تشهد عمليات الترحيل من ألمانيا اتجاهًا تصاعديًا، حيث أكد وزير الداخلية الاتحادي مؤخرًا انتهاج سياسة أكثر صرامة، رغم استمرار الانتقادات من حزب البديل من أجل ألمانيا، فيما طلب حزب ألماني بأن تشمل عمليات الترحيل هذه السوريين أيضًا.
تواصل أعداد المرحّلين من ألمانيا ارتفاعها، إذ تم ترحيل أكثر من 11.800 شخص خلال النصف الأول من عام 2025، وفقاً لما أعلنه وزارة الداخلية الألمانية في ردّها على استفسار قدمه النائب البرلماني عن حزب “البديل من أجل ألمانيا”، لايف-إريك هولم، في وثيقة حصلت عليها وكالة الأنباء الألمانية الجمعة (25 يوليو/ تموز 2025).
وبحسب بيانات سابقة، بلغ عدد حالات الترحيل خلال النصف الأول من العام الماضي نحو 9.500، فيما تجاوز إجمالي عمليات الترحيل خلال عام 2024 حاجز 20 ألف حالة، وهو عدد يفوق ما تم تسجيله في الأعوام السابقة.
وكان وزير الداخلية الاتحادي ألكسندر دوبرينت (الحزب الاجتماعي المسيحي البافاري) قد أكد، في اجتماع مشترك مع نظرائه من النمسا والدنمارك وفرنسا والتشيك وبولندا مؤخرًا، ضرورة التشدد في سياسات اللجوء والهجرة. وقد جاء في بيان مشترك: “إن عمليات الإعادة الفعالة شرطٌ لا غنى عنه لتعزيز الثقة في سياسة هجرة أوروبية متوازنة”.
ورغم تزايد عدد المرحّلين، وجّه النائب هولم انتقادًا لاذعًا واعتبر أن الأعداد لا تزال غير كافية، قائلاً: “لا أثر يُذكر لما يسمى بحملة لزيادة عمليات الترحيل”. وطالب السياسي المنتمي إلى حزب البديل اليميني الشعبوي بإنشاء مراكز ترحيل خاصة، بهدف منع المُلزمين بالمغادرة من التواري عن الأنظار قبيل تنفيذ إجراءات الإعادة.
مطالب بالترحيل إلى سوريا
رغم التدهور الحاد في الوضع الأمني داخل سوريا، دعا رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاجتماعي المسيحي البافاري ألكسندر هوفمان إلى استئناف ترحيل مرتكبي الجرائم من اللاجئين إلى سوريا. وقال هوفمان، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، إنه “يؤيد ذلك صراحة”، مشيرًا إلى ضرورة طرح تساؤل مشروع حول ما إذا كانت هناك بالفعل مناطق آمنة نسبيًا داخل تلك الدول يمكن الترحيل إليها.
وأضاف هوفمان بالقول: “لا يمكن القبول بمبدأ عام مفاده أنه لا يجوز الترحيل إلى دولة بأكملها بسبب اضطراب الوضع السياسي فيها”.
وكانت الحكومة الألمانية ذات التوجه المحافظ (الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي) قد قامت الأسبوع الماضي بترحيل 81 مدانًا من حاملي الجنسية الأفغانية إلى بلدهم عبر طائرة مستأجرة. وتُعد هذه الرحلة الثانية من نوعها منذ سيطرة حركة طالبان على الحكم في كابول في أغسطس/ آب 2021.
وتنص اتفاقية الائتلاف الحاكم بين الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي على السماح بعمليات ترحيل إلى كل من أفغانستان وسوريا، وذلك رغم أن مئات الآلاف من السوريين قد فروا إلى ألمانيا منذ اندلاع الانتفاضة في عام 2011، ورغم استمرار تدهور الأوضاع الأمنية حتى بعد إسقاط النظام البائد وفرار بشار أسد إلى موسكو .
الحد من طلبات اللجوء إلى أقل من 100 ألف سنويًا
تأتي عمليات الترحيل هذه ضمن نهج الحكومة الجديد الأكثر تشددًا في ملف الهجرة. وتشير بيانات رسمية إلى أن عدد طلبات اللجوء الأولية في ألمانيا قد انخفض في النصف الأول من عام 2025 بنسبة تقارب 50 بالمائة، حيث بلغ حوالي 61.300 طلب.
وأكد هوفمان ضرورة خفض هذا العدد إلى أقل من 100 ألف طلب سنويًا “قدر الإمكان”، وقال في هذا السياق: “يجب صياغة سياسة لجوء وهجرة تعتمد على أدوات متعددة تضمن ألا يتم تجاوز عتبة الـ100 ألف، بل وتعمل على تهيئة الظروف لتقليص العدد إلى ما دون ذلك”. وكان المستشار الألماني فريدريش ميرتس قد أعلن في وقت سابق أن هدف حكومته هو الحد من عدد طالبي اللجوء إلى 100 ألف سنويًا كحد أقصى.