الغارديان: هيئة الإذاعة البريطانية تجاهلت حفل افتتاح المونديال ، وركزت على انتقاد قطر والفيفا

بي بي سي تتجاهل حفل افتتاح كأس العالم لصالح انتقادات قطر
بدأت التغطية بالتركيز على معاملة العمالة الوافدة والشواذ جنسيا والفساد في الفيفا


قالت الصحيفة إن الحكومة القطرية التي أنفقت ملايين الجنيهات على حفل افتتاح كأس العالم، الذي شارك فيه الممثل الأمريكي الشهير مورغان فريمان، والمغني جانغ كوك، من فرقة “بي تي أس” ومئات من الممثلين، كانت تأمل على الأرجح بأن تكون لحظة إعلامية عالمية تركز على الرياضة وكرة القدم، بدلا من حقوق الإنسان.

وما لم تتوقعه قطر، هو تجاهل “بي بي سي” للمناسبة بالكامل، والتركيز في تغطيتها على معاملة العمالة الوافدة والمثليين، والتأكيد على فساد الفيفا، وكان هذا فقط في أول دقيقتين من بداية تغطية افتتاح كأس العالم. وقال غاري لينكر مقدم برنامج “ماتش أوف ذا دي”: “هذه أول مباريات كأس العالم الأكثر إثارة للجدل، حتى قبل أن تبدأ”، وأضاف: “منذ اختيار الفيفا قطر في عام 2010، أصغر دولة تستضيف أعظم منافسات كرة القدم، فقد واجهت العديد من الأسئلة، من اتهامات الفساد في عملية المنافسة، إلى معاملة العمال الوافدين الذين بنوا الملاعب ومات منهم الكثير. المثلية غير قانونية، حقوق المرأة وحرية التعبير محل اهتمام. ثم قرار الفيفا قبل ستة أعوام، لنقل المباريات من الصيف إلى الشتاء”. وأنهى كلامه بالقول: “على هذه الخلفية هناك مباريات يجب أن تلعب، ويجب مشاهدتها والاستمتاع بها حول العالم، التزم بالرياضة تقول الفيفا، حسنا سنفعل، لعدة دقائق على الأقل”. وما تبع ذلك هو التخلي عن كل الذوق السياسي والحديث عن الفساد الذي قاد لتجمع أفضل لاعبي كرة العالم في الدوحة وسط الشتاء الأوروبي.

ورفضت “بي بي سي” التعليق على سبب تجاهلها حفل الافتتاح، والذي يكون في العادة فرصة للدول لكي تعكس قوتها الناعمة حول العالم. وشاهد المتابعون في بقية العالم، جانغ كوك، واحد من أشهر المغنين في العالم، وهو يؤدي أغنيته التي احتوت على كلمات ملهمة: “انظر من نحن، نحن حالمون/ نحن من سيحقق هذا لأننا نؤمن به”، وكان يغني أمام استاد محتشد بالجماهير.

في المقابل، قدمت “بي بي سي وان” لقاء أجراه المذيع روس أتكين مع منطمة أمنستي إنترناشونال قائلا: “لم نر أبدا كأس عالم بآثار كربونية كهذا أبدا”.

وحتى لاعبي كرة القدم الذين جلبتهم “بي بي سي” لتحليل المباريات، تخلوا عن أي حس بأن السياسة يجب أن تبتعد تماما عن كرة القدم. وسخرت الإنكليزية اللاعبة الدولية السابة أليكس سكوت، من رئيس الفيفا، جياني إنفانتينو، الذي قال إنه يتعاطف مع العمالة الوافدة وكلفة كأس العالم الذي يشارك به: “لن تعرف  أبدا كيف ستكون عاملا وافدا، لكي تواصل القول إن كرة القدم هي للجميع، لا ليست كذلك، ولا يمكنك القول إن كرة القدم للجميع”.

وذهب كابتن المنتخب الإنكليزي السابق ألان شيرار أبعد من سكوت، قائلا: “لو كان شعوره (إنفانتينو) قويا باتجاه العمالة الوافدة وعائلاتها، فقد طلبت أمنستي من الفيفا 400 مليون دولار فقط في صندوق تعويضات ولم يوافقوا، لماذا؟”. وبدلا من تقديم رواية قطر عن دولة صغيرة قامت بعمل كبير لاستضافة كأس العالم، ترك المشاهد البريطاني بانطباع أن كأس العالم غارق في اتهامات الرشوة، وأن قطر دولة تعاني من عيوب كثيرة.

كانت هناك بالطبع بدائل عن “بي بي سي”، فالمشاهد البريطاني الذي يتابع المباريات من خلال القنوات المجانية، كان بإمكانه متابعة تغطية الجزيرة الإنكليزية، وتم الاعتراف في التغطية بالنقد، لكن المناسبة قُدمت في سياق “التقدم الهائل في البنى التحتية” بالدوحة.

 وفي الوقت الذي ركزت تغطية “بي بي سي” على العمالة الوافدة وطريقة معاملتها، قدمت الجزيرة العمال الوافدين وهم يستقبلون الفريق الإنكليزي، وبتعليق: “لولا هذه اللعبة الجميلة لما التقى هذان الفريقان بلغات مختلفة ومن مناطق مختلفة، لكن كرة القدم جمعتهما”.

 وفي “بي بي سي” لم تكن هناك تعليقات جميلة كهذه، مع أن لينكر حاول دفع شيرار لمعالجة المقارنة بين فريقه السابق نيوكاسل يونايتد الذي اشتراه السعوديون والمناسبة، فكان رده: “نحن المشجعون لا نختار مكان كأس العالم بنفس الطريقة التي لا نختار فيها من يستثمر في نوادي كرة القدم”.

وبعد ساعة من النقد لقطر وكأس العالم، عاد المعلقون لمناقشة كرة القدم، تشكيلة الفريق والأساليب والتفاؤل واللاعبين المهمين والرابحين والخاسرين وما ستسفر عنه مباراة قطر- الإيكوادور (انتهت 2- 0 لصالح الإكوادور) وتم عرض إعلانات عن منع البيرة في الملعب. ولكن مشاهدي “بي بي سي” شاهدوا شيئأ غير عادي: قناة تلفزيونية لها حق عرض المناسبة الكبرى اختارت أن تقلل من قيمة منتج تريد أن تقدمه لمشاهديها.


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية