يوم فاقم الحدث …لـ: نداء الدندشي

نداء الدندشي
كاتبة وباحثة سورية

” من حق جميع الأطفال أن يعيشوا طفولتهم بأمان”

الأمم المتحدة

مهيبة وتدعو للتأمل هذه الجملة ، تعيد للذهن بعض ألق الحياة ، حين نتذكر, على غفلة منا، أن هناك من يأبه للألم, ويعمل على رفو الجراح. لقد خصص للأطفال في أماكن النزاع يوم الهدف منه، العمل على وضع حد لمعاناتهم، لكن اليوم طوى ذيوله بصمت, دون أن تُعكر صفو سكينته, فلا خبر في صحيفة يبعث الأمل، ولا مقالة تكافح لبعث الذاكرة من جديد ، ورفو ولو جزء يسير من الجرح الذي تكفلت الأحداث حول العالم بأن تزيده إيلاما، وحدها صفحة المنظمة الدولية للأمم المتحدة، تتربص بنا وبالطفولة وتشهد أنه

” من حق جميع الأطفال أن يعيشوا طفولتهم بأمان”.


منظمة آلت على نفسها تذكيرنا كل حزيران مضى منذ 4/6/1982 ,وحتى الآن, بأن للطفولة التي تدفع الثمن الأكثر إيلاما من تبعات الحروب والنزاعات حول العالم يومها الخاص بها.

من يتذكر وسط الخراب الذي يعم العالم أن التاريخ سطر كلمته بحماسة وحدد الرابع من حزيران ليكون يوما خاصا بالأطفال الذين يعانون من آثام الحروب. لقد كبر الأطفال المعنيون وأصبحوا رجالا، وسيدات دون أن يبلغوا حقهم, دون أن ينالوا ولو جزء يسير من حقهم المعني, بعضهم أنجب أطفالا يعانون بمشقة فاقت ذويهم, فاليوم المعني خصص من أجل  أطفال فلسطين. لنلقي اذا نظرة على الطفولة في فلسطين وأخبارها التي تدمي القلب, ولننتقل إلى مكان آخر فاقت فيه آلام الطفولة الخيال, لنرنوا إلى سورية, ما حل بها, وما يحل بالطفولة فيها ليس فقط من آلام الحرب, بل وغياب الحقوق, حتى أبسط مستوياتها.

حددت المنظمة العالمية ,بعد جهد, مشاكل الطفولة في أماكن النزاع حول العالم, وعددت ست منها:

– تجنيد الأطفال.

– القتل.

– العنف الجنسي.

– الاختطاف.

– الهجمات على المدارس والمستشفيات.

– الحرمان من وصول المساعدات.

ست مشاكل ما زالت قائمة, بل وتفاقمت أيضا, بينما لم تبذل المنظمة الدولية ولو أدنى جهد في تغيير, أو تحسين سبل عملها, مازالت تسلك الطرق ذاتها التي أوصلت المساعدات إلى أرصفة الدول المجاورة لتباع بأسعار مخفضة بعد سرقتها من فم الأطفال وذويهم, بعد أن دفعتهم الحروب والنزاعات إلى حافة البؤس والحاجة, ولا تزال تعتمد في عملها على منظمات محلية معظمها غير نزيهة, بحجة ان هذا ماتوفر لها من عاملين في المناطق الملتهبة حول العالم,  وكأنها تشير بلطف وديبلوماسية إلى ان النزاهة في هذه الأماكن مفقودة, والتسيب سمة الشعوب فيها, وما زال جيش موظفيها يتقاضى أعلى الرواتب التي تقتطع من مخصصات المساعدات. أيضا, وتتجاهل العمل على ضرورة وقف الحروب والنزاعات حول العالم, كسبب وحيد لكل ما يجري, سبب لو تم العمل على وقفه لما احتاجت الدول الغنية لدفع تكلفة مساعدات لا يصل معظمها لأصحاب الحق فيها, وهي تدري… والأدهى غياب الضغط الديبلوماسي من الأمم المتحدة لمنع استهداف المدارس والمستشفيات, وأضيف إليه استهداف الأفران, والأسواق ساعة الذروة, حين ينطلق الجميع على عجل لتأمين رغيف الخبز وبعض الخضار لإعداد الطعام, تم العودة للهجوم مجددا حين يندفع المدنيون العزل لإنقاذ ذويهم ممن أصيبوا بغدر الطائرات, فلم تبد المنظمة المهيبة أي حراك يمنع ما يجري, الا حين تدفعها الحاجة لإنقاذ سمعتها فتصدر بروتوكول إدانة, لا يجد من يستمع إليه, أو يلتزم به, لغياب الفعل الحقيقي, حرصا منها على العلاقات الديبلوماسية, والسياسية التي تربط سياسين مشكوك بنزاهتهم.

المشكلة أيضا, أن ما حددته المنظمة العريقة لا يجسد كل معاناة الأطفال, غياب الحقوق مشكلة أكبر بسبب ديمومتها, فالمسكن اللائق حق للطفولة كي تنموا بأمان, والتعليم حق آخر لا يمكن الاستهانة فيه, فهو صمام أمان المستقبل, والأمان الصحي ليس ترفا أو مطلب شجاع, بل حق لنمو الأطفال, هذه حقوق واجبة يتم تجاهلها, وأن حدث ولحظت في أجندة مهامهم, فيتم العمل عليها ضمن الحد الأدنى الذي لا يحافظ على إنسانية الطفولة, ولا كرامتها, بل تتم بكثير من الاجحاف أحيانا.

منذ أن لحظت المنظمة الدولية في أجندتها يوما خاصا لحماية الطفولة أثناء النزاعات والحروب,  ارتفع عدد الدول التي تعاني من النزاعات حول العالم, واتسعت مساحة الأراضي التي تعد بؤر ملتهبة, وفق بروتوكولات التسميات, وارتفع معها عدد الأطفال  المتضررين, والمتألمين حول العالم, ففي سورية وحدها فاق عدد الأطفال الذين هدمت المدارس والمستشفيات فوق رؤوسهم, عدد الذين خصص من أجلهم هذا اليوم المهيب لدى ذكره, والغير كفؤ من حيث أداء العاملين على ملفه في المكاتب, بعد أن تحولت ضرورة التذكير بأهمية الأداء الجاد, إلى بوست صغير يسطر على الصفحة الخاصة بأعلى, وأهم منظمات العالم.


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية