قالت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في تقرير اليوم الخميس، إن النظام السوري لا يزال يشكل تهديداً عنيفاً بربرياً، وإن على اللاجئين السوريين عدم العودة مطلقاً إلى سوريا بعد توثيقها اختفاء ما لا يقل عن 638 لاجئاً عائداً قسرياً، ومقتل 15 بسبب التعذيب.
وكشفَ التقرير الذي استغرق العمل عليه ثمانية أشهر زيفَ التصريحات الروسية، ومدى الرعب والتهديد الذي ينتظر اللاجئين العائدين إلى مناطق سيطرة النظام السوري، واستعرض عشر روايات تم الحصول عليها عبر زيارات ولقاءات مباشرة أو عبر الحديث عن طريق وسائطَ عدة مثل: الهاتف أو تطبيقات الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي.
وبحسب التقرير فقد عمل النظام السوري وحليفه الروسي على تدمير أي شكل من أشكال استمرار الحياة في المناطق الخارجة عن سيطرته لفرض معادلة النظام السوري أو الموت والدمار والفوضى، ودفعت كل هذه الظروف المعيشية القاسية السوريين على مدى سنوات إلى النزوح إلى مناطق النظام السوري مخاطرين بذلك بأرواحهم.
كما استعرض التقرير الظروف المأساوية التي يعاني منها اللاجئون بشكل خاص في دول الطوق، وتراجع مستوى الدعم والخدمات، وارتفاع نِسَبِ التهديد والعنصرية بحق اللاجئين، وتحميلهم مسؤولية مشكلات المياه والهواء والانتخابات والقمامة، دون الأخذ بنظر الاعتبار أنَّ هؤلاء اللاجئين هم مشردون قسرياً أولاً، وأنَّ معظمهم قد فقدَ منزله وعمله ثانياً في مواجهة أعتى أنظمة الحكم الوحشي في العصر الحديث.
وجاء في التقرير أنَّ نسبة الذين عادوا إلى المجموع الكلي للاجئين لا تتجاوز الـ 6 % في حدِّها الأقصى، وهي نسبة عودة اللاجئين “طوعياً” من لبنان، وهي أقل من ذلك بكثير في الأردن، لا تكاد تتجاوز الـ 2 %، وهذا مؤشر على أنَّ اللاجئين لا يثقون مطلقاً بالنظام السوري الحاكم حالياً ولا بأجهزته الأمنية ولا بالميليشيات الروسية والإيرانية.
وأشار التقرير إلى أن محاولات للفرار من داخل سوريا واللجوء إلى مختلف دول العالم لا تزال مستمرة، مؤكداً أن هذا الوضع سيستمر في ظلِّ انعدام أي أفق لأية تسوية سياسية عادلة تُحقِّق أبسط مطالب السوريين في محاسبة مرتكبي الجرائم ضدَّ الإنسانية، وإقالة الحكومة والنظام الحاكم.
وثَّق التقرير منذ مطلع عام 2014 حتى آب 2019 ما لا يقل عن 1916 حالة اعتقال بينها 219 طفلاً و157 سيدة، للاجئين عادوا من دول اللجوء أو الإقامة إلى مناطق إقامتهم في سوريا، جميعهم تم اعتقالهم على يد قوات النظام السوري.
ووفق التقرير فقد أفرج النظام السوري عن 1132 حالة وبقي 784 حالة اعتقال، تحوَّل 638 منها إلى حالة اختفاء قسري، وسجَّلنا مقتل 15 حالة بسبب التعذيب، 11 ممن قد قضوا بسبب التعذيب كانوا قد عادوا من لبنان.
ولفت إلى أنَّ النظام السوري بعد أن أفرج عن 1132 حالة، عاد واحتجز عدداً منها، وأجبرهم على الالتحاق بالتجنيد العسكري، وتركَّزت عمليات الاعتقال بحق اللاجئين العائدين بشكل مباشر عند المعابر الحدودية.
توثيق اعتقال ما لا يقل عن 426 نازح عادوا إلى مناطق يسيطر عليها النظام السوري، من بينهم 13 طفلاً و11 سيدة
وأشار التقرير إلى توثيق اعتقال ما لا يقل عن 426 نازح عادوا إلى مناطق يسيطر عليها النظام السوري، من بينهم 13 طفلاً و11 سيدة، أفرج النظام السوري عن 119 حالة وبقي 307 حالات، تحوَّل منهم 284 إلى مختفين قسرياً، وقتل 2 من بينهم بسبب التعذيب.
