وول ستريت جورنال: تسارع إعادة الاصطفاف الجيوسياسي في الشرق الأوسط لمواجهة إيران

توضح القمة الدبلوماسية الأولى من نوعها في إسرائيل العلاقات الجديدة التي يتم بناؤها في جميع أنحاء المنطقة حيث تعيد الولايات المتحدة التفكير في دورها الأمني في الشرق الأوسط

Negev summit

قمة النقب تلخص التغيرات في التحالفات وعمليات الاصطفاف التي جمعت المسؤولين العرب والإسرائيليين والأمريكيين معا ولأول مرة في إسرائيل للتفاوض وتوسيع شراكتهم المزدهرة.

وقال المسؤولون العرب والإسرائيليون إنهم يناقشون شراكة أمنية غير مسبوقة وعلاقات عسكرية واقتصادية واستراتيجية مشتركة ضد إيران.

وما يدفع عمليات ترتيبب العلاقات في المنطقة المفاوضات غير المكتملة مع إيران بشأن ملفها النووي، والصدع الجديد حول الحرب الأوكرانية ودعم دول المنطقة للموقف الأمريكي، في وقت تحاول فيه إدارة جو بايدن إقناع كل من إسرائيل والسعودية دعم موقفها من المحادثات مع إيران وعزل روسيا.

وجمعت القمة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ووزراء خارجية إسرائيل والمغرب والبحرين والإمارات ومصر، وأضيفت الأخيرة لقائمة المشاركين في اللحظة الأخيرة كإشارة عن استعداد القاهرة لعلاقات أكثر دفئا مع إسرائيل.

وعلق بلينكن يوم الأحد: “منطقة مستقرة ومندمجة تعطينا قاعدة قوية لمواجهة التهديدات المشتركة مثل هذه”، وقال إن الاجتماع لم يكن ممكنا قبل سنوات.

وستشهد محادثات الاثنين مناقشات حول إمكانية تحويل اتفاقيات أبراهام إلى تحالف عسكري رسمي والدور الذي يمكن للولايات المتحدة لعبه فيه.

إن الموضوع الإسرائيلي- الفلسطيني، والذي أبعد إسرائيل عن جيرانها سيكون من ضمن البنود على طاولة النقاش، ولكنه لن يكون الموضوع الأهم للاجتماع.

أمير حايك، السفير الإسرائيلي في الإمارات قال: “أهم قضية هي الجلوس معا” و”يقول للعالم إننا متحدون في المنطقة”.

وتقول الصحيفة إن إسرائيل وشركاءها العرب الجدد يقومون بتسريع المحادثات المتركزة حوب أنظمة الدفاع الجوية والصاروخية التي تهدف لمواجهة إيران وترسانتها من الأسلحة متوسطة المدى والمسيرات القتالية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي قوله إن السعودية التي لم تقم بالتطبيع مع تل أبيب أقامت علاقات عسكرية سرية وثيقة مع إسرائيل.

وراقبت السعودية والإمارات المنشآت النفطية في أراضيها تتعرض للهجمات من الجماعات التي تدعمها إيران في اليمن والمنطقة وبرد رمزي من أمريكا.

وتزامن اللقاء مع تدهور الوضع الأمني في إسرائيل، وهجمات في بئر السبع والأحد في الخضيرة. وشجب الوزراء العرب المشاركين في الاجتماع الهجوم الأخير عبر دائرة الشؤون الخارجية الإسرائيلية.

وفي الأسبوع الماضي سافر رئيس الوزراء نفتالي بينيت إلى شرم الشيخ واجتمع مع الرئيس عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبو ظبي، حيث ناقش المسؤولون التعاون الأمني والاقتصادي ومواجهة إيران حسب مسؤول على اطلاع بما دار في اللقاء.

وكانت العودة للاتفاق النووي أهم ملمح في سياسة بايدن الخارجية، إلا أن الموضوع مثير للانقسام في الشرق الأوسط، حيث تعارضه إسرائيل ومعظم الحكومات العربية. ويخشون من أن يؤدي رفع العقوبات عن إيران إلى تشجيعها على توسيع نشاطاتها في الشرق الأوسط، وفي أعقاب خروج بايدن المتعجل من أفغانستان.

وسيقدم بلينكن للوزراء المشاركين إيجازا حول مسار المفاوضات في فيينا.

ويقول المسؤولون الإيرانيون والأمريكيون إنهم يقتربون من توقيع اتفاقية، ولكن ما يمنع التوقيع هو موضوع شطب الحرس الثوري الإيراني عن قائمة الإرهاب.

وتقول الصحيفة إن العداءات القديمة والعلاقات تتغير بشكل تعيد تشكيل العلاقات الجيوسياسية في المنطقة. فقد عادت قطر إلى الحظيرة الخليجية بعد ثلاثة أعوام من الحصار الذي فرضه الجيران عليها. وعادت السعودية والإمارات للتواصل مع تركيا، بعد سنوات من العداء. وتقود الإمارات الجهود العربية لإعادة العلاقات مع نظام بشار الأسد، برغم وحشيته في الحرب الأهلية.

وفي علامة أخرى، هي تبني كل من إسرائيل ودول الخليج الحياد من الغزو الروسي لأوكرانيا، رغم الدعوات الأمريكية لها لكي تدعم جهودها. وتحدث ولي عهد السعودي وأبو ظبي مع بوتين ورفضا تلقي مكالمة من بايدن، قبل الغزو.

ودعت الرياض الرئيس الصيني شي جين بينغ لزيارة السعودية ومناقشة بيع النفط لبيجين باليوان، كما كشفت الصحيفة.

وعمقت دول الخليج علاقاتها مع روسيا وتعاونت معها في مجال الطاقة من خلال تحالف (أوبك +) والذي لم يفعل أي شيء لمنع ارتفاع أسعار النفط. وفي الوقت نفسه طورت السعودية والإمارات علاقات دبلوماسية واقتصادية مع إيران في محاولة لرفع الرهانات في أي نزاع إقليمي، وتم تعليق المحادثات هذه بعد أكبر عملية إعدام جماعية في تاريخ السعودية وشملت عددا من الشيعة.

وقال ستيفن كوك، الزميل في مجلس العلاقات الخارجية: “لم يعودوا يعولون على فكرة تقديم أمريكا الأمن لهم كما كانوا في السابق”، و”كل الحوافز تسير بالاتجاه المضاد على ما يبدو”.

ويأمل المسؤولون الأمريكيون أن يخفف الاتفاق مع إيران من التوترات، لكنه سيعود حال فشل الطرفان بالتوصل لاتفاق أو زدات طهران وحلفاؤها من الهجمات على المنشآت النفطية في الخليج.

وعندما تعرضت الإمارات لهجمات من الحوثيين، استخدمت البتاغون مقاتلات أف-22 لإسقاط الصواريخ التي أطلقها الحوثيون، وزار قائد القيادة المركزية كينث ماكنزي أبوظبي لتقديم التطمينات للقيادة هناك. وتصدى بايدن لمظاهر القلق الأمني أثناء زيارة لأمير قطر إلى البيت حيث طلب من لويد أوستن، وزير الدفاع عمل كل شيء من أجل توصيل دعم الولايات المتحدة للإمارات والسعودية ودول الخليج.

لكن هذه الدول مع إسرائيل تخشى من تخفيف العقوبات على إيران بشكل تستخدم فيه موارد النفط للإنفاق على وكلائها في لبنان واليمن والعراق.

وقال مسؤول أمريكي إنه بدلا من تخفيف المخاوف في المنطقة، فقد تؤدي الاتفاقية النووية إلى زيادة التوتر وجرأة المتشددين الذين سيزيدون من الضغط على شركاء أمريكا في المنطقة.

وربما تبنت إيران مدخلا هادئا في الأشهر الأولى من توقيع الاتفاقية حيث تحاول إحياء قطاعها النفطي واقتصادها الذي شلته العقوبات القاسية. ولو كانت المحادثات ناجحة فقد تؤدي إلى مشاورات حول أمن الخليج تشمل إيران.

ولم يستبعد المسؤولون الأمريكيون والإيرانيون مزيدا من المحادثات بعد توقيع الاتفاقية لحل القضايا العالقة.

وترى الصحيفة أن التجمع في النقب يشير إلى تراجع فكرة ربط التطبيع مع إسرائيل بحل المشكلة الفلسطينية. ولكن الأردن الذي دعي للمؤتمر لم يرسل وزير خارجيته، وسيزور ملك الاردن عبد الله الثاني رام الله يوم الإثنين ويجتمع مع رئيس السلطة الوطنية، محمود عباس، وسيجتمع كلاهما مع السيسي في عمان، يوم الثلاثاء.

ولخوفها من إغضاب حلفائها في المنطقة فقد التزمت السلطة الوطنية الصمت حيال اجتماع النقب، ولم يرد المسؤولون الفلسطينيون على أسئلة الصحيفة.


  By David S. Cloud in Dubai, Dov Lieber and Stephen Kalin

The Wall Street Journal


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية