يُقام بينالي البندقية للفنون هذا العام في الفترة من 11 مايو وحتى 24 نوفمبر، ويشارك الفنان السويسري الآيسلندي، كريستوف بوشيل، بعمل فنّي لقارب ضخم، وغير مسبوق.
وقفت مجموعة من قيّمي المعارض والفنانين المشاركين في بينالي البندقية 2019 ، يتابعون مشهدا مهيبا لإنزال جسم قارب محطم إلى شاطئ أرسنال القديم بمدينة البندقية. لم يكن ذلك القارب سوى عمل فني لمركب للفنان السويسري الآيسلندي، وهو ذات القارب الذي حمل على متنه مئات البشر ممن كان لديهم أمل في حياة أفضل، هربا من الحروب والصراعات، فاستقر بهم المقام في قاع البحر الأبيض المتوسط، ما بين ليبيا وجزيرة لامبيدوس الإيطالية، عقب اصطدام “قارب أحلامهم” بالسفينة التي جاءت استجابة لنداء استغاثته. نجا من ذلك الحادث المأساوي 28 شخصا فقط، بينما غرق مع القارب ما بين 700 و 1100 إنسان، لم يتمكنوا من الخروج من القارب الغارق.
جاءت الفكرة لبوشيل، أثناء زيارته لجمعية شعبية إيطالية في مدينة باليرمو، في إطار مشروع مانيفيستا الفني عام 2017، وعلى الرغم من وضوح الفكرة الفنية، وكيفية تنفيذها، إلا أن عراقيل تنفيذها كانت كبيرة للغاية، على حد تعبير قيّمة المعرض، ماريا كيارا دي تراباني، فقد تم انتشال القارب عام 2016، ونقل إلى قاعدة “ميليلي” البحرية في صقلية، حين تم آنذاك استخراج الجثث من القارب، والتعرف عليها، وأجريت عملية ضخمة بمشاركة فرق كبيرة للبحث الجنائي والأطباء الشرعيين وغيرهم.
وبعد ذلك كان هناك عدد من العروض الخاصة باستخدام القارب، حتى أطلقت السلطات الإيطالية مشروعا بعنوان “سفينتنا”، بالاشتراك مع كريستوف بوشيل، ومدينة أوغوستا بجزيرة صقلية، وشركاء آخرين، بحيث تصبح البندقية أول محطة لعرض هذا العمل، وهناك أيضا مقترحات على المدى البعيد، لإنشاء “حديقة الذكريات” في أوغوستا.
تعليقا على إنزال القارب في البندقية، تقول قيّمة المعرض: “كانت الصعوبة تكمن في عدم وجود أي مالك رسمي للقارب، فقد انتشلته الحكومة الإيطالية، وظل تحت حماية وزارة الدفاع الإيطالية، بلا مالك. ووفقا للقانون الإيطالي يتعيّن التخلص من حطام القوارب الغارقة. على الجانب الآخر، فإن عملية نقل القارب إلى البندقية كان تتطلب أن يكون القارب إيطاليا، وسلطات الجمارك في البندقية لم تكن لتسمح بدخول هذا القارب إلى الميناء دون تصريح بهذا الغرض”.
وتابعت القيّمة، أنها بعد اتصالات ومجهودات ودعم من عدد من مسؤولي الحكومة، تمكنت من إنهاء المشكلات البيروقراطية العالقة، ونقل القارب إلى البندقية.
وحول مشاركة القارب في المعرض، تقول تراباني: “يوم السبت المقبل، سوف يكون هذا القارب هو أول ما يستقبل زوار بينالي البندقية هذا العام، الفعالية الفنية الأهم حول العالم، ليذكّر الجميع بالمأساة التي تعرّض ويتعرّض لها المهاجرون إلى إيطاليا، وردود الفعل والسجال السياسي حول هذه القضية”.
وتتابع القيّمة: “إننا نعيش في لحظة مأساوية بلا ذاكرة. فنحن نطالع الأنباء، التي تبدو لنا بعيدة: مات أحدهم في عرض البحر، فنكتفي بتغيير القناة”. وترى القيّمة أن وجود عمل بهذا الحجم في فعالية كهذه ربما يساعد في تحسين الوضع قليلا، وتتمنى أن يتمكن زائرو البينالي من الشعور بجلل المصاب والنظر بصمت إلى تلك المأساة الإنسانية المتجسدة في هذا القارب.
عن صحيفة ” الغارديان ” البريطانية ، للاطلاع على الموضوع الأصلي ، اضغط هنا