قالت السلطات اليونانية إن أكثر من 25 ألف شخص حاولوا دخول البلاد عبر الحدود المشتركة مع تركيا خلال الأسابيع الثلاث الماضية. لكن هذه الأرقام تبدو “غير قابلة للتصديق”، بحسب المنظمات غير الحكومية، في الوقت الذي تستمر فيه التوترات بين البلدين الجارين مع إصرار اليونان على تحصين الحدود البرية والبحرية، وبناء جدار يغطي كامل المساحة الحدودية المشتركة مع تركيا الممتدة على طول 220 كلم.
خلال مقابلة تلفزيونية، قال وزير النظام العام اليوناني إن حوالي 25 ألف شخص حاولوا دخول البلاد عبر الحدود المشتركة مع تركيا، سواء على متن قوارب متجهة إلى جزر بحر إيجه أو عبر البر في منطقة إيفروس، خلال شهر آب/أغسطس الجاري وحده.
ووجه على الفور اتهامات لتركيا بكونها الجهة التي تدفع الأشخاص للعبور إلى اليونان، وقال أمس الأربعاء في مقابلة مع قناة “أنتينا” الخاصة إن الضغط على الحدود البرية والبحرية مع تركيا “يتطور إلى تهديد خاص للغاية لسلامة اليونان وأمنها”.
One more way the narrative about border crossers in #Evros being a 'hybrid threat' for Greece: an image of pointing to war and even suggesting (the mask!) a chemical attack. Anything to justify the violence and violations perpetrated by the Greek state at the #Evros border. https://t.co/LuvVNSxkb4
— Lena K. (@lk2015r) August 25, 2022
“أرقام غير قابلة للتصديق”
لكن هذا الرقم الذي أعلن عنه الوزير اليوناني ضخم جدا، بالمقارنة مع إجمالي عدد الوافدين إلى اليونان خلال العام الجاري بأكمله. إذ وبحسب الأرقام الرسمية للمنظمة الدولية للهجرة، دخل إلى اليونان حوالي 7,300 مهاجر بين بداية العام و18 آب/أغسطس الجاري، حوالي 4,500 منهم عبر البحر و2,800 عن طريق البر.
أي أن هذا الرقم يمثل أكثر من ثلاثة أضعاف عدد الوافدين الإجمالي على مدى الأشهر الثمانية الماضية. لكن الوزير اليوناني لم يقدم أي إيضاحات حول هذا الرقم أو تفاصيل حول عمليات العبور.
“هذا العدد غير قابل للتصديق! والحديث عن إيقاف 25 ألف شخص خلال أقل من شهر هو أمر جنوني تماما”، حسب تعبير هوب باركر المحللة في شبكة مراقبة العنف على الحدود (BVMN) التي توثق ممارسات العنف بحق المهاجرين على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. وأضافت خلال حديثها مع مهاجرنيوز قائلة “نحن غير قادرين على التحقق من هذه الأرقام”.
على مدى الأعوام الماضية، عززت السلطات اليونانية، بدعم أوروبي، الرقابة على بحر إيجه للتصدي لمحاولات العبور من تركيا، وتداولت تقارير عدة انتهاكات ارتكبها خفر السواحل اليوناني بحق المهاجرين، ووُجهت له اتهامات بصد القوارب وإعادتها قسريا إلى المياه التركية. وعلى الحدود البرية، يستحيل على منظمات المجتمع المدني أو وسائل الإعلام الاقتراب من ضفاف نهر إيفروس، لا سيما وأن السلطات اليونانية تعتبر المنطقة بأكملها عسكرية ومحظورة.
كما أن الوزير لم يحدد ما إذا كان رقم الـ25 ألف، يمثل فقط محاولات العبور الفاشلة، أو أنه يتضمن أيضا محاولات الأشخاص الذين تمكنوا من العبور.
وأضاف أن العديد من المهاجرين المتجهين إلى اليونان هم سوريون وادعى أنهم “مجبرون (على محاولة دخول اليونان) حيث يبدو أن السلطات التركية تضعهم أمام مأزق: إما العودة إلى سوريا أو الذهاب إلى اليونان”.
من جهته، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الإثنين 22 آب/أغسطس خلال تجمع في أكاديمية للدرك وخفر السواحل، “بجهود خفر السواحل لدينا، منعنا وقوع وفيات في بحر إيجه. في العامين الماضيين، أنقذنا أرواح 41 ألف شخص تركتهم اليونان ليموتوا”.
وبحسب أرقام خفر السواحل التركي، “أنقذت” السلطات البحرية 11 ألف مهاجر غير شرعي من الغرق في بحر إيجه بين بداية العام الجاري ونهاية شهر تموز/يوليو الماضي، حوالي 10 آلاف شخص منهم “أعادهم خفر السواحل اليوناني بشكل غير قانوني إلى المياه الإقليمية التركية”.
تحصين الحدود
وتعتزم الحكومة ضخ 800 مليون يورو في ميزانية خفر السواحل لتجديد السفن والمعدات الأخرى، بما في ذلك المراقبة الجوية على البحر.
ووافق أول أمس الثلاثاء، المجلس الحكومي للشؤون الخارجية والدفاع على تمديد السياج الحدودي في منطقة إيفروس شمال شرق البلاد، ليغطي كامل الحدود الممتدة على مسافة 220 كليومترا تقريبا. ومن المفترض أن يبدأ 250 حارسا إضافيا في تشرين الأول/أكتوبر القادم دوريات حراسة في نقاط حدودية جديدة.
تعتبر هوب باركر أن “هذا النوع من الخطاب حول استخدام المهاجرين كسلاح يستخدم لدعم تصرفات الحكومة اليونانية، وإضفاء الشرعية على حجج المراقبة وانتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث”.
“عمليات صد مستمرة”
انتشرت تقارير عدة توثق قيام حرس الحدود اليوناني بصد المهاجرين على الحدود بشكل منهجي والتعامل معهم بعنف قبل إعادتهم إلى الضفة التركية، أو تركهم على جزر صغيرة داخل نهر إيفروس دون أي مساعدة أو دعم. وتستنكر الناشطة باركر من تعامل السلطات مع طالبي اللجوء قائلة “كيف يمكن للسلطات أن تمنع عشرات آلاف الأشخاص من العبور في غضون أسابيع، بينما نرسل لهم صورا ومواقع محددة لأشخاص عالقين على الجزر فيما يدعون أنهم غير قادرين على إيجادهم”.