة هذه المعركة فقط (التنفيس) عن هذه الجماهير، لكنّ حتى هي لم يعد مقدور عليها كما يبدو. أرى أن تكف جماهيرنا عن طريقة تفكير تستنزف ما تبقّى من عزيمة، وتحملنا من داهية وتضعنا على هاوية، وندير هزائمنا بحكمة، ونقر بأنّ العالم الذي شرعن عدوان روسيا على السوريين وسمح لها بتعطيل قرارات توقف حمام الدم السوريّ لن يقاطعها رياضياً، وذاتها إيران التي تحالفت مع قوى عربيّة محليّة مثل (حزب الله) في لبنان و(الحوثيين) في اليمن، وأخرى عراقيّة، لن يعنيها حشداً عربيّاً جماهيرياً ضدها ولو كان (مادّياً) فكيف بـ (معنوي)، وطالما أنّنا نستقبل الكفّ بالخد الأيمن وندير طواعية الخد الأيسر، وتتوالى هزائمنا أمامهم لن يكون هناك تغييراً قريباً في الأفق، وأنّ انتصارهم الرياضي هو امتداد لنصرهم العسكريّ، وهذه مسلمة كونيّة لا يمكن إنكارها، حتى وإن كان منتخب إيران قد خسر فعلاً أمام المغرب، لكن حدث الخلاف ولم ننتقم لجرائمها بحقّنا، وأطرح هنا تساؤلاً: “هل هذا يعني أنّها على حق، ونحن لسنا بضحيّة؟! لا هذا كله، لا يبرئ إيران ولا حتى روسيّا، وإن وسّعنا المنظور قليلاً ولا حتى أمريكا والصين والسعوديّة وفرنسا وإنجلترا. تحملُ اليوم مواقفنا اتّجاه قضايا مصيريّة، بناءً على تقييمات رياضيّة الكثير من المتناقضات، وهو ما يُؤكد النظرية التي تقول بـ(فصل الرياضة عن السياسة) فإيران شريك عدو الشعب السوريّ الأساس (النظام السوريّ) منتخبها الرياضي ذاته مَن أخرج المنتخب السوريّ من تصفيات المونديال، هل بهذه نشكر إيران رياضيّاً على هزيمتها لخصمنا السياسي والعسكريّ والأخلاقي (النظام السوريّ) أم نخلط الرياضة بالسياسة ونختصرها بقول: (اللهمّ اضرب الظالمين بالظالمين)؟!.