وأوضحَ أن النظام السوري بعد أن أفرج عن 119 حالة، عاد واحتجز عدداً منهم، وأجبرهم على الالتحاق بالتجنيد العسكري. وبحسب التقرير فقد تركزَّت عمليات الاعتقال في الريف الشرقي لمحافظتي حماة وإدلب الخاضع لسيطرة النظام السوري، وفي مدينة حلب، ومحافظة ريف دمشق بشكل عام وفي منطقة الغوطة الشرقية بشكل خاص.
وأشار التقرير إلى عمليات التدمير التي لحقت بالأبنية السكنية والمراكز الحيوية والبنية التحتية عبر عمليات القصف العشوائي التي مارسها النظام السوري وحليفه الروسي سواء بالبراميل المتفجرة اوالصواريخ والمدفعية وقذائف الهاون، إضافة إلى قيام النظام السوري بشرعنة نهب الأراضي والممتلكات، حيث فتح الباب واسعاً أمام قواته المسلحة والميليشيات المحلية التابعة لها لتقوم بعمليات سرقة ونهب واسعة للمناطق التي خضعت للتهجير بعد اقتحامها.
وأوضح التقرير أن النظام السوري يعمل على استثمار عودة اللاجئين والنازحين ليزجِّهم في التجنيد حيث منحهم مهلة تتراوح ما بين 15 يوماً إلى ثلاثة أشهر ليتسنى لهم مراجعة دوائر التجنيد، لكن على الرغم من ذلك لم تلتزم قوات الأمن بهذه المهلة، مشيراً إلى وقوع عمليات بحق لاجئين ونازحين عائدين على الرغم من أنهم يحملون وثيقة تثبت أنهم لم يتجاوزوا بعد المهلة المحددة.
وجاء في التقرير أن النظام السوري يحاول الاستفادة قدر الإمكان من عودة النازحين واللاجئين عبر استخدامهم في عمليات التجنيد، وعبر إظهار أن البلاد في حالة استقرار مؤكداً أن النظام الروسي أيضاً يرغب في الإيحاء بتلك الصورة؛ ليطلب من المجتمع الدولي البدء بعملية إعادة الإعمار، مشيراً إلى أن النظام السوري لم يبذل أي جهود تذكر في العمل على إعادة تأهيل البنية التحتية والخدمية للمناطق التي أعاد السيطرة عليها بمساندة روسيا.
أوصى التقرير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن تقوم بإشعار اللاجئين بمخاطر العودة في ظلِّ عدم تغير النظام الحاكم في سوريا، وتنبيه اللاجئين بشكل دوري إلى ذلك. وعدم الوثوق بوعود النظام الروسي عن ضمان حماية اللاجئين لدى عودتهم إلى سوريا وبشكل خاص الذين ساهموا في الحراك الشعبي نحو إسقاط النظام والحكومة. ومتابعة وضع اللاجئين الذين عادوا إلى سوريا والإبلاغ عن الانتهاكات التي تعرضوا لها.
وطالب مجلس الأمن الدولي إيجاد حل سياسي عادل يحفظ حقوق هؤلاء المشردين من نهب الحكومة والنظام الحالي وحث الأمم المتحدة بمختلف أجهزتها على بذل جهد أكبر في فضح ما تقوم به الحكومة والنظام السوري من عمليات نهب منظمة وتغيير اجتماعي وسكاني.
كما أوصى التقرير دول اللجوء بالتوقف عن حملات التضييق العنصرية بحق اللاجئين السوريين التي تدفعهم إلى العودة وبالتالي خطر الاعتقال والإخفاء القسري أو التعذيب حتى الموت، وتحمل مسؤولياتها في هذا الخصوص. والتوقف عن إعادة اللاجئين السوريين بشكل قسري؛ لأن ذلك ينتهك مبدأ عدم الإعادة القسري في القانون العرفي الدولي وهو مبدأ ملزم للدول كافة.
للاطلاع على التقرير كاملا، اضغط هنا