نشرت شبكة “سكاي نيوز – Sky News” البريطانية تقريراً حول أدلة مباشرة وصلت إليها تفيد بأن المستشفيات في إدلب مستهدفة من قبل قوات النظام السوري، التي تستخدم أيضاً القنابل العنقودية المحظورة، علاوة على الأسلحة الثقيلة والبراميل العشوائية ضد المدنيين بذريعة “استعادة” المنطقة من قبضة المعارضة المسلحة.
حيث يتم تدمير المراكز الطبية ما يؤدي إلى قطع شرايين حيوية بالنسبة للمدنيين المحاصرين في القتال بينما تقاتل قوات النظام السوري وحلفاؤها فصائل المعارضة المسلحة للسيطرة على آخر معقل للأخيرة هناك.
ويعتبر الهجوم المتعمد على المرافق الطبية والمناطق المدنية جريمة حرب بموجب القانون الدولي.
وقالت “لين معلوف” مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية: “هذا جزء من نمط راسخ يستهدف المنشآت الطبية لمهاجمة السكان المدنيين بشكل منهجي ويشكل جرائم ضد الإنسانية”.
تكافح العديد من جماعات حقوق الإنسان المستقلة والدولية والمنظمات غير الحكومية لحصول أفرادها على أدلة مباشرة فوق أرض الواقع داخل إدلب، وما يعيق ذلك في أغلب الأحيان المشاكل والتحديات الأمنية في عبور الحدود والعمل في منطقة حرب.
وبحسب “سكاي نيوز – Sky News” أن فريقها (المصوّر كيفن شيبارد والمنتجين مارتين فاولز ومحمود موسى) تمكنوا من الوصول إلى وسط مدينة إدلب، وكذلك عدد من البلدات والأحياء في جميع أنحاء محافظة إدلب وشاهدوا بأنفسهم الدمار الذي خلفه القتال المستمر بحق السكان المدنيين هناك.
وتضيف الشبكة، في كل مستشفى نذهب إليها في إدلب، نجد الخوف والاضطراب. ومن الأسباب الوجيهة فالمستشفيات هي من بين أكثر الأماكن خطورة في هذا الجزء من سورية اليوم، والأطباء فيها يؤدون واحدة من أكثر الوظائف خطورة.
وفي السياق ذاته، أكدت منظمة الصحة العالمية 20 هجوماً على 18 منشأة مختلفة في إدلب – أو واحدة يومياً في الأسابيع الثلاثة الماضية.
وعن باقي المستشفيات في المحافظة تضيف الشبكة، لقد زرنا أربعة مستشفيات في إدلب، واتفقنا على عدم ذكرها أو تحديد مواقعها خوفاً من أن تتعرض للمزيد من الغارات الجوية أو القصف. عندما وصلنا إلى واحدة، حلقت طائرة حربية في الجو بينما صرخ فينا المسعفون كي نركض هاربين بحثاً عن حماية من القصف.
هذا ما يواجهه المسعفون كل يوم في إدلب الآن. وقد صارت مستشفيات عديدة تحت الأرض، وتم بناء مرافق طبية في الأقبية، لضمان استمرارها في علاج المدنيين الذين ما زالوا في المنطقة. وهذا على الرغم من مشاركة مسؤولي الأمم المتحدة في إحداثيات GPS لـ 235 مدرسة ومستشفى ومواقع مدنية أخرى في محافظة إدلب مع روسيا وتركيا والولايات المتحدة.
إن هذه الخطوة، التي كانت تهدف إلى المساعدة في حمايتهم من التعرض للهجوم، لم يكن لها أي تأثير.
وتشير الشبكة إلى شهادة “بانوس مومتيس”_ منسق الشؤون الإنسانية الإقليمي للأمم المتحدة للأزمة السورية ضمن مؤتمر صحفي في عام 2018 حيث قال: “إننا نشارك هذه الإحداثيات، لذلك لا يوجد شك في أن المستشفى هي مستشفى”.
وبالعودة إلى الهجمات التي تشنها طائرات النظام وحليفتها الروسية يضيف فريق شبكة “سكاي نيوز”: منذ ذلك الحين كانت هناك المئات من التفجيرات. تعرضت مستشفى كنا قد زرناها للقصف من 15 إلى 20 مرة – كان آخرها قبل 14 يوماً فقط.
في بعض الأحيان يتلقى الأطباء تحذيراً مسبقاً من هجوم وشيك من خلال شبكات الاستخبارات الخاصة بهم. وصلنا إلى مستشفى، حيث كان الأطباء يفرون من المنطقة – مرة أخرى. وقد تم بالفعل إجلاء المرضى.
“يجب أن نذهب”، قال لنا أحد الأطباء. “يحدث القصف عادة خلال نصف ساعة من سماعنا أنه قد يكون هناك هجوم.”
ويقول فريق “سكاي نيوز” لقد أخبرنا الدكتور أحمد أحد أطباء إدلب، بمدى خيبة أمله إزاء الافتقار الجماعي إلى التحرك من جانب المجتمع الدولي.
“لقد قدمنا لهم أدلة على استخدام الأسلحة الكيميائية. لقد قدمنا كل الأدلة إلى الأمم المتحدة، وإلى أمريكا، وبريطانيا. إنهم يعلمون أن هذا يحدث لكنهم لم يفعلوا شيئاً”. يقول لنا بالكاد أخفي غضبي. “هم فقط لا يهتمون. لا أحد يهتم.
“إنها جريمة حرب تجعل الآلاف من الناس يغادرون منازلهم ولكن العالم صامت بشأن جرائم الحرب هذه ضد المدنيين.”
في جميع المستشفيات نجد أن هناك عدداً قليلاً من المرضى – ليس لأنه لا يوجد أي شخص في حاجة ماسة إلى المساعدة الطبية – هناك الآلاف – ولكن لأن المدنيين يذهبون إلى هناك فقط كملاذ أخير أو لفترة قصيرة قدر الإمكان .
رجل واحد نراه يتلقى المساعدة بسبب كسر في ذراعه، وأيضاً هناك رجلٌ مسن يعاني من مشاكل جسدية كبيرة، لكن لا يمكن للأطباء أن يقدموا له سوى راحة محدودة، بينما يجلس ابنه قلقاً يشاهد والده يعاني. الخوف يطغى طيلة الوقت على المستشفى خشية من القصف في أي وقت.
أما عن اتفاقية خفض التصعيد والمناطق التي شملتها، أشارت الشبكة إلى انهيار وقف إطلاق النار بشكل سريع، الذي توسطت فيه روسيا وتركيا بين قوات النظام السوري والجماعات المسلحة في إدلب خلال الأسابيع القليلة الماضية، كما شاهد الجميع على الأرض.
إدلب هي معقل المعارضة النهائي في سورية، ولكنها الآن تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام”، وهي جماعة (إسلامية) متطرفة محظورة كمنظمة إرهابية من قبل المملكة المتحدة والولايات الأمريكية. وقد أعادت تسمية نفسها مرات عديدة (وكانت تعرف سابقاً باسم جبهة النصرة)- لكن رئيس النظام السوري “بشار الأسد” يؤكد أنهم إرهابيون، وتستخدم قواته وجودهم كمبرر للهجوم.
وللهيئة الآن تأثير كبير على إدارة المنطقة، وتمكنت من حشد كل الجماعات المسلحة معاً بشكل واسع، بما في ذلك الجيش السوري الحر، لمحاربة النظام. ويتمتع النظام السوري بتفوق جوي على المنطقة، ويتم تنفيذ معظم الهجمات على المستشفيات من الجو.
وعن الأسلحة المحظورة دولياً كالقنابل العنقودية قال فريق الشبكة ” قد تبيّن لنا أيضاً أن عدداً من الصمامات الفضية على هيئة الأقماع هي بقايا لقنابل عنقودية بحسب جماعات المعارضة وعدد من المدنيين؛ حيث قاموا بجمعها بعد أيام من هجوم سابق على السوق في المنطقة.”
وتتطابق أوصافها مع القنابل العنقودية- وقد أودعت العشرات منها على مساحة واسعة. وقد تحققنا مع اثنين من الخبراء العسكريين البريطانيين المستقلين اللذين أكدا أنه يمكن استخدام الصمامات لإسقاط القنابل العنقودية بين الرؤوس الحربية الأخرى.
كما تحظر معظم البلدان القنابل العنقودية بموجب القانون الدولي وتعتبرها بلدان كثيرة جريمة حرب. وشهدنا عدة مروحيات تطير منتشرة فوق إدلب، عقب أقوال المدنيين بأن النظام يستخدم مرة أخرى براميل متفجرة-حاويات مملوءة بالمتفجرات ترمى من مروحيات عشوائية.
دفعت الهجمات والقتال أعداداً كبيرة من المدنيين إلى مغادرة منازلهم – ما يصل إلى 700،000 وفقاً لما تسمى بحكومة الإنقاذ في المنطقة.
محافظة إدلب مزدحمة بمئات الآلاف من الأشخاص المدنيين، جميعهم يعارضون بشار الأسد، وقد فروا جرّاء القتال والقصف من قبل قوات النظام في أماكن أخرى من سورية – مثل حلب. إنهم محاصرون الآن في إدلب وأصبحوا وسط المعارك المستمرة بين قوات النظام السوري وجماعات المعارضة المسلحة.
عن شبكة سكاي نيوز البريطانية ، للاطلاع على الموضوع الأصلي ، اضغط هنا