أريد وطني
ولو رمادًا أريدُه
فلنا في الولادة منه تجاربُ وحكايات
ولو طينًا أريده
فنحن أوّل من شواه ألواحًا
ومحونا أُمّيةَ التراب
ولو حجرًاعلى حجرٍ أريده
فليس أسهل على السّوري من العمران
أريده
ولو سبخات غمرت مطارح لعباتنا في السّفح، أريدُه
ففيها كانت تخدش اللقالقُ بمناقيرها
كآباتِ سعدٍ الذابح
وقبل أن ترحل، تعلّمنا بالنحيب أن لاجذور على السّطح
أريدُه
فهذه الصّور الملصوقة عليها ملامحُ الأحباب
لن تشفيَ غليلَ المشتاق
فليس بوسعي أن أتقرّى القسمات
وأنا مغمضُ العينين و لاأصدّق
وليس بوسعي أن أشمّ تحت الآباط
ما تركته المطراتُ الأولى
ولا أن أدسّ أنفي في عبّ قمصانهم وأصغي لقرابةٍ في النبّض والانفاس
فهي صُوَر مجردُ صُور
وليس للصّورة أن تضع القلب
في ما لايُفهم من إيقاعِ الضّمة أو النظرةِ الأولى وجهًا لوجه
أريده
فليس لصوتِ الهاتف الجوّال بحّةٌ
ورجعُ المناغاة أشبهُ بنقيق الضّفدع
كما أنّها لاتصل التنهّدات و نبراتُ العتاب
أريده
أنا أعيد ترتيبَ ما تبقّى من أغراضي فيه
وكلُّ المخبوءات عن عساكرَ شرهين
أُخرِجها وأنشرُها تحت شمس منهكة،
الرسائلِ
المكتوبة على الزوايا المقصوصة
من دفاتر المدرسة،
مسوّداتِ القصائد،
والصورةِ الأولى بالأبيض والأسود
أمام قلعة حلب،
وشريطِ كاسيت كاسيو
مكتوبٌ على لصاقته الحمراء بخطّ الثُلث
” رباعيات الخيام “
وكلُّ ما احتفظتْ به شقوقُ الحيطان
من صدى اللّعب في الأزقة
سأصغي إليه بأذن المنصت
بلا نشازٍ من قعقعة سلاح أوخطباء جوّالين
أريده
هو وطني
ولو كلّما قام من حربٍ
نشبت أخرى وتكشّف باطنُها عن عدوٍّ جديد
فلي في حضن واحدةٍ من حاراته بيتٌ بوسعي أن أسمّي بلمحةٍ
كلَّ زاويةٍ ولو كانت ركامًا فيه
ولي من سمائه حصّةُ ُالغيمة
ومن الهواء ما يكفي لتطيير طائرةٍ من ورق
ولي فيه مثلَما للكلّ
قبرٌ فرديّ
و كذلك لي فيه مخطوطُ ديوانٍ صغيرٍ عن وجَع القمر