تلميذة بنقاب ...معضلة مدرسة في ساكسونيا السفلى
في السادسة عشرة من عمرها وترتدي النقاب حتى داخل المدرسة. قضية فتاة أضحت مشكلة في ساكسونيا السفلى التي لم تمنع سلطاتها الفتاة من ارتداء النقاب “لأسباب تربوية”. ما الذي دفع الفتاة لارتداء النقاب وكيف تتعامل المدرسة معها؟
تعتبر حالات ارتداء النقاب أو البرقع في ألمانيا شاذة وقليلة. رغم هذا يدور النقاش منذ أشهر حول ارتداءهما. وفي ولاية ساكسونيا السفلى أثار ارتداء تلميذة في المرحلة العاشرة النقاب نقاشا حادا داخل برلمان الولاية. فقد تبين أن الفتاة ترتدي النقاب من المرحلة السابعة وحتى اليوم، وتعلم بذلك أسرتها وأصدقاءها. وفشلت كل محاولات المدرسة لإقناع التلميذة وأسرتها بنزع النقاب، الذي أثار زوبعة في برلمان الولاية خاصة من قبل المعارضة.
الحزب الديمقراطي المسيحي اتهم وزيرة الثقافة في الولاية فراوكه هاليغنشتادت بعدم” فعل شيء” أو التقصير في عملها. بل طالب برفع دعوى ضد الوزيرة بداع التقصير الوظيفي المتعمد. وتصاعد الموقف أكثر بعد أن تبين أن التلميذة البالغة من العمر (16) عاما وأسرتها مراقبون من دائرة حماية الدستور (الأمن الداخلي). وأن الوالد واحد الأشقاء عضوان منذ أعوام بجماعة “دولة الخلافة” التركية الممنوعة ولهم اتصالات مع أشخاص خطيرين.
المعضلة!
ما الذي على وزارة الثقافة عمله في مثل حالة هذه التلميذة. إذ أن هناك قانونين يعالجان حالة الفتاة، فمن جهة يضمن الدستور الألماني الحرية الدينية لكل فرد. فيما تتحدث الفقرة 7 في الدستور عن التعليم في المدارس. فارتداء النقاب تماما يمنع وسيلة الاتصال الطبيعية بين الأفراد وخاصة بين التلاميذ والمعلمين داخل المدرسة. فليست الكلمة المسموعة وحدها المهمة داخل قاعة الدرس بل الحوار الشفهي وفهم لغة الجسد، كما يقول خبراء تربويون. بل يصعب ارتداء التلميذة النقاب حتى إجراء الامتحانات.
كل محاولات الإدارة والوزارة لثني الفتاة عن ارتداء النقاب فشلت، والوزارة تنتظر حتى تنهي امتحانات المرحلة العاشرة، كما أوضحت الوزيرة هاليغنشتادت أمام برلمان الولاية في شهر تشرين أول/ نوفمبر الماضي. ويقال إن الفتاة (مندمجة) بشكل جيد، فلديها علاقات مع زميلاتها، كما أنها تنزع النقاب، حين يغيب الرجال عن الصف.
حتى الآن لم تحدث أي مشكلة داخل المدرسة بسبب ارتداء الفتاة للنقاب ولم تقوض “السلم المجتمعي داخل المدرسة”. لكن التساؤلات الكثيرة من قبل جهات إعلامية حول حالة الفتاة، أضحى ثقلاً على المدرسة. فإن لم تكن هناك مشكلة داخل المدرسة، لماذا يصنع من الموضوع مشكلة. يتساءل أستاذ علوم الثقافة المقانرة فيرنير شيفور من جامعة أوروبا فيادرينا في فرانكفورت على نهر الأودر. ويقول الخبير “ربما لأمر ارتداء الفتاة للنقاب علاقة بالانتقال من مرحلة المراهقة إلى مرحلة النضوج”. دون أن يشير الخبير إلى الضغوط المحتملة المسلطة ربما من قبل أسرتها. ويضيف “أظن أنه من المهم لأسباب تربوية عدم جعل الأمر قضية دولة”. ففي مثل هذه الحالة “يزداد الضغط على الفتاة، مما يدفعها ربما إلى التطرف”. وينصح باتخاذ منهج متوازن مع الفتاة وعدم تسليط ضغط عليها ما يدفعها إلى الشعور بالغربة داخل المجتمع.
نقاش عام
ارتبط النقاش حول موضوع الفتاة مع نقاش عام يجتاح أوروبا حول مسألة ارتداء النقاب والحجاب وكيفية التعامل معهما. ففي فرنسا يمنع ارتداء النقاب، كما ظهر في الصيف الماضي نقاش حاد حول ارتداء لباس السباحة الإسلامي (البوركيني). وفي النرويج تريد السلطات منع النقاب والبرقع من الجامعات والمدارس. فيما تنوي الحكومة الألمانية منع ارتداءهما من قبل الموظفات. لكن حزب المستشارة الألمانية ميركل الحزب الديمقراطي المسيحي يريد منع ارتداء الحجاب وغطاء الرأس في المحاكم، وهو نفس موقف الحزب الاجتماعي المسيحي في بافاريا.
المتخصصة في شؤون الإسلام سيلفيا هورش في جامعة اوزنابروك ترى في النقاش الدائر “إشارة سياسية” فبين النساء المسلمات عدد قليل فقط منهن يرتدي الحجاب. وهي أقلية غير ظاهرة. “يدور الحديث اليوم حول المنع، بسبب المخاوف من أسلمة المجتمع”. تعتقد هورش، لكن المشكلة حسب رأيها تعود إلى أن المنع يعود على رموز “تعتبر دينية” للمسلمين، والذي يفهم من قبلهم على أنه رفض للإسلام نفسه. فموضوع النقاب والبرقع يمكن أن يؤدي إلى إمكانية التطرف.
وتختم هورش بالقول إن المجتمع يمكنه استيعاب بعض الحالات المعدودة لنساء في غطاء كامل بالشارع. وتضيف “لا يمكن للمرء منع كل شيء لا يعجبه. يجب أن يتمكن المجتمع من قبول بعض الاختلافات”.