أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن نظام الأسد من خلال استخدامه المتكرر للأسلحة الكيميائية يشجع أنظمة أخرى في العالم على استخدام سلاح الدمار الشامل الكيميائي.
وفي تقرير لها أصدرته اليوم الأربعاء بمناسبة الذكرى السنوية السادسة لهجوم الغوطتين الكيميائي، قالت الشبكة إن الشعب السوري توقع بعد تنفيذ نظام الأسد هجوم الغوطتين أن يتحرك المجتمع الدولي ويطالب بعزل حكومة ونظام استخدمت أسلحة دمار شامل، لأن ذلك يعتبر بموجب القانون الدولي تهديداً للسلم والأمن الدوليين، مؤكدة أنه على دول العالم كافة، التي صادقت على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية أن تحارب دون توقف النظام الذي استخدم هذا السلاح، وتعمل على معاقبته سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وصولاً إلى استبداله بنظام يحترم القانون الدولي ويُساهم في الدفاع عنه، لكن بحسب التقرير فقد اقتصرت ردة فعل المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على المطالبة بتسليم سلاح الجريمة والإبقاء على المجرم، وهذا شجَّع المجرم على عدم تسليم كامل كميات السلاح التي لديه، وعلى استخدامه مرات عديدة بعد ذلك بدعم من دول لا تكترث بالقانون وحقوق الإنسان مثل إيران وروسيا.
ووفقا للتقرير فإنه لم يكن هجوم الغوطتين الكيميائي الأول من نوعه، لكنه كان الأوسع والأضخم من حيث حصيلة الضحايا والمصابين، والمساحة الجغرافية المستهدفة، واستعرض التقرير منهجية التوثيق المتَّبعة لدى الشبكة السورية لحقوق الإنسان عبر عمليات تحليل مكثفة تتناول كيفية وقوع الهجوم، وطرحِ تصوُّرٍ لشكل الهجوم ونمطه بناءً على الشهادات، والصور والفيديوهات، إضافة إلى رسم مقاطع أفقية وشاقولية توضِّح أماكن سقوط القذائف، والآثار التي تسبَّبت بها.
وشدد التقرير أنه يجب تذكير حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بمسؤولياتها وتعهداتها بحق الشعب السوري، فقد نصَّ الاتفاق الأمريكي الروسي، الذي أُبرمَ بعد هجوم الغوطتين على أن يقوم مجلس الأمن بعمليات مراجعات دورية عن استخدام النظام للأسلحة الكيميائية، كما نصَّت جميع قرارات مجلس الأمن التي صدرت في خصوص الأسلحة الكيميائية في سوريا على أنَّه في حال عدم امتثال النظام لبنود الاتفاق الأمريكي الروسي وقرارات مجلس الأمن، فإنه يتعيَّن على مجلس الأمن الدولي فرض تدابير ضدَّه بموجب الفصل السابع، ومع هذا فقد بقي استخدام النظام للأسلحة الكيميائية ثابتاً بل ومتصاعداً في كثير من الأحيان ويندرج غالباً بحسب التقرير في إطار تحقيق تقدم عسكري قريب الأجل، ويُشكِّل جرائم ضدَّ الإنسانية من حيث الاتساع والنمطية.
وأوضح التقرير أن هجمات النظام الكيميائية تُشكِّل خرقاً واضحاً للاتفاق الروسي الأمريكي واتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، وأوردَ حصيلة استخدام النِّظام للأسلحة الكيميائية موزَّعة بحسب قرارات مجلس الأمن الدولي مُشيراً إلى تنفيذه 33 هجوماً كيميائياً قبل قرار مجلس الأمن رقم 2118 و184 هجوماً منذ القرار ذاته حتى 21 آب/ اغسطس 2018، منها 115 هجوماً بعد القرار رقم 2209، و59 هجوماً بعد القرار 2235
وقال التقرير إن هجمات النظام تلك تسببت في مقتل ما لا يقل عن 1461 شخصاً خنقاً يتوزعون إلى 1397 مدنياً، بينهم 185 طفلاً، و252 سيدة، و57 من مقاتلي المعارضة المسلحة، وسبعة أسرى من قوات النظام كانوا في أحد سجون المعارضة. كما أُصيبَ ما لا يقل عن 9757 شخصاً.
وسلَّط التَّقرير الضوء على بعض النِّقاط المهمة في هجوم الغوطتين الذي وقع في 21 آب 2013، وذكر أن النظام أطلق 10 صواريخ عبر منصات إطلاق مُخصصة بعد منتصف الليل، واستخدم كميات كبيرة من غاز السارين، فيما يبدو أنَّه نية مبيَّتة ومقصودة لإبادة أكبر عدد ممكن من الأهالي حين تباغتهم الغازات وهم نيام، الأمر الذي يُـخفِّض من فرص النجاة؛ كما أنَّ مؤشرات درجات الحرارة تلك الليلة كانت تُشيرُ إلى انخفاضها بين السَّاعة الثانية والخامسة فجراً؛ ما يؤدي إلى سكون الهواء، وبالتالي عدم تطاير الغازات السَّامة الثقيلة، وبقائها قريبة من الأرض؛ ما سوف يتسبَّب في وقوع أكبر قدر ممكن من الضحايا بين قتلى ومصابين، وذكر التقرير أنَّ الهجوم تسبَّب في مقتل ما لا يقل عن 1127 شخصاً بينهم 107 أطفال و201 سيدة (أنثى بالغة)، وإصابة قرابة 5935 شخصاً.
وأشار التقرير أن الأسد نفَّذ 156 هجوماً كيميائياً منذ هجوم الغوطتين بمحافظة ريف دمشق 21 آب 2013 حتى هجوم عقيربات بريف حماة الشرقي في 12 كانون الأول 2016 و13 هجوماً كيميائياً منذ هجوم عقيربات حتى هجوم مدينة خان شيخون بمحافظة إدلب في 4 نيسان 2017، و14 هجوماً كيميائياً منذ هجوم مدينة خان شيخون بمحافظة إدلب 4 نيسان 2017 حتى هجوم مدينة دوما بمحافظة ريف دمشق في 7 نيسان 2018، وهجوماً واحداً عقب هجوم دوما وهو هجوم الكبينة بريف اللاذقية الشرقي في 19 أيار 2019.
واعتبر التقرير أن الدول المتقدمة نجحت في توسيع ولاية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومنحها صلاحيات تحديد مرتكبي الهجمات الكيميائية في 28 حزيران 2018، لكن هذه الخطوة جوبهت بمزيد من التَّعنت والتَّضليل الذي يمارسه النظام وحليفه الروسي فبعد مرور أقل من شهر على هجوم قرية الكبينة الكيميائي رفض النظام دخول فريق التحقيق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى سوريا من أجل التحقيق وتحديد هوية مرتكبي هجمات ربما يكون قد استخدم فيها أسلحة كيميائية.
وهذا المنع بحسب التقرير يُثبت بدون أدنى شك أن النظام متورِّط في هذه الهجمات مجدداً، ولا يريد لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن تكشف ذلك، مشيراً إلى ممارسات قام بها النظام السوري وحليفته روسيا لتضليل عمل المنظمة كان آخرها المؤتمر الذي عقدته السفارة الروسية في لاهاي في 12 تموز 2019، الذي سعت من خلاله إلى تشويه ونفي حقائق استخدام غاز الكلور في هجوم مدينة دوما نيسان/ 2018.
ودعا التقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ضمن ولايتها الجديدة إلى تحديد المسؤولين عن هجوم قرية الكبينة 19 أيار 2019، وغيره من الهجمات الكيميائية، وبالتالي تحميل مجلس الأمن والمجتمع الدولي مزيداً من المسؤولية تدفعهم -وفي مقدمتهم حلفاء النظام. كما أكَّد التَّقرير على أنَّ النِّظام انتهكَ عبر استخدام الأسلحة الكيميائية في قرية الكبينة القانون الدولي الإنساني العرفي و”اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية” وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبشكل خاص القرارات رقم 2118 و2209 و2235، كما أنَّ استخدام الأسلحة الكيميائية يُشكل جريمة حرب وفقاً لميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
للاطلاع على التقرير كاملا ، اضغط هنا