عائلة هولندية تعذّب طفلة سورية متبنّاة حتى الإعاقة الدائمة

طالبت النيابة العامة الهولندية بالحكم بالسجن 11 عامًا مع الخضوع لإجراء العلاج الإجباري (TBS) بحق الأبوين الحاضنين جوني فان دن ب. وديزي و. من مدينة فلاردينخن، بعد أن عُثر في 20 مايو/أيار على الفتاة التي كانت تحت رعايتهما، وعمرها آنذاك 10 سنوات، وهي تعاني من إعاقات جسدية شديدة داخل منزلهما.


ووفقًا لما جاء في مرافعة ممثلي الادعاء، فإن ما حدث كان تعذيبًا لطفلة.

“كانت أعمال العنف جزءًا دائمًا من الطريقة التي تعامل بها جوني فان دن ب. وديزي و. مع الطفلة. لقد بلغ الأمر ذروة انعدام الإنسانية. هذه القضية فريدة في فظاعتها”،
قال ممثلو الادعاء أمام المحكمة.

الفتاة، التي تبلغ الآن 11 عامًا، أصيبت بعدد كبير من الكسور في العظام وأضرار خطيرة في الدماغ، وستظل طوال حياتها بحاجة إلى رعاية طبية مكثفة.
وقال القيّمان على رعايتها، جويـس سميتس وروسمايرين فان لور، نيابة عنها:

“إنها تعاني من لحظات اكتئاب حادة.”

عُرضت يوم الخميس في المحكمة عشرات الصور المروعة التي التقطها جوني وديزي للفتاة خلال فترة تعذيبها.

“تبدو عاجزة تمامًا، لأنها لم تعد قادرة على المشاركة في حياة الأطفال الآخرين: لا تستطيع ممارسة الرياضة أو اللعب أو ركوب الخيل أو القيام بأي نشاطات يدوية. لم تعد قادرة على العناية بنفسها أو التعبير عن ذاتها. تعاني من الخوف والتوتر وانعدام الثقة بالنفس، وجسدها مليء بالندوب التي ستبقى تلاحقها مدى الحياة.”

من بين الأدلة صور تُظهر الطفلة مجبرة على الرقص عارية بأمر من جوني فان دن ب. لأنها رفضت الوقوف في زاوية الغرفة كعقاب.

“تبدو وكأنها راقصة إباحية. هههههه”، ردّت ديزي على الصور عبر رموز ضاحكة.
وفي المحكمة علّقت قائلة: “كان المشهد قبيحًا فحسب.”

“هل أفكّ قيدها لتذهب للمطبخ؟”

في صورة أخرى، تظهر الطفلة عارية تقف متباعدة الساقين في غرفة المعيشة، ويداها وكاحلها الأيمن مقيدان بالسلاسل، وشريط لاصق يغطي وجهها.
وقد كتب جوني في رسالة إلى زوجته مرفقة بالصورة:

“هل أفكّ قيدها؟ حتى تتمكن من تنظيف المطبخ.”

وتُظهر صور أخرى الفتاة مكبّلة بسلسلة إلى سرير بطابقين، أو جالسة منكمشة داخل قفص موصول بأسلاك كهربائية.
وقال جوني عن الطفلة:

“كانت طفلة مرحة إلى حد ما، لكن مع ملاحظات. لم تأتنا مع دليل استخدام.”

وادعى أنه ربطها حفاظًا على سلامتها لأنها هددت بالقفز من النافذة، أو خشية أن تفتح صمام الغاز أثناء الليل.

وأكد أن ما حدث “تفاقم تدريجيًا”، مدعيًا أن سلوكها كان يزداد سوءًا، مضيفًا:

“كنت أقول لنفسي: لن أسمح لأحد أن يدوس عليّ.”

وصف رئيس المحكمة صورًا أخرى من الملف الجنائي — التُقطت كلها بعدسة جوني نفسه — منها صورة تظهر الطفلة ويدها ملصقة على حفاضها باستخدام شريط لاصق.
قال جوني مبررًا:

“كانت تمزق الحفاضات، وهي غالية الثمن.”

وظلّ يؤكد على “سياق الأحداث” رافضًا وصفه وزوجته بالوحشية.

ديزي تلعب دور الضحية

قالت ديزي و. إنها كانت تعترض مرارًا على أساليب زوجها القاسية:

“لم يكن هناك أي داعٍ لذلك. لم يكن يجب أن يحدث أبدًا.”
وأضافت:
“كلما اعترضت، كان يغضب ويضربني.”

وقدمت نفسها بوصفها ضحيةً أيضًا:

“كان جون يرى أن الأطفال يتمادون معي أكثر من اللازم. كنت أزداد حزنًا لما كان يحدث في المنزل، وكان يصرّ على أن أتناول مضادات الاكتئاب لأصبح أكثر مرحًا.”

في آخر الصور الملتقطة للطفلة، بدت — بحسب وصف رئيس المحكمة —

“كعصفور مكسور الأجنحة.”

عندما نُقلت إلى المستشفى في مايو 2024، تم توثيق إصابات بالغة ومتعددة تشمل كسورًا في العظام وإصابات دماغية خطيرة.

 

ساد صمت تام في قاعة المحكمة عندما وصف القيمان حال الطفلة من حيث الخوف والعزلة التي عاشتها، وكيف كانت تستغيث دون أن تجد من يصدقها أو يساعدها.

“كل البالغين الذين كان يفترض أن تثق بهم لم يصدقوها. لم يصدق أحد الجحيم الذي كانت تعيشه.”

ربما لو تمكنت من الحديث، لكانت روت عن الإهانات المهينة التي تعرضت لها — كيف تم حلق شعر رأسها بالكامل لأنها أصيبت بالقمل، بينما كانت ابنة ديزي وجوني تُعالج من القمل بشامبو خاص، وكيف تم تقييدها عارية إلى سرير بطابقين، وكيف أصيبت بتقرحات في باطن قدميها لأنها أُجبرت على الوقوف لفترات طويلة.

“لقد تم تعذيبها عمدًا، وبوعي، وبقسوة لا رحمة فيها.”

توجهت والدة الطفلة إلى المتهمين جوني وديزي بكلمات غاضبة، ووصفتهم بأنهم “وحوش” و**”متخلفون”**، وقالت إنهما دمّرا ابنتيها “لأنهما طفلتان ملونتان“.
كما تحدثت والدة الطفلين السوريين اللذين تعرضا سابقًا لسوء معاملة على يد المتهمين نفسيهما، مؤكدة أن هناك دافعًا عنصريًا وراء أفعالهما.

في جلسة الجمعة، ألقت ديزي و. اللوم بالكامل على زوجها جوني، وقالت:

“لو كنت وحدي مع الأطفال، لما كنا جالسين هنا اليوم.”

أما جوني فان دن ب. فقد اتهم مؤسسات الرعاية بالتقصير، مؤكدًا أنها لم تقدم له المساعدة التي طلبها:

“نحن لسنا الوحيدين المسؤولين. مثل هذه الأمور لا تُخطط لها. لقد تسللت الأمور تدريجيًا.”

وأضاف جوني موضحًا:

“لقد بدأ الأمر بحبل بسيط. قامت بقطعه، فاستبدلته بسلسلة في النهاية. حتى أنا لا أفهم كيف تجاوزت ذلك الحد. كنت أنجرف أكثر فأكثر في سلوكها، ثم أتجاوزه.”

في تقرير رسمي صدر بتاريخ 30 يناير 2025، خلصت هيئة التفتيش الصحية والشبابية الهولندية (IGJ) وهيئة تفتيش العدل والأمن (Inspectie JenV) إلى أن مؤسستي الرعاية إنفر (Enver) ومؤسسة ويليام شريكر (WSS) المسؤولتين عن متابعة حالة الطفلة السورية، أخلفتا التزامهما المهني والإنساني.

وجاء في خلاصة التقرير أن الطفلة “لم تُسمع ولم تُرَ بما يكفي”، ما سمح بترسيخ بيئة غير آمنة داخل الأسرة الحاضنة، وتدهور حالتها النفسية والجسدية وصولًا إلى إصابتها بإعاقة دائمة نتيجة التعذيب المتكرر.

التحقيق الذي أُجري عقب إدخال الطفلة إلى المستشفى في مايو 2024 كشف أن الإهمال المؤسسي سمح باستمرار الانتهاكات رغم الإشارات الواضحة على الخطر. وقالت أنجيلا فان دير بوتن، رئيسة قسم التفتيش في رعاية الشباب:

“علينا أن نقرّ بأن مأساة هذه الطفلة تفاقمت لأن الرعاية المقدّمة كانت قاصرة ومتكررة الفشل. ما حدث مؤلم بشكل لا يُحتمل، وسيترك أثرًا عميقًا في منظومة الرعاية بأكملها.”

بهذا البيان، لم يعد الجرح فرديًا. لقد تحوّل إلى مرآةٍ لانهيار الثقة في نظامٍ كان يفترض أن يحمي من لم يجدوا مأوى سوى بين أيدي الغرباء.

 

المصادر:
telegraaf
Inspectie Gezondheidszorg en Jeugd (IGJ)
GeenStijl.nl


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية