الملوخية والكوسا والخيار الصغير من بين الخضروات التي يفتقدها اللاجئ السوري سلوان أحمد في ألمانيا. لكن نجاح تجربته في “الحديقة الدولية” جعلته يقترب كثيراً من تحقيق حلمه في الحصول على خضروات تعود عليها في بلده سوريا.
“الملوخية كانت من بين الخضروات التي زرعتها في المساحة المخصصة لي وأعجب بها جيراني الألمان كثيرا”، يقول اللاجئ السوري سلوان أحمد والسعادة تغمره، فالملوخية من الخضروات التي يفتقدها في بلده الجديد ألمانيا. وهذا ما دفعه للمشاركة في “الحديقة الدولية” وهي مبادرة ألمانية تتيح لعشاق الزراعة مساحات زراعية صغيرة لزراعة ما يشتهون “الحديقة هي بمثابة متنفس لي، شعور رائع أن تأكل خضروات زرعتها بنفسك” يقول سلوان لمهاجر نيوز.
لم يكتف سلوان (26 عاما) بزراعة الملوخية فحسب، بل قام بطبخها لجيرانه الألمان، لأنها “غير معروفة لدى الألمان، لكن تحمسوا لزراعتها بعد تذوقها مطبوخة”.
على مساحة لا تتجاوز 20 متراً مربعاً، يسعى سلوان إلى تعريف الألمان وغيرهم بخضروات غير معروفة في بلادهم، وهو ما يراه الشاب السوري مميزا في “الحديقة الدولية” التي تعبر عن تنوع المجتمع الألماني، “فإلى جانب الألمان هناك أشخاص من الصين واليابان وفنزويلا وغيرها من البلدان. كل واحد منا يزرع في المساحة المخصصة له خضروات من بلده” ويضيف سلوان “تتيح هذه الحديقة إمكانية تبادل الحديث والخبرات مع جارك”.
حتى الكوسا الصغيرة نجحت في ألمانيا!
إلى جانب الملوخية، زرع سلوان الطماطم والخيار والبطيخ الأصفر والباذنجان وغيرها من الخضروات التي نجح في زراعتها. هذا النجاح دفعه للتفكير في طريقة لتحقيق أمنيات الكثير من اللاجئين الآخرين الذين يفتقدون خضروات بلادهم، إذ أن “الكوسا الألمانية مختلفة عن التي في بلادنا بشكلها وحجمها. لذا يسعى الكثير من أبناء بلدي إلى شراء الكوسا الصغيرة من محلات تركية أو عربية. وهذه الكوسا تأتي من بلداننا، ما يعني أن تكاليف شحنها وغير ذلك من التكاليف يزيد من سعرها”.
في أطروحة التخرج يريد سلوان، الذي يدرس إدارة الموارد الزراعية في ألمانيا، التركيز على الزراعة المحلية لخضروات عرفها في بلده سوريا ولم يجدها هنا في ألمانيا، لأنه وبحسب رأيه “الإنتاج المحلي يعني الاستغناء عن التجار الوسطاء، وهو ما يجعل سعر الخضروات أقل بكثير من السعر الحالي، ويساعد في الحفاظ على البيئة بالتخلي عن عمليات النقل مثلا”. إصرار سلوان على إقناع مديره بفكرته، دفعه إلى القيام بتجربة مسبقة “جربنا زراعة الكوسا وحصلنا على إنتاج أفضل من سوريا وجربنا زراعة الخيار الصغير ونجح جدا”.
من سوريا إلى ألمانيا وبالعكس..
لا يرغب سلوان بنقل الخضروات التي عرفها في سوريا فحسب، بل يأمل اللاجئ السوري أيضا في أن يتمكن من نقل خضروات تعرفها عليها في ألمانيا إلى سوريا، حيث “هناك أشياء كثيرة يمكننا نقلها إلى سوريا مثل السلجم (Raps) الذي ينتج زيت نباتي صحي من بذوره”.
تحقيق أمنية سلوان في نقل زراعة بعض الخضروات إلى بلده سوريا “ربما يحتاج إلى بعض الوقت” يقول اللاجئ السوري مشيرا إلى أن الحرب في بلده لن تمنعه من بذل ما بوسعه لإتقان علوم إدارة الموارد الزراعية وكسب الخبرات في هذا المجال “بدأت بدراسة الهندسة الزراعية في سوريا لكن بسبب الحرب لم أتمكن من متابعة دراستي، وعندما جئت إلى ألمانيا كان مجال إدارة الموارد الزراعية هو الأقرب لدراستي. بعد أن حصلت على فرصة عمل لدى إحدى الشركات الزراعية الكبرى في مدينة دريسدن، تمكنت من التسجيل في المدرسة المهنية التابعة لهذا المجال “.
في حديثه لموقع يهاجر نيوز يقول سلون، إن أصعب ما واجهه في ألمانيا هو “تعلم اللغة، فبعد إنهاء دورات اللغة اعتقدت أنني أتقنتها. لكن المصطلحات الجديدة التي تعلمتها في المدرسة المهنية كانت كلها جديدة وتختلف كليا عما يتعلمه المرء في دورات اللغة”.
صعوبة اللغة لم تقف عائقا أمام سعي سلوان إلى متابعة دراسته، حيث حصل “على دعم كبير” من زملائه. وهو ممتن لكل من قدم له يد العون لتحقيق حلمه في متابعة دراسته هنا في ألمانيا “أعيش في دريسدن المعروفة بمعاداة الأجانب. كثيرون حذروني من العنصرية في هذه المدينة، لكن تجربتي كانت عكس ما حذرني منه الأخرون” يقول سلوان. فهل تمحي “الملوخية” صورة “معاداة الأجانب” التي عرفت بها دريسدن؟