امرأة سكرانة ..قصة قصيرة
لـ : محمد مزيد
أخذت بنصيحة أبني المراهق وذهبت الى السينما التي تعرض أفلاما بنظارة ثلاثية الأبعاد . عُرض فيلم سخيف جدا ، اكشن ، يطير البطل بين العمارات حتى يقبل البطلة ، ملخيات تافهه . عندما خرجت بعد منتصف الليل ، وجدتني أمشي في ظلام برتقالي ، توزع كل الرواد في شوارع مضاءة بمصابيح برتقالية ، أخذت شارعي الذي أعتقد إنه سيوصلني الى بيتي بعد نصف ساعة مشيا . لا أحد يسير أمامي ، ولكن بعد لحظات سمعت وقع خطوات حذاء يتبعني . ليس من عادتي الإلتفات الى الخلف . بقيت حذرا ، أخرجتُ يدّي من جيبي المعطف وتحفزتُ الى إية ردة فعل . بقيت خطواتي ثابته ، ليس خوفا من المجهول ، وأنما خشية من عابثين سأكون محرجا حينما يتحدثون معي وبالتالي سيعرفون أنني غريب .
اقترب وقع الاقدام حسب ذبذباتها مني ، خفق قلبي بسرعة ، لملمت قبضتي اليمني وأعطيت الأوامر الى نفسي للمواجهة مستذكرا بإنني كنت محاربا قديما في حرب ايران . مرت ثوان قليلة ، مازال وقع الخطوات يقترب ، بدأ يحاذيني ، ثم شممتُ عطرا باذخا . ألتفت الى جهة صاحب الخطوات ، فاذا بها امرأة ، منفوشة الشعر ، بين أصابعها سيجارة . لم تلتفت باتجاهي . أبطأت سيري حتى تعبرني بخطوات لارى جسدها . أشتعل ابو ابليس على هذا الجسد المترنح أمامي . كانت سكرانه . خطواتها أبتعدت عني ، وكانت بالكاد تحافظ على خط سيرها مستقيما . مرت دقائق وأنا اتأمل اللوحة الراقصة للمرأة التي ترتدي الجينز وبلوزة بيضاء فوقها سترة سوداء . بدأت أغني أغنية من تأليفي وتلحيني أمشي على إيقاع عزف الموسيقى لخطوات المرأة . بعد دقيقة وقد أبتعدت المرأة عني بعشرين خطوة ، خطفت عجلة صغيرة بيضاء ، وقفت على مبعدة خطوات عن المرأة . ردة فعل المرأة أزاء التهديد المحتمل جعلها تعود لتسير باتجاهي ، عرفت مغزى عودتها وتهيأت لاستقبالها . أوقفت الأغنية التي كنت أبثها لجمهور الظلام البرتقالي وأعددت نفسي للدفاع عنها مهما كلفني الأمر . ولما أقتربت مني ، أبتسمت لي . رطنت رطنة محترمة بسرعة ، ثم مسكت ذراعي بقوة وأدارتني للسير بالإتجاه المعاكس لوقوف السيارة . شممت عطرها ، ورائحة الخمر .أخذنا نسير أنا وحبيبتي بخطوات سريعة بعيداً عن ذئاب الليل وهي تسحب ذراعي بقوة . جزء من صدرها ألتحم بي وخدها الأبيض الناعم ألتصق بخدي الفاحم . وصلنا الى نهاية شارع ضيق يفضي الى الشارع العام . أبتسمت لي ثانية ثم رشقتني بقبلة على خدي ، وذهبت الى تاكسي واقفة بجانب الرصيف . بقيت واقفا في مكاني أستعيد لحظة القبلة الخاطفة كيف مرت وقد نسيت الأغنية التي كنت أغنيها بالرغم من إنها من تأليفي وألحاني .