اتفاق الشرع وعبدي: ردود فعل دولية وإقليمية تكشف تحديات سوريا الجديدة

في العاشر من مارس/آذار 2025، وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي اتفاقاً يهدف إلى دمج المؤسسات المدنية والعسكرية للإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا ضمن مؤسسات الدولة بحلول نهاية العام. يأتي هذا الاتفاق في سياق مرحلة انتقالية دقيقة عقب سقوط نظام بشار الفار في ديسمبر / كانون الأول 2024، وتزامناً مع تصاعد أعمال العنف في الساحل السوري التي أثارت قلقاً دولياً واسعاً. يسعى الاتفاق إلى ترسيخ الوحدة الوطنية، لكنه أثار ردود فعل متباينة على المستويات الدولية والإقليمية والداخلية، ما يعكس تعقيدات الواقع السوري وتشابك المصالح فيه.


رحبت الولايات المتحدة بالاتفاق كخطوة نحو الاستقرار في بيان رسمي لوزارة الخارجية بتاريخ 10 مارس/آذار 2025، حيث أشار متحدث إلى أنه “يدعم التوحيد لكننا نطالب بحماية الأقليات“، وفق وكالة رويترز. فرنسا أبدت موقفاً مماثلاً في 11 مارس/آذار ، داعية إلى محاسبة المسؤولين عن العنف، حسب وكالة فرانس برس.
على الصعيد العربي، أعربت السعودية عن تأييدها في 10 مارس، مشيرة إلى أن الاتفاق “يعزز وحدة سوريا”، وفق وكالة الأنباء السعودية (واس). الإمارات رحبت به عبر الشيخ محمد بن زايد في 11 مارس، مؤكدة دعمها “لوحدة سوريا”، حسب وكالة أنباء الإمارات (وام). وفي الأردن، قال وزير الخارجية أيمن الصفدي في 11 مارس إنه “خطوة للتوحيد”، وفق وكالة الأنباء الأردنية (بترا).
قطر، بدورها، أكدت موقفها الداعم لوحدة سوريا وسيادتها في بيان لوزارة الخارجية بتاريخ 10 مارس 2025، مشددة على أهمية “دمج جميع المكونات السورية في إطار الدولة دون إقصاء”، مع التزامها بدعم الشعب السوري في تحقيق تطلعاته، وفق تصريح رسمي نشرته وكالة الأنباء القطرية (قنا). هذا الموقف يتماشى مع سياسة قطر التاريخية في دعم الاستقرار السوري مع الحفاظ على حذر تجاه أي ترتيبات قد تثير مخاوف إقليمية.

في المقابل الرئيس أردوغان اعتبر أن التنفيذ الكامل للاتفاق بين الشرع وفرهاد عبدي مظلوم سيخدم أمن واستقرار سوريا وسيكون الرابح منه جميع السوريين.

روسيا أعربت عن قلقها من العنف في الساحل دون تأييد أو رفض مباشر للاتفاق في 10 مارس، حسب وكالة تاس.
إيران رفضت اتهامات بضلوعها في أعمال العنف، مع تحفظ ضمني على الاتفاق، حيث قال إسماعيل بقائي في 10 مارس إنها “سخيفة ومرفوضة”، وفق وكالة إرنا. إسرائيل أبدت قلقها في 11 مارس من وجود مقاتلي حماس والجهاد الإسلامي، حسب هآرتس.

في الداخل السوري، لقي الاتفاق ترحيباً شعبياً واسعاً يعكس تطلعاً للوحدة. شهدت المحافظات السورية تجمعات احتفالية في 10 و11 مارس، حيث رأى السكان أن الاتفاق “ينهي مخاطر التقسيم”، وفق تقرير الجزيرة نت في 10 مارس.
في الشارع الكردي، كالحسكة والقامشلي، ظهر ترحيب حذر. مظلوم عبدي وصفه في 11 مارس عبر X بأنه “فرصة لبناء سوريا جديدة”.

نص الاتفاق، كما نشرته وكالة سانا في 10 مارس/آذار ، يتضمن دمج قسد، ضمان الحقوق، ورفض التقسيم. لكن تقارير تشير إلى تفاصيل محتملة غير معلنة. رويترز في 10 مارس نقلت عن محللين احتمال تفاهمات تركية-أمريكية لتهدئة أنقرة، بينما أشارت فرانس برس في 11 مارس إلى غموض حول اللامركزية وعائدات النفط. سانا أكدت في 11 مارس رعاية التحالف الدولي للتفاوض، مما يعزز فرضية ترتيبات خلفية.

الاتفاق بين الشرع وعبدي يمثل لحظة مفصلية في مسار سوريا الجديدة، لكنه يواجه اختباراً معقداً. الترحيب الدولي والعربي يصطدم بحذر  روسي وتحفظ إيراني إسرائيلي، بينما يعكس الداخل السوري تفاؤلاً شعبياً مع انقسامات بين العرب والأكراد. نجاح هذا الرهان يعتمد على قدرة الشرع على الوفاء بالتزاماته، وتجاوز العنف والمصالح المتشابكة، في بلد يسعى لاستعادة استقراره بعد عقود من الاضطراب.

 


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية