ذكريات حلم صار إلى كابوس
لست أدري لماذا لم يخبرني الشباب والصبايا عن موعد مظاهراتهم الطيارة في دمشق،مع أنهم جميعاً يعرفونني شخصياً!!
هل داخلهم الشك بأني لن أوافق على المخاطرة بحياتي كما فعلوا؟ربما،وربما لكبر سني بالنسبة لهم فقد كانوا في مثل سن أبنائي.
وفي كل حال لم تصلني أخبار تلك المظاهرات الدمشقية المتفرقة أمام البرلمان وفي سوق الحميدية وأمام الجامع الأموي وفي الحريقة إلا من خلال مابثته قناة الجزيرة.
ومثلما توقعت فقد قمعت تلك المحاولة في مهدها ونحن نخطوا على عتبات الخامس عشر من آذار عام 2011 لكن أصداءها ترددت في طول البلد وعرضها.وتساءل الناس خلف جدران بيوتهم:كيف تجرأ هؤلاء الشباب والصبايا على التظاهر؟أليس لهم أهل يخافون عليهم؟ألم يفكروا بمصيرهم في بلد تحكمه عصابة قتل لاترحم؟كانت أخبار ثورة تونس ثم مصر وبعدها ليبيا ثم اليمن تدغدغ مشاعرالسوريين،لكن أكثرهم شجاعة لم يسمح لحلمه بسيناريو مماثل في سوريا أن يستمر.كان الناس يخشون حتى من أحلامهم أن تفضحهم في الشارع أو في أماكن عملهم.وحتى الحديث عن ثورات الربيع العربي كان مقتصراً على رواية التلفزيون السوري دون زيادة بتعليق أوحتى ابتسامة.أتذكر كلمات لصديقي أسامة شقير قبل ذلك التاريخ(والله لوشطحونا بالأرض وداسونا ببواطهم مارح نتحرك.نحنا شعب صرنا خواريف)ولم يك أحد منا قادرعلى اعتراض كلامه.كنت في ذلك الوقت موقف عن العمل في التلفزيون قبل أربع سنوات،لكن أملي لم يتوقف في العودة إلى برنامجي(ابن البلد) الذي اعتبرته الأهم في حياتي.ومن أجل إعادته قابلت فاروق الشرع ونجاح العطار نائبا الرئيس،والوزراء:بثينة شعبان وزيرة المغتربين،ورياض نعسان آغا وزير الثقافة،وعلي سعد وزير التربية.وكان وزيرالإعلام آنذاك:محسن بلال.وهذا الأخيركان قد استقبلني بحفاوة لكنه فوجئ عندما قلت له:(سيادة الوزيركيف ممكن حكومة عم تقول ليل نهار انو هي حكومة تحديث وتطوير وبنفس الوقت بتوقف برنامج ابن البلد اللي اكتشف لحد الآن 245 عالم ومبدع سوري اللي هنن عدتنا للتطوير؟مابتشوف حضرتك إنوهادا تناقض وظلم؟) وعلى مايبدو فقد صُدم الرجل.فردد كلمة (ظلم) ثلاث مرات،ثم وقف معلناً نهاية المقابلة. نفس المشهد تكررعندما جلست أسماء الأسد إلى جانبي في مسرح الحمراء وكان العرض المسرحي من بطولة ابنتي زينا فقلت لها نفس ماقلته للوزير محسن بلال،فرددت هي كلمة:(ظلم) عدة مرات،شعرت بعدها أنها اتخذت قراراً سيؤدي إلى إقصائي نهائياًعن الإعلام..