طالب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، الجمهوري عن ولاية تكساس مايكل ماكول يوم الإثنين في بيان بأن وزارة الخارجية “تحتاج القيام بمراجعة أمنية من القمة للقاعدة، لأنني قلق من كيفية الحصول على تسريب مذكرة كشفت عن سحب التصريح الأمني من المبعوث الأمريكي الخاص لإيران روبرت مالي.”.
وعبر ماكول عن مخاوفه من أن “طهران تايمز” حصلت على معلومات لم تتوفر للمشرعين الذين طالبوا بمعرفة مسار التحقيقات في مالي، بما في ذلك أسئلة حول السماح له للإطلاع على المعلومات السرية.
وهدد ماكول الشهر الماضي باستدعاء وزارة الخارجية للحصول على مزيد من المعلومات حول القضية. وقال ماكول “لو كانت المذكرة أصلية، فهذا مدعاة للقلق الكبير، لأن هذه ليست المرة الأولى التي حصل فيها بوق النظام الإيراني على معلومات حساسة في الفترة الأخيرة في وقت ترك فيه الكونغرس بالظلام”.
ويرى المراقبون لإيران أن فصائل متشددة في الحكومة الإيرانية تسيطر على “طهران تايمز”، والتي نشرت قبل فترة سلسلة من التقارير الإخبارية التي تتفوق في قضية مالي على مؤسسات إعلامية أخرى بمن فيها “واشنطن بوست”. ونشرت يوم الأحد، بناء على زعم جاء في مذكرة كتبها مسؤول دبلوماسي بارز في نيسان/أبريل إلى مالي يخبره فيها بأن تصريحه الأمني قد علق بسبب “مظاهر القلق الأمنية الخطيرة” والمرتبطة “بسلوكه الشخصي” و”تعامل مع المعلومات المحمية” و”استخدام تكنولوجيا المعلومات”.
ونشرت مذكرة قالت إنها “حساسة ولكن ليست مصنفة كسرية”. وأخبر شخص على معرفة بقضية مالي وشاهد المذكرة الأصلية “بوليتكو” أن نسخة “طهران تايمز” تطابق النسخة الأصلية.
ونفى مالي أنه عمل أي خطأ ورفض التعليق على تقرير المجلة. وانتقد الجمهوريون إدارة بايدن السماح لمالي بمواصلة عمله وبشكل مؤقت في الخارجية وبعد سحب تصريحه الأمني بناء على التحقيق ولعدم إخبارهم حول التحقيق. ويشارك مكتب التحقيقات الفدرالي، أف بي آي بالتحقيق حسب شخص مطلع على القضية. وقال ماكول “لقد طلبت من الخارجية الشفافية في مسألة مالي المستمرة وسأواصل مطالبي بالحصول على أجوبة”. وقال “فيما يتعلق بالفصل الأخير، فأنا قلق جدا حول كيفية حصول النظام على ما يحتمل أنها وثيقة أصلية وماذا لديهم من وثائق حساسة”.
ودعا السناتور الجمهوري عن ولاية تينسي وعضو لجنة الشؤون الخارجية بيل هاغرتي، يوم الإثنين المفتش العام في وزارة الخارجية إلى فتح تحقيق في الطريقة التي حصلت فيها “طهران تايمز” على المذكرة. وفي بيان قال هاغرتي: “هذا صادم ولعلمي، غير مسبوق أن يقوم ذراع دعائي للنظام الإيراني الإرهابي بوضع يده على ما يبدو أنها مذكرة “حساسة ولكن غير مصنفة كسرية” وتعود إلى نيسان/أبريل ولها علاقة بتعليق التصريح الأمني للمبعوث الخاص”.
ويقوم مكتب المفتش العام في الوزارة بالنظر في الظروف المحيطة بتعليق تصريح مالي الأمني. ولكن هاغرتي طالب بالتحقيق “بموظفي الخارجية وإن كان أي منهم خرق القانون أو التنظيمات فيما يعتبر كشفا غير رسمي لهذه الاتصالات [الحساسة] المتعلقة بمالي والأمن القومي”.
ولم تعلق إدارة بايدن رسميا حول مالي وإن كان يخضع للتحقيق، وقال المسؤولون في حزيران/يونيو إن مالي طلب منه التوقف عن العمل بشكل كامل وبدون راتب، بعدما نشرت الصحف أنه خاضع للتحقيق وأنه تم تعليق تصريحه الأمني. ورفضت الإدارة الكشف عن معلومات متعللة بالخصوصية وأمور أخرى.
وشارك هاغرتي انتقاداته عبر منصة إكس (تويتر سابقا) وتساءل إن كانت المذكرة المنشورة في الصحيفة الإيرانية أصلية. وأعاد نشر رسالة من غابريل نوروها، مستشار وزارة الخارجية السابق لإيران خلال فترة دونالد ترامب “تبدو أصلية لي”. ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية التعليق على الوثيقة وإن كانت أصلية. ولن يناقشوا تغطية “طهران تايمز” ولا الكيفية التي استطاعت فيها الصحيفة التي تسيطر عليها الدولة الحصول على الوثيقة.
وحولت وزارة العدل الأسئلة إلى مكتب الصحافة الوطنية في “أف بي آي” ورفضت التعليق بالقول: “لا نؤكد ولا ننفي التحقيق”. وهناك إمكانية ألا تكون وزارة الخارجية المصدر للوثيقة، في ظل مشاركة وزارات أخرى بالتحقيق في قضية مالي، بحسب “بوليتيكو”.
وقال مسؤول سابق بدائرة الأمن الدبلوماسي بوزارة الخارجية إن تصميم الوثيقة واللغة والتاريخ المختوم والأسماء الواردة تتبع المعايير المعمولة بها بوزارة الخارجية. وكرر نوروها بمقابلة نفس الأمر، وأضاف أنه سيشعر بالصدمة لو كان هناك شخص في داخل وزارة الخارجية يسرب الوثائق لطهران تايمز. وأضاف أن القصة الأخيرة والمنشورات الأخرى لطهران تايمز ربما كانت نتيجة قرصنة.
وقال نوروها إن هناك إمكانية لمعرفة إدارة بايدن بالقرصنة وكذا إيران غير المهتمة بكشف المعلومات التي لا تهتم بنشرها. وكان نوروها من أشد الناقدين لمالي وسياسة بايدن من إيران. وقال: “ربما كانوا يعرفون أننا نعرف عن قرصنتهم وأن هذه مباهاة”، وربما لم يقم النظام الإيراني بالقرصنة وحصل على المعلومات من الصين أو روسيا أو أي لاعب آخر. وكان هدف مالي هو إحياء المعاهدة النووية الموقعة في 2015 وخرجت منها إدارة ترامب عام 2018، إلا أن المحادثات تجمدت بعد عدة جولات تفاوضية.
مالي يعتبر بالنسبة لصقور إيران في واشنطن شخصية مثيرة للجدل، ويتهم بالتساهل مع إيران ومستعد للتفاوض مع رموز تمقتهم الولايات المتحدة. وسينضم مالي أثناء التحقيق لكلية الشؤون العامة والدولية بجامعة برينستون كأستاذ زائر. ولم ترد لا “طهران تايمز” أو بعثة إيران بالأمم المتحدة مباشرة على أسئلة المجلة. ويعود تأسيس طهران تايمز إلى الثورة الإسلامية في 1979، والتي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي.
وتفوقت “طهران تايمز” على بقية الصحف والمؤسسات الإعلامية بنشر تقارير تتعلق بتعليق التصريح الأمني لمالي في 21 نيسان/أبريل وهو نفس تاريخ المذكرة، مع أن أشخاصا على معرفة بالتحقيق يقولون إن تاريخ المذكرة هو 22 نيسان/أبريل.
ونشرت تسجيلا نسبته لمالي قال فيه إن الولايات المتحدة ستواصل الضغط على إيران حتى بعد إحياء الصفقة النووية الإيرانية. إلا أن بعض تقارير قامت على التكهن والتخمين ومن الصعب التأكد منها. وعلى أية حال فتغطيتها جذبت انتباه المسؤولين والمحللين الأمريكيين الذين يتعاملون مع الملف الإيراني، ويعرف الكثيرون منهم مالي شخصيا. وقالت سوزان مالوني من معهد بروكينغز: “هذا أمر غريب بالكامل”.