هناك دعوات متزايدة لتحقيق مستقل في القرارات التي اتخذتها الشرطة والمخابرات الكندية، في قضية دخول البريطانية شميمة بيغوم إلى سوريا وانضمامها لتنظيم الدولة
كشفت صحيفة The Times الأمريكية هذا الأسبوع أن شرطة العاصمة كانت تعلم أن مهربًا للبشر يعمل لصالح المخابرات الكندية كان مسؤولاً عن مساعدة بيغوم واثنين من أصدقائها من بيثنال جرين ، شرق لندن ، للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا في عام 2015.
وكان المهرب يعمل مخبرا مزدوجا لكل من تنظيم الدولة والمخابرات الكندية. ودافع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو عن الخدمات الإستخباراتية التي يجب أن تكون “مرنة وخلاقة” بدون أن تتجاوز القواعد المشددة.
وقال: “أعرف أن هناك أسئلة حول أحداث أو عمليات معينة في الماضي وسنتأكد بمتابعتها. وسنواصل التأكد من وجود رقابة مناسبة والنظر في الخطوات المقبلة”. وجاء الزعم حول التهريب بكتاب “التاريخ السري للعيون الخمس” ومؤلفه ريتشارد كيرباي، مراسل صحيفة “صاندي تايمز” سابقا للشؤون الأمنية.
واعترفت كندا بدورها بشكل سري لكنها خافت من الفضيحة وطلبت بريطانيا مساعدتها في التستر، حسبما ورد في الكتاب الذي صدر يوم الخميس. ولا تزال بيغوم، 23 عاما عالقة في مخيم بسوريا وزعمت أنه تم تهريبها إلى تنظيم الدولة. وتقدمت بطلب استئناف لإلغاء القرار الصادر بتجريدها من جنسيتها، والذي اتخذه وزير الداخلية في حينه، ساجد جاويد عام 2019.
وقال ديفيد ديفيس، الوزير السابق في الداخلية والذي دعا لإعادة البريطانيين الذين لا يزالون في سوريا: “في أدنى مستوى، كان هناك عدم كفاءة وعجز في استخدام المصادر للعثور على الفتيات. وفي المستوى الأدنى هناك تواطؤ يظهر نفاق الحكومة وسياستها في عدم جلبهن، وكان بإمكانهم منعها لأن الشخص الذي سهل العملية كان يأخذ المال من الغرب”.
وكان عمر بيغوم، 15 عاما عندما تركت لندن مع صديقتها كديزة سلطانة، 16 عاما والتي قتلت بغارة جوية، وأميرة عباسي، التي كان عمرها 15 عاما ولا يعرف مصيرها. وتطالب رابينا خان، عضو المجلس المحلي الذي درست الفتيات في مدرسته إلى التحقيق في كيفية وصولهن إلى سوريا، وجددت مطالبها في ضوء المعلومات الجديدة وأن على الحكومة والمجلس التوضيح بشأن الفشل بتقديم ضمانات حماية الصالح العام.
وقالت إنها واجهت على مدى السنوات الماضية معوقات كبيرة وصمتا من الحكومة. وأوضحت خان التي كانت مستشارة خاصة للتنوع الإجتماعي في حزب الليبراليين الديمقراطيين بمجلس اللوردات أن الكشف الأخير “يعتبر عارا ومخجلا للبلد والحكومة. ويجب فتح تحقيق فيما جرى ويجب أن توضح الحكومة الكندية أو الناس الذين تستروا عليها في هذا البلد وتنظيف صفحتهم”.
وقالت خان إن مخاوفها من ميل خمس فتيات للتشدد جعلها تلجأ للمحكمة كي تمنع مغادرتهن البلاد. ورفضت شرطة لندن ووزارة الداخلية والمخابرات الكندية التعليق. وفي دفاعه عن تجريد بيغوم من الجنسية، قال جاويد في مقابلة مع برنامج “صباح الخير بريطانيا” على قناة أي تي في: “لو علمت ما كنت أعلم، ولأنكم أشخاص عقلانيون ومسؤولون لاتخذتم بالضبط القرار الذي اتخذته”.
وساعد بيغوم وصديقتيها مخبر اسمه محمد الرشيد. ولم يكن الكنديون قادرين على منع الفتيات من مواصلة الرحلة إلى سوريا لأنهن قطعن الحدود مع وصول المعلومات إلى مسؤول الرشيد، حسبما يقول الكتاب.
وبعد اعتقال الرشيد في تركيا، سافر وفد من مسؤولي الإستخبارات الكندية إلى لندن وكشفوا للشرطة البريطانية ما لديهم من معلومات، وظلت الشرطة صامتة منذ ذلك الوقت.
وأخبرت بيغوم “بي بي سي” أن الرشيد رتب “كل رحلتها” من تركيا إلى سوريا. و”كنا نفعل كل شيء يطلب منا” و”ساعد الكثير من الناس على الدخول، وكنا نفعل كل ما يطلب منا أن نعمله لأنه كان يعرف كل شيء ولا نعرف شيئا”.
ويقول خبراء القانون إن الكشف الجديد في الكتاب قد يترك أثرا كبيرا على التحدي القانوني الذي تقدمت به بيغوم لهيئة الاستئنافات الخاصة بالهجرة وستستمع للقضية في تشرين الثاني/نوفمبر. وقال بن كيث المحامي في 5 سانت أندروز هيل تشامبر بلندن والمختص بقانون الترحيل إنه لو كانت الاتهامات صحيحة فستكون “دليلا قويا في صالح بيغوم” و”في هذه الحالة سيتم اعتبار بيغوم بأنها شخص تم الاتجار به بناء على تعريف الأمم المتحدة للاتجار بالبشر والذي تم دمجه بالقانون البريطاني”.
و”بناء على ذلك الميثاق، فسيتم التعامل مع بيغوم بأنها ضحية وتحتاج لحماية كبيرة. ومن المحتمل أن ينظر إلى أن ما حدث في سوريا ليس خطأها”.