مهاجرون محتجزون في بريطانيا يضربون عن الطعام ، احتجاجا على قرار ترحيلهم إلى رواندا

بعد العقبات القانونية والنقد السياسي والاجتماعي الداخلي، جاءت التقارير التي تتحدث عن الصحة النفسية لطالبي اللجوء المحتجزين في بريطانيا تمهيدا لترحيلهم إلى رواندا. وزيرة الداخلية بريتي باتيل كانت قد تعهدت مرارا بتنفيذ عمليات الترحيل تلك، ولكن في كل مرة كانت تصطدم بأحداث قد تجبرها على العدول عن ذلك. فبعد التقارير عن ارتفاع معدلات التفكير بالانتحار في صفوفهم، أعلن طالبو اللجوء المحتجزون عن الإضراب عن الطعام. أمام كل ذلك، هل ستتمكن الحكومة البريطانية من المضي قدما بمخططاتها “المضادة” للهجرة؟

لا تبدو رغبات وزيرة الداخلية البريطانية بتنفيذ عمليات إجلاء المهاجرين وطالبي اللجوء تسير كما كانت تشتهي. تقارير عدة نشرت منذ الإعلان عن توقيع الاتفاق المثير للجدل، شككت بقانونيته وبمدى قدرة الحكومة البريطانية على الإيفاء بمتطلباته اللوجستية.

لاحقا، توالت ردود الأفعال، الإنسانية والسياسية والحقوقية، لكن لعل أهمها كان رصد التدهور الحاد بالصحة النفسية لطالبي اللجوء المعنيين بعمليات الترحيل تلك.

الحكومة البريطانية قامت بالفعل بتحديد حوالي 100 شخص ضمن الدفعة الأولى من الأشخاص الذين سيتم ترحيلهم إلى كيغالي بموجب الاتفاق. هؤلاء استلموا إخطارات بشأن ترحيلهم في 14 من الشهر الجاري، وتم احتجازهم في مركز “بروك هاوس” القريب من مطار غاتويك في ساسيكس. لم يتسن لهؤلاء الحصول على الدعم الكافي قبل احتجازهم، فضمن وثيقة الترحيل التي استلموها، حددت السلطات لهم مهلة أسبوعين ليتمكنوا خلالها من مراجعة الدوائر المعنية للاعتراض على ذلك القرار. لكن هل فترة الأسبوعين كافية؟

ميول انتحار وإضراب عن الطعام

أثر القرار انعكس على الصحة النفسية للمحتجزين. منظمات غير حكومية تحدثت عن ارتفاع بمستويات التفكير بالانتحار في صفوفهم، وأن هناك من بينهم من باتوا يستسهلون إيذاء أنفسهم.

فضلا عن ذلك، أعلنت مجموعة من طالبي اللجوء المحتجزين عن الإضراب عن الطعام احتجاجا على قرار ترحيلهم.

المضربون عن الطعام تحدثوا مع قناة “بي بي سي” عن ظروف الاحتجاز والإشعارات التي وصلتهم بشأن ترحيلهم. إحدى تلك الوثائق الموجهة لأحدهم بتاريخ الأول من حزيران/يونيو، تذكر أن ترحيل الشخص المعني وشيك، وأنه لا يمكنه الاستئناف على ذلك القرار.

وفي حديثه إلى بي بي سي، قال طالب اللجوء المعني، إنه كان ضمن مجموعة من 17 شخصا أنهوا إضرابهم عن الطعام، الذي استمر لمدة خمسة أيام مساء الأربعاء الماضي، بعد أن توقف الحراس عن تزويدهم بالسكر لخلطه مع الماء أثناء الامتناع عن الطعام.

طالب اللجوء، الذي يقول إن لديه عائلة في المملكة المتحدة، قال لهيئة البث والإذاعة البريطانية إن آخر لقاء له مع مسؤولي الهجرة كان حول إنهاء إضرابه عن الطعام، “آخر شيء قالوه لي كان ‘تناول الطعام حتى تتمكن من ركوب الطائرة بصحة جيدة'”.

محتجز آخر من سوريا، مطلوب في بلاده لأداء الخدمة العسكرية، قال لـ”بي بي سي” إنه “مستعد للموت، لكن لن يتم نقله إلى رواندا”.

وأضاف “عندما سمعت نبأ ترحيلنا إلى رواندا وأننا سنحصل على تصريح إقامة لمدة خمس سنوات هناك بدأت في ضرب نفسي”.

وقال محتجز مصري كان من بين المضربين الـ17 عن الطعام “لم أحصل على لقاء مع وزارة الداخلية دون أن أضرب عن الطعام مرتين”.

وفقا للمحتجزين، قامت السلطات في مركز احتجاز “بروك هاوس” بمصادرة الهواتف الذكية المزودة بكاميرات، وزودتهم فقط بهواتف لا يمكن استخدام الإنترنت بواسطتها.

UK Home Secretary Priti Patel travelled to Rwanda to sign the deal

صحة المحتجزين في صلب اهتمام الداخلية

وردا على أسئلة حول الإضراب عن الطعام داخل المركز، قال متحدث باسم وزارة الداخلية “إن صحة ورفاهية من هم في مراكز احتجاز المهاجرين لها أهمية قصوى”.

وأورد “نتخذ كل الإجراءات لمنع أحد من إيذاء نفسه أو الانتحار، وفريق رعاية متخصص في كل مراكز إزالة المهاجرين، مسؤول عن تحديد الأفراد المعرضين للخطر وتقديم المساعدة لدعم احتياجات الأفراد”.

وبعد إدخال قانون الجنسية والحدود في نيسان/أبريل الماضي حيز التنفيذ، ستنقل الحكومة إلى “دولة ثالثة آمنة”، رواندا في هذه الحالة، مسؤولية توفير اللجوء للذين يصلون إلى المملكة المتحدة عبر طرق غير نظامية، مثل عبور المانش على متن قوارب من فرنسا.

وضمن بنود الاتفاق، تلتزم بريطانيا بدفع مبلغ 120 مليون جنيه إسترليني (حوالي 140 مليون يورو) إلى رواندا، مقابل استقبال طالبي اللجوء المرحلين.

توقعات بعدم الالتزام بتاريخ الترحيل

مع كل ما سبق، وعلى الرغم من إصرار السلطات البريطانية على تطبيق الاتفاق، إلا أن الكثير من العقبات ما تزال ماثلة دون تطبيقه. متابعون لقضية الهجرة في بريطانيا تحدثوا مرارا عن الصعوبات القانونية المرتبطة بالتنفيذ، والمتعلقة بعد وجود تطبيقات تشريعية تسمح للسلطات بالمضي قدما في تلك الخطوة.

ستيفن غاليفر أندرو، المحامي الختص في قانون الهجرة في بريطانيا، قال لـ”بي بي سي” إنه يعتقد أن الحكومة لن تتمكن من الالتزام بموعد 14 حزيران/يونيو لتسيير أول رحلة ترحيل.

 وأورد المتخصص القانوني أن “القانون الذي يسمح للحكومة بذلك لا يبدو أنه سيدخل حيز التنفيذ قبل 28 حزيران يونيو 2022″، أي بعد التاريخ الذي حددته الداخلية البريطانية.

وأضاف “ما يفعلونه يمكن أن تتم عرقلته. هم يعلمون ذلك ويتوقعونه”.


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية