الحكومة التشيكية تقول لمواطنيها لمواجهة " الإرهابيين المسلمين " :أطلقوا عليهم النار بأنفسكم
قبل شهرين؛ تقدّم الرئيس التشيكي، ميلوز زيمان بطلب غير معتاد؛ حيث حث المواطنين على تسليح أنفسهم ضد “هولوكوست استثنائي” يُنفذه ما أسماهم “الإرهابيين المُسلمين”.
ورغم أنه ثمة أقل من 4000 مسلم في هذا البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 10 ملايين نسمة، ارتفعت مُشتريات السلاح هناك، بحسب ما نقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، 6 يناير/كانون الثاني 2017.
وقال صاحب أحد المتاجر في بوهيميا الشرقية، وهي منطقة واقعة في مركز شمال جمهورية التشيك، في حديث لصحيفة محلّية إن الناس مذعورون من “موجة الإسلاميين”.
وتدفع وزارة الداخلية في البلاد في الوقت الراهن بتغيير دستوري يتيح للمواطنين استخدام البنادق في مواجهة “الإرهابيين”، ويقول مؤيدو ذلك إنه بإمكانه إنقاذ الأرواح إذا وقع هجوم وتأخرت الشرطة أو لم يكن بمقدورها شق طريقها إلى موقع الحادث. ولكي يُصبح المُقترح قانوناً؛ يجب أن يوافق البرلمان عليه، وسيقوم البرلمان بالتصويت في الأشهر المقبلة.
ولدى جمهورية التشيك بالفعل بعض السياسات الأكثر تساهلاً بشأن الأسلحة في أوروبا؛ فهي موطن لنحو 800 ألف قطعة سلاح مُرخّصة، ونحو 300 ألف شخص يحملون ترخيصاً بحمل السلاح.
ومن السهل نسبياً الحصول على سلاح؛ حيث يجب على المواطن بلوغ سن 21 عاماً، واجتياز اختبارٍ بشأن السلاح، وألا يكون له سجل إجرامي. وبموجب القانون؛ بإمكان سكان جمهورية التشيك استخدام أسلحتهم لحماية ممتلكاتهم أو عندما يكونون في خطر، على الرغم من أنهم في حاجة لإثبات أنهم واجهوا تهديداً حقيقياً.
وهذا يجعل البلد على خلاف مع الكثير من دول أوروبا، التي طالما دعمت تدابير أكثر صرامة بكثير للسيطرة على السلاح؛ ففي أعقاب الهجمات الإرهابية في باريس عام 2015، دفعت فرنسا الاتحاد الأوروبي لوضع سياسات أكثر صرامة، ودعا الاقتراح الأولي للمفوضية الأوروبية إلى فرض حظرٍ كاملٍ على بيع أسلحة مثل الكلاشنكوف أوAR-15s الهادفة في المقام الأول إلى الاستخدام العسكري، كما سيتم اقتصار الذخيرة لتبلغ 20 طلقة أو أقل.
وعارضت جمهورية التشيك هذا التوجه؛ حيث حذر مسؤولون -بشكلٍ متشائم إلى حد ما- أن ذلك الإجراء سيحد من قدرة البلاد على بناء “نظام أمن داخلي”، كما سيجعل من المُستحيل تقريباً تدريب جنود الاحتياط بالجيش.
ومن شأن فرض حظر تام على البنادق ذات الطراز العسكري التي بإمكانها إطلاق أعداد كبيرة من الطلقات أن يجعل الآلاف من الأسلحة التي يملكها المواطنون التشيكيون غير مشروعة، مما يخلق سوقاً سوداء قد يستغلّها الإرهابيون.
وقد أبدت فنلندا وألمانيا تحفظاتهما الخاصة، وحشدت كذلك الجماعات المؤيدة للسلاح في أوروبا أيضاً ضد مشروع القانون بدعم ساسة من اليمين المتطرف.
وبعد أشهر من مفاوضات مثيرة للجدل، وافق الاتحاد الأوروبي على حل وسط الشهر الماضي. وسيقرُ مجلس الوزراء هذا الإجراء في ربيع هذا العام، وعلى جميع الدول الأعضاء الامتثال للقيود الجديدة على السلاح في غضون 15 شهراً.
ويحظر الإجراء النهائي بيع معظم البنادق ذات الطراز العسكري ويتطلب من جميع المشترين المحتملين الخضوع لفحص نفسي قبل أن يتمكنوا من شراء السلاح.
وإذا أخفق أحدهم في فحص في بلد من بلدان الاتحاد الأوروبي، ستتم مشاركة تلك المعلومة عبر قاعدة بيانات دولية، لذا لن يتمكن الشخص من شراء بندقية في مكان آخر، كما تقلصت المبيعات عبر الإنترنت بشدة أيضاً.
وكانت جمهورية التشيك هي الدولة الوحيدة المعارضة للتوجّه لكونه صارماً جداً، في حين صوتت لوكسمبورغ ضد هذا الإجراء، ولكن على أساس أنه كان ضعيفاً جداً.
وهذا يعني أنه بغض النظر عن كيفية تصويت البرلمان التشيكي على مسألة إطلاق النار على الإرهابيين، ستخضع قوانين السلاح في الجمهورية التشيكية للمزيد من الصرامة، وسيُطلب من جميع مُشتري البنادق خوض الفحوص النفسية، على الرغم من أنه ليس واضحاً حتى الآن ما إذا كان أصحاب البنادق سيُجبرون على تسليم الأسلحة غير المشروعة، وقد دفع هذا الغموض بصحيفة تشيكية إلى ترجيح أن التحرك الأخير لوزارة الداخلية يتعلّق بالسلامة السياسية على نحو يفوق بكثير السلامة من الإرهاب.