من يوميات الوجع السوري … لـ : صبري عيسى

صبري عيسى
كاتب و صحفي سوري

أنا أعيش في عزلة تامة في بيتي بضاحية قدسيأ منذ خروجي للتقاعد ، وأعتمد على نفسي في قضاء حاجاتي اليومية ، وتركت بطاقتي الذكية لأسرتي في دمشق ، وبالتالي أتعامل مع السوق السوداء في تلبية كل حاجاتي الشخصية ، مثل الغاز والخبز والسكر وكل شيء احتكرت توزيعه عصابة تكامل ، وآخر عهدي بشراء قنينة غاز كان قبل عام بخمسة وعشرين ألف ليرة ، وأنا عاجز مثل غيري عن شراء قنينة غاز اليوم بمائة وخمسين ألف ليرة من السوق السوداء ، ومن الممكن أن يدخل عمر قنينة الغاز تبعي سجلات غنيس للارقام القياسية وتستمر عامين واكثر ، وطبعا ان مصدر قناني غاز السوق السوداء هو النوافذ الخلفية لوزارة النفط ، وأعوض غياب الغاز بطباخات الكهرباء الحرارية ، وهذا يبقى مرهونا بمزاجية وزارة الظلام ، ومثل أي مواطن تحولت حياته إلى جحيم بفضل حكومة الطوابير وأعاني من الغلاء والتصحر الإنساني بفضل عقوق الأقربين ، وأقتصر في غذائي على الحد الأدنى !

لكن المشكلة أنني على الإفطار لا أستغني عن الجبنة ، وتخيلوا أن سعر الكيلو يتراوح بين 13 ألف و15 ألف ليرة ، وبالتقنين أحتاج إلى ثلاثة كيلو جبنة في الشهر أي بحدود 45ألف ليرة أي مايعادل نصف راتبي التقاعدي تقريبا مضاف عليه عشرين ألف ليرة وهي جعالة صندوق تقاعد الصحفيين الشهرية !

طبعا لا أنسى ما أدفعه لشراء الخبز السياحي الذي أصبح سعر الكيلو الواحد أربعة آلاف ليرة ، وأحتاج إلى عشرة ربطات شهريا بحدود أربعين الف ليرة ، واعود للكهرباء التي تصلنا ساعة مقابل خمسة ساعات قطع ، وهذا يعني أن وزارة الكهرباء تتحكم بمواعيد طعامي المقنن ، باستثناء شرب القهوة الذي استخدم فيه طباخ السبرتو الذي أهداه لي الصديق حكم البابا لدى عودته من مصر قبل ربع قرن ،

والمفارقة أن سعر لترونصف من السبرتو الأزرق بحدود تسعة آلاف ليرة ، وللعلم أن ثمن ببور السبرتو في المناخلية اليوم أربعين الف ليرة ، وببور الكاز تجاوز المائة وخمسين الف ليرة ، وأترحم على أيام زمان وببور كاز زمان ، وحياة زمان قبل أن يسرق الرفاق بلدنا وحياتنا وعمرنا ؟ !

طباخ السبرتو على المكتب بجوار جهاز اللابتوب

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية