في نهاية عام 1973 اعتقل جهاز الاستخبارات السوفييتي KGB امرأة تدعى اليزابيث فورونسكايا، وقت انهماكها في طباعة مخطوطة على الآلة الكاتبة، كتبها المنشق الروسي الكسندر سولغنتيسين في ظروف بوليسية شديدة الرعب، استنادا الى شهادة 257 سجين ومعتقل نجو من معسكرات الاحتجاز الشيوعية في سيبيريا، اضافة الى تجارب الكاتب سولغنيتسين ذاته باعتباره بقي سجينا لثمان سنوات متصلة في احدى معسكرات العمل القسري في سيبيريا إثر اكتشاف المخبرين رسالة كتبها الى احد اصدقائه، انتقد فيها كفاءة ستالين الحربية خلال الحرب العالمية الثانية.
وبقيت اليزابيث خمس سنوات تحت الاستجواب لكل كلمة وحرف قامت بطباعتها لهذه الراوية.
لم يكن أمام سولغنتيسين آنذاك سوى خيار واحد، الخروج من الاتحاد السوفييتي والسماح بطباعة الكتاب في الغرب.
ظهر الكتاب في فرنسا بين الاعوام 1976/1973 على شكل ثلاثة مجلدات أسماه “أرخبيل الغولاغ” يروي قصة فظائع معتقلات الحقبة الستالينية والقمع السوفييتي والتي صدمت الرأي العام الغربي، وكانت بمثابة التفجير المدوي الذي فضح الممارسات الوحشية الرهيبة المنتشرة في معسكرات العمل الاجباري، للقوى العاملة الروسية بنوع من التوافق بين الحراس والسجناء ولم يكن هذا التآخي بين بعض السجناء والحراس يعني عدم ممارسة الحراس للوحشية والعنف ضد السجناء وبين بعضهم البعض خصوصا على الاضعف شأنا منهم، وكانوا غالبا من الأطفال او النساء.
بعض الأمثلة عن ذلك هي : أن يقوم الحارس بمساعدة السجناء الذكور أحيانا بحلاقة شعر السجينات بالقوة وضربهن وتعذيبهن بسادية جنونية. كان الحراس المسؤولون عن نقل السجناء كثيرا ما يمنعون عن السجينات الطعام والشراب أثناء نقلهن , كثيرون من هؤلاء يصلون إلى محطتهن الأخيرة في حالة جوع توحشي.
كان الحراس السكارى يسرقون ممتلكات السجناء ويغتصبون السجينات ويضربون السجناء دون سبب أحيانا، ويجبرون السجناء على الوقوف متجمدين في الثلج بينما تراقبهم كلاب الحراس الشرسة، وكثيرا كان كانت الكلاب تفتك بأحدهم عند أدنى حركة، امام انظار البقية دون ان يحرك احدهم ساكنا.
أما أفظع هذه المشاهد المروعة التي وثقها الكاتب، عندما كانوا يجلبون دفعة جديدة من النساء المعتقلات ، فيبدأ السجناء بتجهيز انفسهم لحفلة الاغتصاب الجماعي بطريقة القطار، بربط الواحدة منهن على برميل، حيث يتناوب على اغتصابها قطار من عشرات السجناء القذرين .. وغالبا ما كانت الواحدة منهن تموت نزيفا او خنقا .. امام ضحكات الحراس المتبلدين والمخمورين او النائمين منهم، بعد اغتصابهم للاجمل والاصغر سنا ..
كان كثيرا منهن يمتن بردا او جوعا مع أطفالهن، اذ تذكر شهادة احد السجناء، انهن عند وصولهم إلى الجزر المنعزلة تحت الحراسة المشددة، كانت المعتقلات يمضين اياما في رحلتهن الى المعتقل، بدون طعام، فكان بعض السجناء يرمون اليهن بفتات من سقط الاسماك .. فكانوا من فرط جوعهن يبتلعونها نيئة ..!!
المنشق الروسي الكسندر سولغنيتسين 1918 -2008 حائز على جائزة نوبل للاداب عام 1970 … بعد طرده من اتحاد الكتاب السوفييت عام 1969.