اللاجئون السوريون يعززون صادرات بلادهم في المانيا
بدأ كثير من اللاجئين السوريين في ألمانيا يتقبلون حقيقة عدم تمكنهم من العودة سريعا إلى بلادهم التي تشهد حربا تقترب من دخول عامها الثامن.
ويبني اللاجئون حياة جديدة في البلد المضيف معززين الطلب على منتجات “صنع في سوريا” هناك مع محاولتهم تسكين ألم الحنين إلى الوطن بقطعة ثمينة من حياتهم السابقة.
ومن بين المنتجات الشائعة وسط نصف مليون سوري قدموا إلى ألمانيا على مدى الثلاث سنوات الأخيرة، المكسرات والحلويات والطحينة والملابس والشوايات المستخدمة في عمل الشاورما.
يقول التاجر أنس مسوتي بينما يجلس في مكتب معتم تحت الأرض بالقرب من ميناء هامبورج حيث يفرز العمال طرود البقلاوة والملابس الواصلة للتو من سوريا “يريد الناس نفس الأشياء التي اعتادوا عليها في سوريا”.
وأضاف مسوتي، وهو أب لستة أبناء ترك مصنعه لملابس المحجبات حينما فر من سوريا، “السوق الألمانية مليئة بمنتجات مماثلة من تركيا لكن السوريين يريدون المنتجات السورية”.
ونمت الطلبيات إلى 25 مثلا منذ أنشأ مسوتي شركته التجارية “ساجدة” بعد وصوله إلى ألمانيا في أوائل 2016 بثلاثة أشهر. ويستورد الآن 25 طنا من المنتجات السورية شهريا.
ومسوتي ليس المستفيد الوحيد من هذا التوجه، فهناك العشرات من المطاعم السورية والمتاجر ومحلات البقالة التي ظهرت في المدن الألمانية الرئيسية على مدى العامين الأخيرين ويُفتح المزيد منها كل شهر. ففي برلين وحدها، هناك على الأقل ستة مطاعم وكثير من متاجر البقالة التي فُتحت هذا العام.
يساهم الطلب المتزايد على المنتجات السورية في إحياء تدريجي لصادرات سوريا إلى ألمانيا التي استقبلت لاجئين سوريين أكثر من أي دولة أوروبية أخرى.
وتظهر البيانات الألمانية الرسمية أن صادرات سوريا إلى ألمانيا ارتفعت إلى 15.5 مليون يورو (17.9 مليون دولار) في 2016 وبلغت ثمانية ملايين يورو في الخمسة أشهر الأولي من هذا العام.
هذا أقل كثيرا من مستويات ما قبل الحرب حينما بلغت صادرات سوريا غير النفطية لألمانيا نحو 100 مليون دولار سنويا.
ونزح أكثر من خمسة ملايين سوري، نحو ربع عدد سكان البلاد قبل الحرب، عن بلادهم بحسب تقديرات الأمم المتحدة. ولم يتضح بعد مدى تأثير زيادة الطلب على المنتجات السورية بين اللاجئين في ألمانيا وأنحاء أخرى على الاقتصاد السوري المحطم نظرا لقلة البيانات المتاحة في خضم الحرب.
لكن يبدو أن إحياء التجارة السورية في ألمانيا تزامن مع وصول النشاط الاقتصادي في سوريا إلى أدنى درجاته.
وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي السوري سجل انكماشا تراكميا بلغ 61 بالمئة في الفترة من 2011 إلى 2015 لكنه انكمش في 2016 نحو اثنين بالمئة فقط. يعزو البنك هذا التحسن إلى تباطؤ نزوح السكان.
وقال مسوتي، الذي يورد منتجات إلى المواطنين السوريين ورجال الأعمال في ألمانيا، إنه فخور بمساهمته في تعافي الصادرات السورية التي قال إنها تمد أصحاب المصانع والعمال في سوريا بدخل هم في أشد الحاجة إليه.
وتابع “إننا ننعش الاقتصاد السوري”.
شارع برلين
في برلين، يطلق على شارع سونينالي اسم “الشارع العربي” نظرا لمتاجره التي تحمل أسماء عربية حيث أصبح وجهة رئيسية للاجئين السوريين في العاصمة الألمانية.
ويباهي الشارع بثلاثة متاجر بقالة سورية ومطعمين ومتجر للحلويات السورية فُتحت جميعها على مدى العامين الأخيرين.
تقول هدى بياد، وهي أم شابة محجبة كانت تتسوق في أحد متاجر البقالة الذي فُتح في الأسابيع الماضية، “إنه عبق الوطن لا أكثر”.
وتابعت “لا يحل هذا مشاكلنا مثل تعلم اللغة الألمانية والعثور على عمل لكنه يجعل حياتنا هنا أسهل”.
تأتي معظم المنتجات السورية بشكل رئيسي من مصانع في مناطق تحت سيطرة الحكومة وفي محيط دمشق ومن حلب. وامتنعت ثلاث شركات تورد منتجات لمسوتي عن التعليق حينما اتصلت بها رويترز.
وتُنقل المنتجات بالشاحنات عبر مناطق آمنة نسبيا تحت سيطرة الحكومة إلى ميناء اللاذقية في شمال سوريا حيث تحمل على سفن الحاويات المتجهة إلى هامبورج. وتأتي منتجات أخرى بالطائرات عبر بيروت.
وأثبتت تلك التجارة أنها لا غنى عنها للسوريين الذين ينشئون مشاريع في ألمانيا.
وتحتاج متاجر الحلويات ومحال البن والمكسرات إلى أجهزة ومعدات خاصة تفضل استيرادها من سوريا حيث تكون أقل تكلفة بدلا من شرائها في ألمانيا من إنتاج شركات أوروبية أو تركية.
وتعتمد المطاعم على مكونات خاصة لإضفاء النكهة التي يتوق إليها السوريون.
ونال مطعم “فلافل لاميرا” السوري الذي فُتح في هامبورج عام 2015 شعبية كبيرة مكنته من فتح فرع آخر في المدينة التي تقع بشمال ألمانيا.
وقال محمد أبو سعيد الشريك في ملكية المطعمين اللذين من الصعب أن تجد طاولة شاغرة بهما في أي وقت من اليوم “هدفنا الرئيسي هو التأكد من أن النكهة مطابقة لما في سوريا.
وأضاف “لذلك نحتاج إلى المكونات ذاتها التي نستخدمها في سوريا. ونسعد للغاية عندما يخبرنا الزبائن أن طعامنا يذكرهم بسوريا”.