من يوميات الوجع السوري… أنا والكوابيس لـ: صبري عيسى

صبري عيسى
كاتب و صحفي سوري

كل الأدوية التي أتناولها لمعالجة قلة النوم لم تجدِ نفعاً معي ، والمصيبة أنها تترافق بحصول كوابيس من النوع الذي ينذر بكارثة او مصيبة قادمة .
وكما يفسرها المنجمون الذين يقولون لي : قدامك طريق تمشي فيه وستجد نفسك أمام مفرق يفتح على طريقين لانهاية لهما واحد يؤدي الى احد طوابير الخبز ، والآخر يؤدي الى احد طوابيرالسكر ، إلا أن أسلوب المنجمين إختلف هذه الأيام ، ولم يعودوا يتحدثون عن الطوابير الطويلة التي كانت تقف على الحواجز قبل سنوات قليلة ، وكانوا يقولون لي قدامك حاجز تعبره لتصل إلى حاجز آخر واحد للسلامة وآخر إلى بيت خالتك حتى لو لم تكن لك خالة على قيد الحياة وبيتها الوحيد هو في الآخرة !

بلا طول سيرة نصحني أحد الأصدقاء باللجوء إلى العطارين ، وفعلاً ذهبت الى أحدهم في سوق البزورية الذي ركّب لي توليفة قال أنها مخصصة للمحبين والمقربين لأنها من النوع الشافي والوافي ، ومن يستعملها سيشاهد منامات وأحلام سعيدة خالية من كل الكوابيس.
لم أتردد في استعمالها ، وفعلاً استغرقت في نوم عميق ، وسأسرد لكم الحلم الذي شاهدته في الثانية صباحا ًحيث وجدت نفسي أمشي في شوارع خالية من العسس والحواجز وأهتف بالصوت العالي أطالب بإسقاط الحكومة ومحاسبة الفاسدين والعن الجبهة الوطنية التقدمية ، ولا أحد يعترض طريقي ، و جدران الشوارع مغطاة بصور المرشحين لانتخابات حرة ، وكل مرشح يضع إلى جانب صورته ملخص لسيرته الذاتية وشهادات موثقة تثبت خلوه من أمراض الفساد والانتهازية وامراض الكورونا والجدري وشلل الأطفال ولديه مناعة من الزهايمر المبكر .
والأدهى من ذلك شاهدت ورشات تعمل ليل نهار لإعادة الاعمار ، وإعلانات تشير الى أن شركات الخليوي قامت باعفاء السوريين من رسم ال 400 ليرة التي تقوم بفرضها كجزية على كل مستخدم لخطوطها وتبرعت به من أجل اعمار البلد ، وأن الانترنت صار بالمجان ، وصوت طرق باعة الغاز على قنينة الغاز يخترق اذني ولتر المازوت صار بمائة ليرة !


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية