دعوة روسيا في مجلس الأمن لحماية الأقليات: تناقضات مع سجلها الإجرامي في سوريا

أعلنت روسيا والولايات المتحدة عن طلبهما لعقد مشاورات مغلقة لمجلس الأمن الدولي حول الوضع الراهن في سوريا، حسبما كشف دميتري بوليانسكي، النائب الأول للممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة. ( (وكالة تاس، 10 مارس/آذار 2025)


يأتي هذا الإعلان في سياق يثير الدهشة، إذ تقدم روسيا نفسها كمدافعة عن “حقوق الأقليات”، بينما تحمل سجلاً موثقاً بدعم نظام بشار أسد عسكرياً وسياسياً على مدى عقد.
وثّقت تقارير الأمم المتحدة (2022) أن القصف الروسي استهدف البنية التحتية المدنية في سوريا، بما في ذلك المستشفيات، المدارس، وأسواق الخبز، مما أودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين – تقديرات تشير إلى أكثر من 20,000 ضحية بين 2015 و2020 وحدها.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد قدمت روسيا ملاذاً آمناً لبشار الفار ، المتهم بجرائم ضد الإنسانية من قبل منظمات حقوقية دولية، وحمت أموالاً منهوبة تُقدر بمليارات الدولارات في مؤسساتها المالية، وفق تحقيق نشره معهد الشرق الأوسط (2023) استناداً إلى وثائق مسربة.

هذا التناقض يكتسب بعداً أعمق عندما ننظر إلى سجل روسيا في مجلس الأمن، حيث استخدمت حق النقض (الفيتو) مع الصين لإحباط ثلاث قرارات على الأقل تهدف إلى مساءلة النظام السوري.

في 22 مايو/أيار 2014، رفضت مشروع قرار فرنسي لإحالة الجرائم في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، رغم تأييد 13 عضواً (تقرير الأمم المتحدة، 2014).
وفي 8 أكتوبر/تشرين أول 2016، أجهضت قراراً يدين القصف العشوائي في حلب،
ثم في 24 أبريل/نيسان 2017، عرقلت فرض عقوبات على النظام بعد هجوم خان شيخون الكيميائي.

تُظهر هذه الوقائع تناقضًا واضحًا بين الدعوات الروسية المعلنة لحماية حقوق الأقليات وسجلها الإجرامي الموثق في سوريا. إن التدخلات السياسية والمصالح المتضاربة قد أعاقت تحقيق العدالة، مما يجعل هذه الدعوة الأخيرة في مجلس الأمن موضع تساؤل حول مصداقيتها وجدواها في ظل السياق التاريخي .


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية