الأمم المتحدة: أكثر من 306 آلاف مدني سوري قتل منذ بداية الانتفاضة في آذار 2011

يشكل نسبة هائلة تبلغ 1.5 في المائة من إجمالي سكان سوريا

نشرت اليوم مفوضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان تقريرًا* أشارت فيه إلى أنّه ما لا يقل عن 306,887 مدنيين قُتلوا بين 1 آذار/ مارس 2011 و31 آذار/ مارس 2021 في سوريا ، وذلك بعد إجراء تقييم دقيق وتحليل إحصائي للبيانات المتوفّرة عن الخسائر في صفوف المدنيين. ويشكّل هذا الرقم أعلى تقدير صدر حتّى اليوم بشأن الوفيات في صفوف المدنيين المرتبطة بالنزاع في سوريا.

A Syrian paramedic carries an injured child following reported bombardment by Syrian and Russian forces in the rebel-held town of Hamouria, in the Eastern Ghouta, on January 6, 2018. – Regime and Russian air strikes on a rebel-held enclave near the Syrian capital killed at least 17 civilians, a war monitor said. (Photo by ABDULMONAM EASSA / AFP)

وقد وثّق التقرير، الذي تمّ إعداده بتكليف من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتّحدة، مقتل 143 , 350 مدنيًا، كما ذكر معلومات مفصلة بشأن كلّ حادثة، بما في ذلك اسم الضحية الكامل وتاريخ الوفاة ومكانها. بالإضافة إلى ذلك، تم استخدام تقنيات التقدير الإحصائي، المعروفة باسم التضمين وتقدير الأرقام عبر أنظمة متعددة لمحاولة رسم صورة متكاملة حيث المعلومات جاءت ناقصة. وعبر استخدام هذه التقنيات، قُدّر وقوع 163,537 حالة وفاة مدنية إضافية، وبذلك يصل إجمالي عدد القتلى المدنيين المقدّر إلى 306,887.

وقد أفادت مفوضّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت قائلة: “ليست أعداد الضحايا المرتبطة بالنزاع الواردة في هذا التقرير مجرد مجموعة من الأرقام، بل تمثل أفرادًا وبشرًا. فقتل هؤلاء المدنيين البالغ عددهم 306,887 أشخاص يحمل آثارًا عميقة تتردّد أصداؤها في الأسرة والمجتمع المحلي الذي ينتمون إليه.”

وأوضحت باشيليت قائلة: “إن عملنا في رصد الوفيات المرتبطة بالنزاع وتوثيقها أساسي لمساعدة هذه الأسر والمجتمعات المحلية على معرفة الحقيقة والتماس المساءلة وتوفير سبل انتصاف فعالة. كما أنه يعطي فكرة أوضح عن حدة النزاع وحجمه.”

وشدّدت باشيليت قائلة: “فلنكن واضحين: لقد سقط هؤلاء الأشخاص نتيجةً مباشرة للعمليات الحربية. لكنّ هذه الأرقام لا تشمل أبدًا العديد من المدنيين الآخرين الذين لقوا حتفهم بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى الرعاية الصحية والغذاء والمياه النظيفة وغيرها من حقوق الإنسان الأساسية الأخرى.”

وينطوي التقرير أيضًا على بيانات مفصلة عن الوفيات المدنية المصنّفة، بما في ذلك بحسب العمر والنوع الاجتماعي والسنة والمحافظة والجهات المسؤولة وسبب الوفاة وفق نوع السلاح. ويعني التقدير البالغ 306,887 قتلى أن 83 مدنيًا عانى في المتوسط يوميًا وعلى مدى السنوات الـ10 الماضية، من وفاة عنيفة نتجت عن النزاع.

ويشير التقرير أيضًا إلى أن “حجم الخسائر في صفوف المدنيين في السنوات الـ10 الماضية يشكّل نسبة هائلة تبلغ 1.5 في المائة من إجمالي سكان الجمهورية العربية السورية في بداية النزاع، ما يثير مخاوف جدية حيال عدم امتثال الأطراف في النزاع لاحترام قواعد القانون الدولي الإنساني بشأن حماية المدنيين.”

ويعتمد هذا العمل الإحصائي على الجهود المبذولة في السابق لتقييم عدد الوفيات المرتبطة مباشرة بالنزاع. ففي العامَيْن 2013 و2014، كلّفت مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان بإجراء ثلاثة تحليلات إحصائية لعمليات القتل الموثقة في سوريا، لكن هذه الجهود توقّفت لأن الوضع في البلد أصبح أكثر تعقيدا وخطورة ، مما أثر على قدرة المكتب على الحفاظ على معايير الجودة والتحقق المطلوبة. استأنف المكتب، في عام 2019 ، جمع المعلومات وتحليلها بشأن الضحايا ، بما في ذلك الخسائر في سوريا ، في إطار تقاريره العالمية عن مؤشر أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بشأن الوفيات المرتبطة بالنزاع (مؤشر SDG 16.1.2 ).

ويعرض التقرير التحديات التي قوّضت توثيق الضحايا في سياق النزاع، بما يتجاوز الخطر المباشر على الجهات الفاعلة في المجتمع المدني التي تحاول الوصول إلى مواقع الحوادث حيث وقعت الاعتداءات.

وقد ورد في التقرير ما يلي: “قد تتعرّض الجهات الفاعلة في المجتمع المدني التي تقوم بتوثيق الضحايا، إلى الكثير من المخاطر. كما أنها تواجه تحديات متعددة على مستوى التوثيق، بما في ذلك انهيار شبكات المعلومات التي تعتمد عليها عادةً بسبب تنقل الأشخاص وتشرّدهم، أو في المناطق التي يتم فيها حجب المعلومات العامة، وبسبب محدودية الوصول إلى بيانات الهاتف المحمول والإنترنت والكهرباء أو انقطاعها نهائيًا واستحالت جمع المعلومات ونقلها نتيجة لذلك، وبسبب القيود المفروضة على تحركاتها ومراقبتها.”

ولكن على الرغم من هذه التحديات كلّها، اتّسم توثيق الضحايا على الأرض منذ أكثر من عقد حتى اليوم بأنّه “عمل متسق ومنهجي”. وتعتمد البيانات المستخدمة في التقرير على العمل الشجاع الذي أنجزه هؤلاء الأفراد والجماعات.

ومن أجل إعداد هذا التقرير، استخدمت المفوضية السامية لحقوق الإنسان ثمانية مصادر للمعلومات تنوّعت بحسب الفترات المختلفة الممتدّة بين السنوات الـ10 المشمولة. ومنها: سجلات مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان نفسها، مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان، والمركز السوري للإحصاء والبحوث، والشبكة السورية لحقوق الإنسان، والمرصد السوري لحقوق الإنسان، ومركز توثيق الانتهاكات في سوريا، والسجلات الحكومية وسجلات الشهداء في سوريا.

“إن العمل الذي قامت به مختلف الجهات عند توثيق المعلومات بشأن الضحايا، التي يمكن التحقق منها بشكل فردي عن كل ضحية، بالغ الأهمية. فالعملية بحدّ ذاتها تتمحور حول الضحايا أنفسهم، وتضع الأفراد وأسرهم ومجتمعاتهم في صميمها من خلال ضمان عدم نسيان القتلى، وإتاحة المعلومات للعمليات المتعلقة بالمساءلة ومن أجل الوصول إلى مجموعة من حقوق الإنسان”، بحسب ما جاء في التقرير.

“فطالما أنّ النزاع لم ينهِ بعد وإلى حين أن ينتهي، تستمرّ المخاطر في تهديد حياة المدنيين. لذا، من الضروري للغاية أن تستخدم الدول كافة والأمم المتّحدة والمجتمع المدني كلّ الوسائل المتاحة لإنهاء النزاع وتعزيز الانتقال نحو السلام.”


التقرير الكامل متوفّر على هذا الرابط


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية