أثار انتصار ثورة الخميني في طهران عام 1979 خيال حركة الإخوان المسلمين في المشرق العربي، والشمال الأفريقي، إذ يمكن للإسلام السياسي بدعم غير منظور من استخبارات بعض الدول الغربية آنذاك في نهايات الحرب الباردة وبروز الأزمة الأفغانية، دعم حركات الجهاد ضد التمدد الشيوعي، بإيصال اللحية والعمامة إلى سدة الحكم، لرعاية التخلف، ووضع سد أمام أحلام القياصرة الجدد في الاتحاد السوفييتي الذي انهار بعد مرور عشر سنوات، على هذا التاريخ الفاصل، من الألاعيب الدولية التي تستثمر غباء الشعوب حينا، وارتزاق وعمالة الزعامات الاستبدادية بوجهيها العسكري والديني..
بعد أشهر قليلة أطللت من على شرفة منزلي بحلب لأراقب الشباب المتحمس المدعوم من زعامات حركة الاخوان المسلمين تهتف : “لاشرقية ولاغربية بدنا دولة اسلامية” .. لتنتهي أحلام هؤلاء السذج النهاية المعروفة على ايدي مليشيات حافظ الأسد الطائفية وشقيقه المختل بمجازر راح ضحيتها الكثير من الابرياء ..
تكرر المشهد بوعي أكبر عام 2011 بانتفاضة شعبية عارمة. ابتدأت في درعا وحمص، ولكن دون اَي تدخل مباشر من حركة الإخوان المسلمين الذي كان يفاوض قادة الاستخبارات السورية على تقاسم السلطة، بدرجات متدنية في المشاركة ببعض فتات امتيازات السلطة، وبدا في حينه، ان توأم النفاق بين الطرفين كان على أشده ، كما لحظته جليا في بعض مفاصل الدولة، وتحفل ذاكرتي ووثائقها عن شهادات حية لهذا التوأم المصلحي، بين اللحية الاخوانية والدبابة الأسدية الطائفية على شرط نبذ الاخوان للعنف، مقابل الصمت عن إغراق البلاد بمظاهر التخلف الديني، وتشجيع الحجاب والمحجبات، ومنحهم مراكز قيادية، وحصر أمكنة بيع الخمور .. ورفع وتيرة صوت الأذان الى مستويات قياسية مزعجة .. والسماح للموظفين والعمال في الدولة بالصلاة خلال ساعات الدوام الرسمي دون ان يصدر تعليمات مدونة بذلك .. وماإلى هناك من مظاهر التفاهة الدينية في برامج التلفزة وحضور دعاة التهريج الإعلامي للحديث عن ( الرئيس المؤمن) -للأسف كان بينهم اساتذة تاريخ كبار وفنانين ونقاد- الذي يرمم المساجد ويؤسس مدارس الاسد لحفظ القرآن ..
ولكن الأمور جرت بما لايستحي عنه السلطان ولا يشتهيه كهنوته ..فجيل الشباب الواعي لم يصدق هذه التوليفة الكاذبة من الهراء، فقابلهم النظام الأمني بالرصاص والدبابات .. فوجدتها اللحية الإخوانية التي كانت في حال أشبه بالزينة الإسلامية ، بعد حقن التخدير ، التي هيأتها استخبارات حافظ الأسد لوريثه البائس بالغباء، والعلل النفسية، توجتها لصوصية فاقعة، فرصة لاتعوض لركوب ثورة الشباب ..
شاهدي في هذه اللمحة الخاطفة أن تنظيم الإخوان المستهلكين .. بالرغم من معرفتي بتضحيات بعضهم .. هم طلاب ولاية .. وأنا لن أسمح لطالب الولاية أن يولى ..
هم سيقولون بالتأكيد.. من أنت ..؟..
حينها سيجيبهم قلمي… وشهادتي الوثقى…من وثائقهم ذاتها..!!