قرعان بلا مربى ولا أدب
كاتب وشاعر سوري
[/ult_ihover_item][/ult_ihover]
معارضون ومنتمون الى الثورة بلا أدب ولا مربى ولا فنون…..أخطر ماتهدد به الشعوب بوجودها وبهويتها.
لم تكن ثورة الخمس وعشرين إلا هوية وفنونا ، ولم تكن الثورة الإسبانية الا لوحات وموسيقى وشعر ونحت ومسرح وسينما وتصوير ، وحرية شعب ، وبقيت هويتها في مبدعي هويتها وحضارتها ..
غالبية من يسمون بمعارضة ، أو من لا يحبون هذه التسمية ويعلنون انتماءهم لشعبنا وثورته وقضية حريته هم بلا أدب بمعنيين :
أولاً : الأولى بحرفيتها الاخلاقية ، والمعنوية ، تناسب الرديحة والزعران والزعبرجية ممن وجدوا في الثورة مغانم جديدة وجاهات جديدة وشعبية جديدة يكسبونها ويبيضون بها وجوههم التي اسودت زمانا ، من انتسابهم الى جوقات النظام ومروجيه ومنافقيه واولاد نعمته ، بل فتات نعمته ، وقد سارعوا لركب الموجة ، وتأمين كرسي جديد لهم في دولة المستقبل ، وحتى رجل كرسي لأنهم هم أساسا رجل كرسي ، ونبيحة نظام ، وهذه الفئة لا تفترق عمن يحملون السلاح المأجور ويقاتلون به ..
ثانياً: وهم الفئة الأوسع ممن يسيرون في مواجهة النظام بإخلاص ونزاهة ، والانتماء الى حرية وكرامة شعب ، هم بلا ادب وفنون فقط ،أي هم مؤدبون أخلاقيا ولكنهم لا يفهمون إلا في اختصاصاتهم كل في مجاله ، وأميون ألا لمامات من الادب والفنون ، لكن في حقيقتهم لا يحبون الادب من شعر وقصة ورواية وسينما ومسرح وفن تشكيلي ورقص وموسيقى وباليه ، إلا من باب الوجاهة والمفاخرة ، والادعاء بأنهم مثقفون وبأنهم مطلعون ، وغالبا لا يتعدون بإعجابهم ومتابعتهم اكثر من فن او فنين ، ويجهلون الباقي ، ويعتذرون أن لا وقت لديهم وغارقون ، وهؤلاء التكنوقراط الجدد ، على العكس من الأجيال التي سبقتهم ، وكانت تعتد بالعربية وآدابها وفنونها وتجيدها بنفس إجادة او أكثر من اللغات الاخرى التي تمارس بها اختصاصها ، ناهيك عن الفنون ومتابعتها والتزود منها وعشقها ، وهم أطباء ومهندسون ومحامون واقتصاديون وساسة ، وتجار وصناع الخ…
اما الآن وعندما يتهافت هذا الحشد الحاشد على السياسة ، واستنطاق أصحابها ، وما ذبح الأوطان كالساسة ، ولا دمر شعبنا كمرتزقة وعصابات وقطعان الساسة ، الذين تدرجوا في مؤسسات النظام ونهلوا على ابواقه واعلامه ، واجادوا الثقافة الاشتراكية البعثية التي تعني التفرد بالحكم ونهب البلد وظنوا انفسهم شطارا ، واذكياء ، وكانت ثقافتهم الاشتراكية المفروضة على الطلبة ويرسبون بها ، بقيت وبالا وكرها ومادة سخيفة ومجرمة ، ومابقي من كل هذا الحشد الان الذي ينهض للثورة بفهم أحادي عقيم ، من يفهم الثقافة ويعتد بالعربية ويتذوق الفنون كهوية ومعطيات حضارة الا من رحم ربك ،
ونرى تجمعات تدعي الثقافة والوطنية والانتماء لشعب وثورة شعب ، لا تقدم إلا السياسيين ، ولا تتضمن أنشطة برامجها إلا هرطقات السياسيين وأصحاب النفوذ ومتسلقي الثورات ومدعي الشعارات ، ولا تتضمن لجانها أي مبدعين في الفنون والآداب ، ولا تعكس طروحاتها أي فهم لحقيقة الهوية المجسدة بالفنون والآداب واللغة والسلوك أولاً وقبل كل شيء ،
فكيف نتقدم بالسياسة وحدها ، وكيف تتعزز الهوية المغيّبة والمحاربة والضائعة ، بثقافة الخلط والملط ، وإدارة القرعان ، وكل الأنشطة لا تنمي الإحساس بالهوية والغيرة عليها ، ولا تربي الوجدان المتمثل لتلك الهوية الفنية الأدبية الثقافية الجامعة ؟
فهل نخطئ إذا وصفناهم بأنهم بلا أدب ولا مربى ..وقرعان .؟
حفظكم الله وحفظنا ..