أخيرا تكللت مساعي المرشح الديمقراطي جو بايدن (77 عاما) لدخول البيت الأبيض بالنجاح، بعد محاولات استمرت منذ عام 1988، ليمنع بذلك الجمهوري دونالد ترامب (74 عاما) من الحصول على ولاية رئاسية ثانية.
والثلاثاء، جرت الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020، لكن على خلاف المعتاد، ظل اسم الفائز بالسباق الرئاسي غامضا لعدة أيام، وسط اتهامات من ترامب بحدوث مخالفات وعمليات تزوير.
قبل أن تحسم وسائل إعلام أمريكية عدة فوز بايدن، مساء السبت، وفق النتائج الرسمية غير النهائية، ومع تأكد تلاشي فرص لحاق ترامب به.
سياسي مخضرم
ولد بايدن بولاية بنسلفانيا الأمريكية عام 1942، وفي عمر العاشرة انتقلت أسرته إلى ولاية ديلاوير، للبحث عن عمل أفضل، لتصبح موطنه منذ ذلك الحين.
درس تخصصي التاريخ والعلوم السياسية في جامعة “ديلاوير”، كما نال شهادته في المحاماة من جامعة “سيراكيوز”.
دخل عالم السياسة الأمريكية منذ سبعينيات القرن الماضي، ففي عمر الـ29، أصبح بايدن واحدا من أصغر المرشحين الذين تم انتخابهم لعضوية مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة.
واستمر بايدن، عضوا في مجلس الشيوخ عن ولاية “ديلاوير”، لمدة ست فترات، منذ فوزه للمرة الأولى عام 1972.
وخلال عضويته بالمجلس، عمل رئيسا وعضوا بارزا للجنة القضائية لمدة 16 عاما، وكذلك رئيسا وعضوا بارزا في لجنة السياسة الخارجية لمدة 12 عاما.
ترشح بايدن أول مرة للرئاسة الأمريكية عام 1988، لكنه انسحب بعد اعترافه بانتحال كلمة ألقاها زعيم حزب العمال البريطاني آنذاك، نيل كينوك.
وحينها، خانته مهاراته الخطابية، حينما ادعى في خطاب له، أن أسلافه كانوا يعملون في مناجم الفحم، ولم يحصلوا على الفرص التي يستحقونها.
لكن سرعان ما انفضح أمر بايدن، وكشفت الصحف سرقته تلك المقولة، من خطابات كينوك، الذي كان أسلافه فعلا عمالا بالمناجم.
مآسٍ عائلية
ورغم تاريخ بايدن الحافل في عالم السياسية، إلا أن تاريخه الشخصي كان عامرا بالمآسي العائلية، منذ بداية حياته السياسية.
إذ تزوج نيليا هانتر في نيويورك، وأنجب منها ثلاثة أطفال، جوزيف بو، وروبرت هانتر، ونعومي كريستينا.
وبعد وقت قصير من فوزه بانتخابات مجلس الشيوخ في 1972، توفيت زوجته نيليا وابنته نعومي في حادث سير، وأصيب ابناه بو وهانتر.
وفي 1977، ارتبط بايدن بزوجته الحالية جيل جاكوبس وأنجب منها ابنته آشلي، لكنه فقد مجددا ابنه بو، عن عمر 46 عاما، في 2015، نتيجة ورم سرطاني في المخ.
نائب أوباما
شغل بايدن منصب نائب الرئيس السابق باراك أوباما، الرئيس الأمريكي الـ47، في الفترة من 2009 إلى 2017.
ورغم وصف أوباما لنائبه بأنه “أفضل نائب رئيس في الولايات المتحدة على الإطلاق”، إلا أنه تعرض لهجوم طوال فترة عمله في البيت الأبيض.
فقال عنه وزير الدفاع في عهد أوباما، روبرت غيتس: “إنني أرى أنه (بايدن) كان مخطئا في كل قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي الرئيسية تقريبا، على مدار العقود الأربعة الماضية”.
إلا أن توليه منصب نائب الرئيس، لعب دورا كبيرا في حملته الانتخابية، إذ روجت له حملته بأنه “صديق عمر” أوباما، دعاية يراها محللون بأنها محاولة لاستمالة أصوات ذوي البشرة السوداء.
كما شهدت فترة عمله تمرير قانون الرعاية بأسعار معقولة، وهي المسألة التي يعدها أولوية ضمن حملته الانتخابية ويروج لها في معرض حديثه عن مآسي عائلته.
مرشحا للرئاسة
وفي 20 أغسطس/ آب الماضي، أعلن بايدن قبوله ترشيح الحزب الديمقراطي له، لخوض الانتخابات الرئاسية، منافسا للرئيس الجمهوري الحالي دونالد ترامب.
واختار بايدن السيناتور كامالا هاريس (55 عاما)، لتخوض الانتخابات معه، على منصب نائب الرئيس، لتصبح أول امرأة من أصول إفريقية تخوض الانتخابات على منصب رئاسي كبير في تاريخ الولايات المتحدة.
وخاض بايدن حملته الانتخابية في ظل أزمات تعصف بالولايات المتحدة، تتمثل في تفشي جائحة كورونا واندلاع الاحتجاجات المناهضة للعنصرية الصيف الماضي.
فمع تأجج التظاهرات، اتهم بايدن منافسه بأنه “يجر البلاد إلى مزيد من الانقسام والغضب”، مؤكدا أنه “سيكون زعيما ليخرج البلاد من موسم الظلام هذا”.
كما تعهد بايدن، بتبني استراتيجية وطنية لمكافحة فيروس كورونا، اعتبارا من “اليوم الأول” لولايته.
ولا تقتصر الخلافات بين بايدن وترامب على الملفات الداخلية فقط، بل تمتد للسياسة الخارجية مثل الملفين الإيراني والفلسطيني، وموقفيهما من السعودية بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
البيت الأبيض
ويواجه بايدن منافسه الجمهوري ترامب، للفوز في سباق الرئاسة الـ50، الذي يراه محللون أنه ربما يكون الأهم في تاريخ الولايات المتحدة، في ظل الأزمات التي تعيشها البلاد.
ويرى مؤيدو بايدن، أنه خبير في السياسة الخارجية، وصاحب خبرة طويلة، تشمل ثلاثة عقود عضوا في مجلس الشيوخ، وثماني سنوات نائبا للرئيس السابق.
لكن معارضي بايدن، يشككون في وعوده بالتغيير، لأنهم يرونه ابن مؤسسة الحكم في واشنطن، وصاحب زلات عديدة في حياته السياسية.
ورغم تقدمه في استطلاعات الرأي أمام منافسه، وخبرته الطويلة في العمل السياسي، فإن ذلك لا يحسم فوزه بالانتخابات المقبلة.
فربما يواجه بايدن من جديد مصير مرشحة الرئاسة السابقة هيلاري كلينتون، التي مثلت هزيمتها أمام ترامب صدمة عام 2016.
وفي حال فوزه، سيكون بايدن أكبر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، عن عمر يناهز 78 عاما، عند تنصيبه رئيسا للبلاد.